بقلم جمال البوزويكي

اعتمدت مفردة ANTIFA في قواميس أوكسفورد المختلفة سنة 2017 و تُعَرِّف هذه الكلمة على أنها اختصار للكلمة الألمانية antifaschistisch و تعني مناهضة الفاشية، وقد كان تسريب أعضاؤها سنة 2014 لوثائق حكومية ما أدخل الكلمة في الاستخدام الرسمي.

تاريخيا وبعد تنامي سلطة بينيتو موسوليني في ظل حزبه الفاشي في منتصف عشرينيات القرن الماضي ، ظهرت حركة معارضة للفاشية في إيطاليا و الولايات المتحدة بريطانيا وكندا انخرط بها العديد من القادة المناهضين للفاشية من النقابيين والفوضويين والاشتراكيين المهاجرين من إيطاليا من ذوي الخبرة في تنظيم العمل السياسي. لذا تعتبر أنتيفا في أمريكا نفسها خليفة للمناهضين للنازية في الثلاثينيات.

ظهرت الحركة و تقوت في ألمانية بظهور النازية الجديدة بعد سقوط جدار برلين. حيث جدد اليساريون الشباب ، بما في ذلك الأناركيون والمشجعون الرياضيون ، مناهضة الفاشية على مستوى الشارع. يكتب كاتب العمود بيتر بينارت أنه "في أواخر الثمانينيات ، بدأ مشجعو punk يساريون في الولايات المتحدة يحذون حذوهم ، على الرغم من أنهم أطلقوا في البداية على مجموعاتهم اسم مكافحة العمل العنصري (ARA) مؤمنين بنبوءة أن الأمريكيين مقبلين على حقبة مكافحة العنصرية أقرب مما سيكون عليه وضع أوروبا في محاربة الفاشية ".

مؤرخ كلية دارتموث مارك براي ، مؤلف كتاب Antifa: The Anti-Fascist Handbook ، يتحدث عن تطور الحركة في أواخر الثمانينيات والتسعينيات ، حيث قام نشطاء ARA بجولة مع فرق الروك و فناني الشوارع من أجل منع Klansmen ، والنازيين الجدد وغيرهم من تمرير مواقفهم عبر المحافل السياسية و الثقافية، كان شعارهم هو "نذهب إلى حيث يذهبون" اذ قصدوا أنهم سيواجهون نشطاء اليمين المتطرف في الحفلات الموسيقية والندوات ويزيلون موادهم بمواجهات سياسية. في سنة 2002 ، عطلت ARA خطابًا في بنسلفانيا لـ"ماثيو إف هيل" رئيس المجموعة العالمية لكنيسة الخالق ، مما أدى إلى قتال اعتقل على اثره خمسة وعشرين شخصا، حيث سيكون هذا الحدث تأسيسا لواحدة أخرى من أقدم مجموعات Antifa في الولايات المتحدة وهي Rose City Antifa ، التي تم تشكيلها في بورتلاند ، أوريغون في عام 2007.

ويضيف "مارك براي" :"الغالبية من التنظيمات المناهضة للرأسمالية غير عنيفة، هذا ما يجعل من ANTIFA حركة متميزة ذات تأثير خطير في أقصى اليسار، و قد ازدادوا قوة بعد انتخابات 2016 التي شنوا فيها أقوى حملات المقاطعة مما جعل أطر جامعية و معرفية تلتحق بهم سرا و أمام عجز الأجهزة عن القيام بأي اجراء".

خلال احتجاجات بيركلي في 27 أغسطس 2017 ، انضم ما يقدر بمائة متظاهر من أنتيفا إلى حشد من 2000 إلى 4000 متظاهرين آخرين لمواجهة المتظاهرين من اليمين البديل وأنصار ترامب في مسيرة "قل لا للماركسية" الشهيرة و التي تم إلغاؤها من قبل المنظمين لأسباب أمنية. هدد المتظاهرون بتحطيم كاميرات أي شخص قام بتصويرها. قام جيسي أريجوين ، عمدة بيركلي ، بتصنيف انتفاضة المدينة على أنها تمرد و شغب عصابة. ألغت مجموعة باتريوت اليمينية المتطرفة حدثًا آخر في سان فرانسيسكو في اليوم نفسه بعد احتجاجات مضادة. وألقى جوي جيبسون ، مؤسس باتريوت ، باللوم على أنتيفا ، مستغيثا بـ (BAMN) وفرق التدخل السريع، لتفريق الحشد.
(... اختصار)
آخر نشاط للحركة قبل ظهورها في انتفاضة المدن الأمريكية الأخيرة كان في فبراير 2019 ، حيث نظم المناهضون للفاشية مسيرة احتفالية مرت عبر ستون ماونتن ، جورجيا ... كرد على مسيرة التفوق الأبيض والكونفدرالية الجديدة التي خطط عقدها في متنزه ستون ماونتن المجاور . سعت مجموعات التفوق الأبيض في الأصل إلى جذب الانتباه من خلال السير في جبل ستون ، وهو نحت تاريخي ينسب للكونفدرالية ، خلال عطلة نهاية الأسبوع المعروفة في أمريكا بالحدث الرياضي الكبير السوبر بول. تجاهلت كلا الجماعتين رفض الحديقة التصريح بالدخول بسبب "الخطر الواضح والموجود على الصحة و السلامة العامة" ، وقد تم إحباطها بأن أنهى Facebook و Twitter حساباتهم وصفحاتهم المنظمة ، وتراجع أحد قادة المجموعة بسبب "مخاوف من العنف و الاشتباك مع المتظاهرين المضادين ". بعدها ، سار أكثر من 100 ناشط مضاد للحركة الفاشية في مسيرة ادعوا فيها السلمية عبر القرية المجاورة ، لكن سرعان ما أحرقوا دمية "كلانسمان" بمجرد الوصول وهتفوا بشعار واحد "ليلة سعيدة ، أيها اليمين البديل" و "الموت لكلان" ، ليختتموا السير إلى تجمع آخر للحقوق المدنية في بيدمونت بارك التي عقدتها NAACP و SPLC.

تتبنى الحركة المواجهة السياسية و العسكرية مع الفاشية و تجرم العمل الحزبي و المؤسساتي، أهم ما تعرف به الحركة توفرها على نخبة لايستهان بها من قراصنة الويب و المبرمجين لدرجة اعتبارهم في المحاكم الأمريكية كقراصنة جرائم معلوميات حيث اعتقل العديد منهم بعد تسريبات 2014 المعروفة بويكيليكس، و تطالب الحركة بالكشف عن معتقليها الذين تزعم المحاكم الأمريكية أنها أفرجت عنهم، انتشرت تجربتهم الاعلامية لتشمل نسخا عالمية كنسخة "أنونيموس العربية" و "XR الروسية" ...

توجد مجموعات أنتيفا أخرى في الولايات المتحدة لديها أنساب أخرى ، على سبيل المثال "في مينيابوليس" ، "مينيسوتا" ، ومجموعة بالديز التي تأسست في عام 1987 و تهدف الى محاربة الجماعات النازية الجديدة سياسيا و عسكريا بشكل مباشر.