زكرياء مومني رياضي من أصل مغربي، بطل العالم للملاكمة التايلاندية، اختطف من طرف المخابرات المغربية عند وصول الرباط يوم 27 سبتمبر 2010 وتعرض للتعذيب لمدة 4 أيام في مركز تمارة ثم حكم عليه بثلاث سنوات سجنا بتهم ملفقة.
إثر شكوى السلطات المغربية يوم 25 مارس 2014 التي تتهم زكرياء مومني بافتعال ادعاءات كاذبة، أصبح واضحا أن السلطة المغربية قررت حماية الجلادين بدلا من إنصاف الضحايا، وهذا ليس غريبا عن دولة اللاقانون.
لقد فضح زكرياء التعذيب الذي لحقه وأخبر القضاة أنه قد اختطِف وعُذب لمدة أربعة أيام في تمارة. والمنظمات غير الحكومية شرحت بالتفصيل في تقاريرها كيف صُعق بالكهرباء وعُلق وضُرب بقضبان حديدية على ساقيه وقدميه. كما حكى زكرياء مومني كيف حُرم من الطعام والماء والنوم، وكيف استطاع في لحظة غضب إزالة العصابة على عينيه فأبصر عبد اللطيف الحموشي فغادر هذا الأخير الغرفة مسرعا.
يصرح زكرياء أنه بعد أربعة أيام أجبر على التوقيع على اعترافات تحت التعذيب وهو معصوب العينين. لقد أعلن أمام الوكيل والقاضي ثم قاضي الاستئناف أنه تعرض للتعذيب، ولكن هؤلاء لم يأمروا بتحقيق في الأمر، ولو أن الحكم الاستئنافي بتاريخ 13 يناير 2011 ذكر تعرضه للتعذيب، وهو ما برهن عنه محاميه الأستاذ عبد الرحيم الجامعي. وقد أدانته الجمعيات الحقوقية الدولية و أدانت المحاكمة الجائرة والسجن التعسفي.
إن اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب والتي وقعها المغرب تنص أن الاعترافات التي ثبت أنها صادرة تحت التعذيب لا يجب اعتمادها حجة خلال المحاكمات. وكل دولة موقعة تضمن لأي فرد يدعي تعرضه للتعذيب الحق في اللجوء للسلطات المختصة فتدرس قضيته بنزاهة وسرعة. ليست هناك أية ظروف استثنائية تبرر التعذيب.
لقد خضع زكرياء للتعذيب والسجن بعد محاكمة ملفقة لأنه تجرأ على المطالبة علنا بحقه المشروع النابع من مرسوم يقول إن كل بطل رياضي يحصل على لقب عالمي يستحق منصبا في وزارة الرياضة المغربية، وهو ما استفاد منه أبطال قبله وبعده. فهو لم يطلب امتيازا أو تفضيلا، بل عوقب لأنه ألح في يناير 2010 في المطالبة بحقه أمام قصر الملك بفرنسا. وهو ما لم يجرؤ أحد عليه من قبل ولذلك فالسلطة المغربية تنتقم منه وتعاقبه لأنه ذكر للإعلام أسماء مَن حرمه من حقه وخاصة منير الماجيدي السكرتير الخاص للملك. والماجيدي هو الشخص الوحيد الذي هدد صراحة وعلنا زكرياء.
طوال الأيام الأربعة في تمارة، ردد الجلادون لزكرياء : " هنا مسلخ صاحب الجلالة، سوف نقطعك ونصنع منك اللحم المفروم...نحن لا نتبع لوزارة الداخلية ولا وزارة العدل بل نعمل مباشرة مع الملك وهذه أوامره، ومهما فعلتَ فلن تغادر على قيد الحياة، لتتعلم الاحتجاج أمام قصر الملك أو الحديث مع منير الماجيدي (... ) نحن لنا تفويض مطلق ونحن هم القانون " .
اليوم تشن السلطات المغربية حملة تشويه ضد زكرياء منذ أن رفع يوم 21 فبراير 2014 شكوى ضد عبد اللطيف الحموشي تتعلق بالتعذيب، وخلافا لادعاءات وزير الداخلية السابق السيد محند العنصر الذي نفى أولا اتصاله بزكرياء وقال إنه لا يعرفه أصلا ( جريدة أخبار اليوم 25 مارس 2014)، فتصريحاته لنفس الجريدة بتاريخ 8 أبريل 2014 تروي أنه اتصل بزكرياء عام 2012، لكن عدد المكالمات لم يقـتصر على اثنين أو ثلاث كما زعم العنصر بل يقارب العشرين.
إن الرسالة التي بعثها زكرياء للسلطات، بعد ندوته الصحفية في فبراير 2012 عند عودته لفرنسا، كانت موجهة لملك المغرب يطلب لقاءه. ولهذا السبب اتصل به العنصر لأول مرة وقال إنه مكلف من طرف الملك وهذا يعني أن ملك المغرب على علم بالقضية، اليوم لا يمكن للملك أن يستمر في صمته.
بالإضافة إلى ذلك، يقول العنصر إنه سأل زكرياء إذا كان" يريد العودة إلى منصبه كمستشار رياضي " وهذا المنصب هو بالضبط ما لم يحصل عليه زكرياء أصلا بعد رفض السلطات ! ثم منذ متى يتدخل وزير الداخلية في مناصب وزارة الرياضة ؟
أما رسالة زكرياء إلى العنصر فكانت بناء على طلب هذا الأخير وذكر فيها أسماء الجلادين لأن العنصر سأله أن لا يذكرهم على الهاتف كما سأله أن لا يرسلها للوزارة بل لعنوان منزل الوزير حفاظا على السرية. اليوم يزعم العنصر دون خجل أن زكرياء طلب من الدولة أن تشتري له مدرسة بستة مليارات سنتيم، يا له من كذب. الحقيقة البسيطة هي أن المبلغ الذي أورده العنصر هو ما اقترحته السلطات المغربية على زكرياء كتعويض على التعذيب والسجن التعسفي ثمانية عشر شهرا و ليس ما طلبه زكرياء كما ادعى كذبا وزير الداخلية السابق. ولذلك فالواضح أن العنصر يعترف أن السلطة اقترحت مبلغا على زكرياء كتعويض وهنا يعترف العنصر أن هناك ظلما حصل ويجب تداركه.
ولكن عندما أبلغ وزير الداخلية السابق لزكرياء خلال اتصال هاتفي أن الجلادين أشخاص فوق المساءلة، ولا يمكن أبدا محاكمتهم، هنا رفض زكرياء أي شكل من أشكال التعويض لأنه رشوة مقابل التخلي عن مطلب العدالة. لقد اختلقت الدولة المغربية هذا السيناريو لكي يظهر زكرياء في صورة المحتال، ولكن اليوم يتأكد أن المحتال الحقيقي هي السلطات المغربية، وعندما أدرك زكرياء أن المغرب لن ينصفه، توجه نحو العدالة الفرنسية والدولية.
إن محاميي زكرياء مومني، ذ. باتريك بودوان رئيس الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان، و ذة كليمنس بيكطارط وضعا شكاية نيابة عنه لدى الوكيل المتخصص في الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب بالمحكمة العليا في باريس ضد السيد عبد اللطيف الحموشي بسبب التعذيب. لقد تقدم زكرياء بهذه الشكاية وهو يفكر في ضحايا التعذيب في المغرب الذين ليس بإمكانهم الحصول على الإنصاف من القضاء المغربي. وهو مقتنع أن المغرب يستحق قضاء أحسن، والمغرب دوما في قلبه على الرغم من أنه تخلى عن جنسيته المغربية بل يستمر في تمثيل المغرب في المسابقات الدولية و يفعل ذلك من أجل المغاربة