ناصر موحى
في كل أزمة تحدث بين المغرب وفرنسا تعود الاسئلة الغائبة الحاضرة الى الواجهة حول طبيعة العلاقة التي تربط الجمهورية الفرنسية بمحميتها ومستعمرتها السابقة المملكة المغربية في الزمن الحاضر . في أسبوع واحد انفجر لغمين مازالت شظاياه توقع جروحا في جسدي السياسة المغربوفرنسية .
1 القضاء الفرنسي يرسل كتيبة من الشرطة للسفارة المغربية بباريس لإحضار الجاسوس الاول في مملكة محمد السادس عبد اللطيف الحموشي مدير المخابرات الداخلية للإستماع إليه في قضايا التعذيب تعرض لها مغاربة مجنسون في مقراتها بالمغرب .
2 سينمائي إسباني يصرح أن السفير الفرنسي بواشنطن اسر له ذات يوم مامعناه أن المغرب كعشيقة سرير ننام معها دون ان نحبها لكن علينا حمايتها .
كثير من المغاربة تعاملوا مع الحدثين بعاطفة شديدة لذلك تراهم يركزون على الحدث الثاني ويتناسون الحدث الاول مع أن ضحاياه يعدون بالعشرات ممن أجلسوا على القراعي وعذبوا بالكهرباء في المقر السري تمارة الذي لايبعد عن القصر الملكي الا ببضع كلومترات . ينددون بوصفنا عشيقة ويعتبرونه تمريغا لكرامة الشعب وإهانة لسيادته وتنقيصا لفحولته الذكورية لدرجة تفتقت فيه عبقرية البعض ورفعوا شعارا " المغرب ذكر وفرنسا مؤنث فمن العاشق والعشيقة ".
إستفزكم وصف العشيقة مع أن هذا الوصف يحمل كثير من الاحترام والندية . فالعشيقة إن لم تكن محبة كما العاشق فإنها تستغل الطرف الثاني لتقضي أغراضهافي علاقة تبادل المصالح . يعني علاقة مصالح متبادلة كأي دولتين مستقلتين حين لاتجد ماتريد من عشيقها تدردكه مع الدروج قائلة باب الحباب .
ماذا لو شقلبنا اوراق تاريخ العلاقات المغربية الفرنسية وتبين لنا أن العلاقة بين فرنسا والمغرب هي أقل من العاشق والعشيقة بكثير وأنها أشبه بعلاقة السيد وأمته أي عبدة منذ قرن من الزمن ؟؟؟
في 30 مارس 1912 وقع السلطان العلوي عبد الحفيظ على اتفاقية أملتها عليه السلطات الفرنسية لحماية عرشه ومن سيخلفه من هجمات القبائل الثائرة مقابل الاستحواذ على كل خيرات المغرب واستعباد ساكنيه . الفقرة الثالثة من الاملاء لم تترك مجالا للشك والغموض :
"حكومة الجمهورية الفرنسية تتعهد بمساندة صاحب الجلالة الشريفة ضد كل خطر يمس شخصه الشريف أو عرشه أو ما يعرض أمن بلاده للخطر. المساندة تشمل أيضا ولي عهده وسلالته."
أواسط غشت 1955 وقعت قيادات حزب الاستقلال بقرية سياحية اسمها إكس ليبان إتفاقية مازالت من اسرار الدولتين المغربية والفرنسية مع الحكومة الفرنسية سميت باسم القرية الفرنسية .ومن بنودها الخطيرة هي أن يحافظ حزب الاستقلال على مصالح فرنسا بالمغرب لمائة سنة بعد تاريخ المعاهدة مقابل تسهيل استحواذ قياداته على كل القطاعات التي سينسحب منها الفرنسيون . وقد اصبحت الاتفاقية سارية المفعول بتوقيع السلطان محمد الخامس على اتفاقية مكملة" لاسيل سان كلود " في طريق عودته من المنفى في نفس السنة وحصوله على تعويض عن منفاه قدره 600 ألف فرنك فرنسي . إتفاقية إكس ليبان سماها «غي مولي»، رئيس الوفد المغربي المفاوض في «إكس ليبان» ورئيس مجلس الوزراء الفرنسي، بالاستقلال داخل الاستقلال. زعما الحكم الذاتي الذي تسمعونه كثيرا هذه الايام .
3 خمسة واربعين سنة بعد إكس فضيحة وأقل من قرن بقليل على اتفاقية السخرة أي في صيف 1999 أثناء جنازة الحسن الثاني سيحضر الخال جاك شيراك رئيس فرنسا آنذاك لمراسيم دفن احد أكثر ملوك المغرب دموية . وسينفرد بخلفه محمد السادس ليقول له مامعناه " لقد أوصاني الراحل الحسن الثاني باش نتهلى فيك اونعاونك حتى توقف على رجليك ، والله وفرنسا معك .
بعد التعزية والدعم الشيراكي تعرفو ن البقية ، شركات فرنسا تستحوذ على قطاع الاتصالات وعلى التدبير المفوض لكبريات المدن المغربية وعلى صفقات الاسلحة وعلى الطرقات وعلى المناهج التعليمية حيث اصبحت لغة موليير هي رقم واحد في كل مؤسسات الدولة الاستراتجية ولغة رئيس الدولة في مخاطبة رؤساء الدول . شركات تمتص جهد المغاربة وعملتهم بدون تقديم خدمات في مستوى انتظاراتهم . تذكروا صفقة القطار الفائق السرعة والفضيحة الذي لم يكن في برامج الدولة قبل عقدها مع أمريكا صفقة تزويدها بطائرات إف 16 على حساب المصنع الفرنسي داسو . حيث مابغاوش إخسرو لخاطر للخالة فرنسا وقرروا منحها مشروع TGV حصريا دون اللجوء للمعمول به دوليا ووطنيا في مجال الصفقات والذي سيكلف المغاربة أكثر من 4 ملايير اورو .
المغرب إسيادنا بالمختصر المفيد بزاف عليه إوصل لمستوى العشيقة لفرنسا . المغرب بقرة يمتص الفرنسيون حليبها ويتركون قطرات منه للسخرة المغاربة ، بينما الشعب لايتلقى الا البراز أو الركلات .
المغرب جارية في قصر الاليزي ياسادة ودورها خدمة أي ساكن له وغضباتها مجرد ردات فعل يفتعلها أهل الجارية ليزيد السيد عطاياه لهم . فهل ستصرخون ضد السيد وضد من يتلقى مقابلا لسخرتها أم ستقضون نصف قرن آخر تتجادلون فيه حول من الذكر ومن المؤنث في علاقة العاشق والمعشوقة ؟