توطئة.
ان سؤال المدرسة المغربية كان في صلب النقاش السياسي و المجتمعي بالمغرب الراهن, بداية تحت الحماية, عبر صراع من اجل مغربة و جندرة المدرسة, مرورا مع بداية الاستقلال , عبر عبر الصراع بين السلطة و المعارضة من اجل "استقطاب النخب", و أخيرا مند 15 سنة تقريبا, حيث كل مكونات المجتمع تستنكر "افلاس" المنظومة التربوية المغربية.
لقد دفت هده الملاحظة الأخيرة, و المعترف بها علنيا من طرف الدولة, الى تعيين لجنة خاصة – اللجنة الخاصة بالتربية و التعليم – و التي انتهى عملها بإصدار "الميثاق الوطني للتربية و التعليم" في 1999. كان من المفروض ان يفضي هدا الميثاق, الدي حقق الاجماع تقريبا, الى اصلاح شامل للمنظومة التربوية. 15 سنة بعد دلك, لاتزال المنظومة التربوية "مريضة" اكثر و يطرح النقاش من جديد, الا انه اليوم, يطرح حول نقطة محورية واحدة : لغة التدريس. ان عمق الموضوع بعيد عن النقاش, كما ان المسؤوليات غير محددة في هده الوضعية الكارثية التي تجعل من المغرب "التلميد البليد" في المنطقة (بتعبير تقرير اليونيسكو 2008 حول واقع التعليم بالمنطقة العربية).
ان حركة انفاس تضع اصلاح المدرسة المغرية كتيم مركزية للمغرب الراهن. المدرسة هي نواة المشروع المجتمعي. و نحن نخلد مئوية المدرسة المغربية, في شكلها الحديث, نلاحظ بكثير من الأسف, ان هده المؤسسة الفريدة على سلم الوطن, و التي من شانها ان تلقن للأجيال القادمة, بالإضافة الى التعاليم, قيم العيش المشترك, انها فاشلة خصوصا في هده المهمة؟
ان المدرسة المغربية, نظرا لوضعها المركزي, يجب أساسا ان تكون مؤسسة أساسية لتمرير و تلقين قيم المشروع المجتمعي الوطني, و مصعدا اجتماعيا, و حلقة ضرورية للتنمية الثقافية و الاجتماعية ة الاقتصادية بالمغرب.
" يظهر ان المدرسة لا تلقن الا القليل من قيم الحق و المواطنة و الاحترام التي تسهل الاندماج الاجتماعي الجيد للمتعلمين. و الدليل على دلك تعدد عدد من السلوكات اللاحضارية كالعنف و تخريب الممتلكات او بشكل اكبر تسفيه الغش بالامتحانات" (تقرير المجلس الأعلى للتعليم 2008).
ان الدولة, كما نتصورها نحن, يجب عليها ان تتحمل مسؤولية من الدرجة الاولي في هدا القطاع.
ان المدرسة المغربية سائرة في افلاسها. انها اليوم تديم الفوارق الاجتماعية و لا تضمن البتة تساوي الفرص : لا وجود للاختلاط الاجتماعي, انعدام الرؤية لدور المصعد الاجتماعي, فوارق في الولوج للثقافة و العلوم, ...
ادا كانت مسؤولية الدولة واضحة بشكل كبير و بلا منازع في افلاس المنظومة التربوية, فان للفاعلين الاخرين (الجسم التربوي, النقابات, الإباء, ...) نصيب من المسؤولية.
كل على حدة, اليوم, يتنصل من مشكل المجموعة و يحاول ان يجد حلا على المستوى الشخصي. الطبقة المتوسطة العليا, النخبة, رجالات الدولة, ... يبحثون عن مسارات دي حظوة لصالح دريتهم. يا ترى من من غير نخبة بلد ما له القدرة ان يستنكر و يعمل و يفكر في مستقبل المنظومة التربوية؟ كيف نصلح المدرسة و من يحملون هده المهمة على عاتقهم لا يثقون فيها و يجنبون لابنائهم مسار الأغلبية من المغاربة؟

لمادا هده الورقة حول المدرسة المغربية؟
ان المدرسة توجد في صلب انشغالات حركة انفاس الديمقراطية, بالنطر الى دورها الهام في بناء مجتمع المواطنين و المواطنات الدي ننشده, و وعها كخدمة عمومية مركزية و مهمتها في تكوين المغاربة خدمة لتنمية البلد.
لقد عرضنا ميثاق المواطنة, كتيمة مركزية لانفاس, في ورقتنا "اصلاح الضريبة من اجل ميثاق المواطنة" و دكرناه في ورقتنا "قطاع الصحة : الخروج من النسقيات المعهودة", و سيكون مرة أخرى معروضا في هده الورقة الخاصة بالتربية.
مجتمع المعرفة, الانفتاح الثقافي و التقدم الدي ننشده لبلدنا يمر حتما عبر مدرسة جيدة.
يمر المغرب في 2014 بسنة هامة من الناحية الديمغرافية. انها سنة الانعطاف الديمغرافي و التي يمكن ان تكون فرصة للبلد. يجب الوعي بهدا و استغلال هده الفرصة الفريدة بالنسبة للوطن, خصوصا عبر التربية و التعليم.
خلال بضع سنوات, ستتغير مشاكل اليوم. ان ما يقع اليوم بخصوص صناديق التقاعد, سواءا بسبب نقص استشراف الاصلاح او غياب الشجاعة السياسية لدلك, لدليل قاطع للتغييرات القادمة.
في هده الورقة الأولية, سنحاول اقتراح نقط كيفية لتحسين المنظومة التربوية. الاحصائيات, و التي هي متوفرة بالوزارة و مندوبية التخطيط, ... تساق في هده الورقة للاستئناس. ان الأهم هو إيجاد الطموح و الرؤية لوضع المدرسة في مركز مشروع مجتمع المواطنين و المواطنات و مجتمع المعرفة.

تاريخ و كشف
تاريخ سياسي.
خلال الحماية, كانت المدرسة في وسط الكفاح من اجل الاستقلال. في كل الانحاء, انشا الوطنيون مدارس من اجل تكوين نخب المغرب المستقل. و عند الاستقلال, بقيت المدرسة في صلب الصراع الديمقراطي. من 23 مارس 1965 الى المسيرات الأخيرة ل 20 فبراير 2011, من الغاء السوسيولوجيا الى الحاق "الفكر الإسلامي" بالفلسفة, من التعريب الى "بولسة" الجامعات, ... كانت التربية ميدان معركة أيديولوجية محضة و سياسية.

كشف.
نقدم اسفله بعض الاحصيائيات التمثيلية :
نقط إيجابية :
+ حققت نسبة التمدرس بالابتدائي نسبة 94 بالمائة سنة 2007, و هو ما يقربنا من التعميم. نسبة تمدرس الفتيات بلغ 88 بالمائة سنة 2007 مقابل 62 بالمائة سنة 2000.
+ بلغت نسبة الامية للساكنة البالغة 10 سنوات فاكثر بالمغرب 28 بالمائة سنة 2009 مقابل 43 بالمائة سنة 2004.
+ بلغت نسبة المتعلمين من الفئة العمرية ما بين 15 و 24 سنة بالمغرب 84,6 بالمائة سنة 2012 مقابل 58 بالمائة سنة 1994.
ملاحظات اندارية :
+ ان المغرب ينفق كثيرا في ميدان التربية : في سنة 2005, بلغ الانفاق لكل تلميد 23 بالمائة من الناتج الداخلي الخام لكل نسمة, مقابل 13,3 بالمائة كمعدل للدول العربية و 12 بالمائة بتركيا و 18 بالمائة بفلندا و كوريا الجنوبية ( المقارنة مع هاته الدول مهمة : قبل 50 سنة كان لدينا تقريبا نفس المؤشرات في ميدان التعليم).
+ و نحن نتطلع عبر المدرسة الى بناء مجتمع المعرفة, لا يتعدى المعدل الخام للتمدرس بالتعليم العالي 11 بالمائة بالمغرب سنة 2008 مقابل 48 بالمائة ببنان.
+ ان معدل الهدر المدرسي مرتفع جدا بالمغرب : من كل 100 تلميد يلجون الصف الأول ابتدائي, يحصل 13 تلميد فقط على الباكالوريا. كما ان نسبة التكرار جد مرتفعة : 13 بالمائة بالابتدائي (17 بالمائة بالصف الأول), 17 بالمائة بالثانوي. نسبة الهدر : 5,7 بالمائة بالابتدائي, 14 بالمائة بالاعدادي و الثانوي. يكلف التكرار ما يقارب 3,8 مليار درهم و الهدر 2,5 مليار درهم.
+ تتعدى نسبة البطالة لدى الشباب الحاصل على شواهد ( اقل من 30 سنة ) 20 بالمائة

توصيات
ان حركة انفاس, وعيا منها بان المهمة مركبة, تساهم في هدا النقاش المجتمعي انطلاقا من مهامها. يجب ان تكون المدرسة الورش الأساسي للعشرية القادمة. يجب ربط و تقييم كل الحكامة على أساس مؤشرات المنظومة التربوية.
انطلاقا مما سبق و من مثن القيم المؤسسة للحركة الواردة في إعلانها السياسي, توصي انفاس ب :
+ المحور 1 – المدرسة في صلب مجتمع المواطنين و المواطنات : على الدولة وضع المدرسة في صلب المشروع المجتمعي المبني على قيم التقدم و احترام الحقوق الأساسية و ثقافة الاختلاف. اننا نعتقد ان المهمة الأساسية للمدرسة حتى سن 15 سنة, بالإضافة الى تلقين القراءة و الكتابة و الحساب, هو تكوين مواطن فخور ببلده, حامل للقيم الكونية. في كلمة واحدة : تلقين أسس العيش المشترك.
* القيم : يحصل التلاميد عبر المدرسة على مثن قيم المواطنة و التحضر و التسامح.
* اللغة : يجب القيام بكل المبادرات من اجل يتقن التلاميد اللغات الرسمية و اللهجات المحلية و اللغات الأجنبية الحية.
* المدرسون : يجب ان جسم المدرسين محركا لكل اصلاح, كما يجب ان يكون مثالا للقيم الملقنة. مهنة المدرس يجب ان يعاد اليها الاعتبار, معنويا بداية, و ماديا بعد دلك.
* الإباء و الاولياء : يجب عليهم ان يتحملوا مسؤوليتهم في تلقين القيم و في حياة مدرسة أبنائهم و تاطير الناشئة.
* المجتمع المدني : على المدرسة ان تنفتح على محيطها و خصوصا على المجتمع المدني. يجب على الدولة ان تسمح للجمعيات بالولوج الى البنية التحتية للمدارس مقابل تنشيط الحياة التلاميدية و تاطير التلاميد و اشعاع المدرسة.
* التاريخ الراهن و مسار المصالحة : عرف المغرب خلال ال 100 سنة المنصرمة تاريخا غنيا.من مسار التحرر الوطني الى "الحقيقة و الانصاف" او "الانتقال الديمقراطي". ان هجا التاريخ الراهن يجب ان يلقن للأجيال الجديدة كاساس للدولة – الوطن.
+ المحور 2 – مدرسة تكافئ الفرص : ان المدرسة اليوم ليست واحدة للجميع. تستمر النخبة في بعث دريتها الى مؤسسات حيث السلوكيات و القيم ... تختلف عن العامة. انه على المدرسة ان تلقن ضرورة موادا موحدة للجميع, خصوصا على مستوى القيم. بالإضافة لهدا, يجب السماح لكل لتلاميد بالولوج لنفس البنية التحتية (الثقافية و الرياضية و ...). هكدا يمكن ان يتحقق الاختلاط الاجتماعي و تعاد الحياة للمصعد الاجتماعي.
* البنية التحتية : السماح للتلاميد و الطلبة بالولوج الى البنى التحتية الرياضية, و الثقافية, ... للمؤسسات التعليمية في أي مكان, عبر بطائق التلميد / الطالب, مقرونة بتامين. هاته البطائق تكون أيضا ورقة للولوج للتخفيضات (المطاعم, القطارات, ...) المخولة من طرف الخواص الدين يريدون الاستفادة من السوق الكبير للتلاميد و الطلبة. او عبر معونات من الدولة.
* البرنامج : يجب وضع مواد اجبارية للجميع, في كل المستويات الدراسية, و خصوصا في ميادين التاريخ و الفن و الثقافة.
* اللغة : العمل على تخفيض فوارق مستويات التمكن من اللغات الأجنبية بين المتمدرسين. اشراك المجتمع المدني و الإباء و ... من اجل دروس الدعم

* الضريبة : تماشيا مع توصيانتنا في ورقة "اصلاح الضريبة من اجل ميثاق للمواطنة", اعتماد عفاءات ضريبية للاسر التي تستثمر في تربية أبنائها, و في الأنشطة الموازية للمدرسة. عموما, ربط كل الامتيازات الاجتماعية ( مساعدات مباشرة, مقاصة, إعفاءات ضريبية, ...) بتعليم الأطفال.
+ المحور 3 – مدرسة المعرفة : يعيش المغرب سنة 2014 سنة الانتقال الديمغرافي, و التي هي فرصة تاريخية ليس لها مثيل. كل الدول التي عرفت تطورا اجتماعيا و اقتصاديا استفادت من هده الفرصة. للمغرب مؤهلات كبيرة و عليه مرافقة شبابه الى مجتمع المعرفة, و دلك بتشجيع البحث العلمي و الابجاع الثقافي و الفني ...
* البحث و التنمية : وضع تشجيعات للمقاولات التي تستثمر في البحث و التنمية. و بالموازاه, على الجدولة ان تحدد التوجهات الكبرى (لكل جهة على حدة) للميادين دات الأولوية.
* الادماج التكنولوجي : في مقابل منخ صفقات الى مقاولات اجنبية, فرض جزء للادماج الصناعي, يمر عبر المراكز الجامعية من اجل التحصيل التكنولوجي.
* الابداع : تحديد سياسية ثقافية شاملة حيث المركز هو المدرسة و الجامعة. يجب ان تتوفر هده السياسة على اهداف مرقمة و طموحة بالنسبة للمراكز التربوية : عدد المنشورات, عدد المسرحيات, ...
* التكنولوجيا الحديثة : ان مدرسة الغد ستكون لامحالة تكنولوجية. يجب على المغرب ان يستشرف هدا المعطى, عبر احداث مؤسسات نمودجية بتقنيات حديثة (مناظرات رقمية, سبورة رقمية, حواسيب, ...) و بالموازاة ادماج استعمال الاعلاميات و الانترنت ... بشكل مكثف في المؤسسات التعليمية.

+ المحور 4 – خلق الثروة : على المدرسة المغربية ان تساهم في تطور اقتصاد البلد. لهدا يجب تطوير مساهمة المواطنين و الرفع من القيمة المضافة محليا :
* القابلية للتشغيل : في مقابل معاينة عدم ملاءمة مسارات الشباب الحاصل على شواهد, إنجاح نمادج إعادة الادماج التي أعطت نتائج مشجعة بمؤسسات عديدة.
* المسلكيات : تنظيم المسلكيات بين كل الشعب. لكل تلميد / طالب, في أي مستوى, الحق في تغيير توجيهه, خصوصا من اجل تحسين القابلية للتشغيل.
* إعادة التاهيل : السماح لكل المواطنين بالعودة الى صفوف المدرسة / الجامعة من اجل تحسين او تعميق دراستهم و انشاء تحفيزات (منح, إعفاءات ضريبية, ...) لفائدة المواطنين المواولين لمهنة ما و الدين يستثمرون في التكوين المستمر.

إجراءات استعجالية من اجل إعادة الثقة في المنظومة التربوية.
بالموازاة مع توصياتنا المقدمة للنقاش حول التربية و التعليم, نطالب بان تطبق اجراءات استعجالية من اجل إعادة الثقة في المنظومة التربوية المغربية :
+ ترجمة تعهد السلطات العمومية بإصلاح المنظومة التربوية (خطب ملكية, تصريح حكومي, ...) الى إجراءات عملية على مستوى كل مؤسسة وزارية و كل جهة.
+ اشراك المجتمع المدني و النقابات ... في مسار إرساء المجلس الأعلى للتعليم. يجب ان يتحمل هدا المجلس, بالإضافة الى المهام الاستشارية, المهام الاتية :
* تاطير الأهداف و متابعتهم.
* تنقيط و تصنيف المؤسسات التعليمية (عمومية او خاصة).
* مراقبة الاندماج الاجتماعي : فرض نظام منح في المؤسسات الخاصة لفائدة التلاميد / الطلبة المتفوقين.
* إرساء ميثاق للمواطنة, حيث الكل ( مواطنين, مقاولات, جمعيات, نقابات, اساتدة, ...) يتعهد بالمشاركة في الجهد الجماعي لاصلاح المنظومة التربوية.
+ إرساء تشجيعات ضريبية لفائدة الاسر التي تسثمر في تعليم أبنائها في المؤسسات المصنفة ( على أساس البرامج و البنية التحتية و المنح و الادماج الاجتماعي ...)
+ منح مساعدات مباشرة للاسر المعوزة في مقابل تمدرس أبنائها و بالتناسب مع النتائج المحصل عنها, في تعويض, كامل او جزئي, لنظام المقاصة الحالي.
+ اطلاق حملة إعلامية من اجل تشجيع المواطنين و الجماعات على التوقيع على ميثاق المواطنة (انظر النقطة 2) و دلك لتشجيع دمج المواطنين و الفاعلين في استراتيجية جعل المدرسة في صلب المشروع المجتمعي.
حركة انفاس الديمقراطية, في 23 يناير 2014.