موقع ينايري ينشر يوميات طفل نحيف إسمه محمد المسعودي الذي عاش طفولته بين أحضان اسرته الفقيرة بقرية تائهة في خلاء زاكورة ، واحدة من أكثر مناطق المغرب تهميشا قبل أن يصبح ، بعد معاناة سيزيفية طويلة ، أحد ألمع محاماة المغرب الذين يؤازرون ضحايا الاستبداد في مملكة محمد السادس . بوح أراده أن يكون تلقائيا وصريحا مع قراءه ومفيدا لأجهزة الدولة إذا ما عجزت عن فهم بعضا من الاجزاء التي شكلت شخصيته الحالية .

الوالدة أمي( انا ولد مي ) رغم حبي الكبير للوالد لأنني كبرت بجانبها كنت ابنها البكر وأخاها وصديقها وعائلتها وكل شيء لها في الدنيا وكانت لي الأب والام والأخ والصديق وكل العائلة نظرا لكوننا أمضينا أحلك فترات العائلة بقرب بعضنا البعض وتحملنا المسؤولية لوحدينا دون شريك ودون تجربة بحكم صغر سني وسنها . الفرق بيني وبين أمي هو أربعة عشرة سنة ذلك ان الوالدة كانت اكبر أبناء والديها لكون جدي من أمي الشيخ المحجوب كنت في صغري معجب بهدا الاسم الثنائي لجدي (الشيخ المحجوب) لان المشيخة في المنطقة تعني الجاه والحضوة والوقار وبالتالي كل من سألني عن من هي أمك كنت دائماً أشير الى اسمها كاملا امباركة بنت الشيخ المحجوب ربما لإحساسي بكوني انتمي لعائلة فقيرة وربما معدمة الا من رصيدها من الصدق والشهامة والمروءة والمواقف الشجاعة لكل ابنائها في كل مايمس القبيلة ومحيطها . لعلمكم جدي من الام رغم حمله للقب الشيخ الا انه لم يكن شيخا تابعا للسلطات المحلية من قائد وغيره بل شيخ في التغني بالامداح النبوية والغزوات الاسلامية وغيرها من الأناشيد الدينية ، كان كفيفا من دوي الاحتياجات الخاصة وكان يتوفر على آلة لوطار يصحبها معه أينما حل وارتحل ببيوت علية القوم وينشد لهم بعضا من الأغاني والأناشيد الدينية التي كانت منتشرة بكترة في المنطقة آنداك . غير ان جدي هدا تزوج اكتر من إثنتي عشرة امرأة ولاواحدة أنجبت منه حتى تزوج من جدتي . كانت تتعاطى لتدلالت في الحلي النسائية و كانت تتنقل بين الدواوير المجاورة وتدخل للبيوت بدون استئذان لصيتها في المنطقة وتقة الناس في وقت ومنطقة لم يكن يسمح للنساء المتزوجات بالخروج من المنزل . كانت إذن رابطهن مع العالم الخارجي تنقل لهن الحلي والبخور وكل مستلزماتهن النسائية الى بيوتهن لتوفرها مع مع بعض الاستثناءات من النساء الطاعنات في السن والأرامل على الحق في التنقل بحرية . كانت تتمتع بشخصية قوية وحادة ولا تعرف سوى العمل والجدية وساحكي لكم فيما بعد عن قصصي معها ، إدن أثمر ولأول مرة زواج الجد الشيخ الديني المرهف الأحاسيس من الجدة الدلالة دات الشخصية القوية والصارمة الملامح وحملت بالوالدة التي عرفت تاريخ ميلادها لتزامنه مع رجوع محمد الخامس الى المغرب اي سنة 1955 . فبعد وصول الخبر الى المنطقة تجند القواد وزبانيتهم يعني من كان يسبح ويصلي باسم المستعمر ، لبتجييش الساكنة وفرض عليهم الخروج الى قارعة الطريق للتعبير عن فرحهم وسرورهم برجوع الملك الدي شاهدوه بالقمر و المرحل الى جزيرة مدغشقر التابعة للمستعمر ومخافة من العين والتطير من الآخر أرغمت الجدة على الخروج للتعبير عن الفرحة وهي لازالت في يومها السابع بعد وضع صغيرتها .اضطرت للخروج ولكن بعيدا عن المتجمهرين كي لاترى ابنتها الصغيرة وتصاب بمكروه . هاته المدللة البكر ستكبر بين احضان ابويها الوالد السعيدين بانجابهما اخيراً لفلدت كبدهما قبل أن يتبعها ولدين وهما عبد المالك والعربي . لذلك ظلت تتربع على عرش قلب الأب الحنون العطوف المبتسم دوما امام ابنته التي لايستطيع رؤيتها . كان اللمس عوضا عن العين والانف الذي يستطيع به شم رائحتها المتميزة في عقله ودهنه ، يحفظ صوتها وبكاءها وصياحها عن ظهر قلب .و تروي لي الوالدة انه كان يعرف دبيب خطويها كلما تسللت اليه من اجل مباغتته او مغادرتها للبيت بدون علمه . عندما ندكر اسم الجد بالمنزل كنا نشاهد ونعاين الطريقة التي تتحدت بها الوالدة عنه بكل شوق واحترام ولهفة . كانت بينهما علاقة خاصة ، حتى جلساته الطربية عند علية القوم ترافقه اليها .وعكس الجد كانت الجدة بالنسبة لي لامي عنوانا للقسوة والجدية والصرامة والعمل .لا يوجد في قاموسها مكان للهو واللعب والمرح ، حتى عندما تبتسم تحاول اخفاء بسمتها والتظاهر بالحزم . في ظل هذه الاجواء وفي بيئة شبه صحراوية عاشت امي وخالطت الرجال في جلساتهم الرسمية عكس قريناتها وهي لازلت طفلة وتاترت بحنو وحنان الأب والشخصية القوية والصارمة للام .في السن الحادية عشر قرر العم الأكبر تزويجها بمباركة الجدة رغم رفض الجد لكونه لايريد فراقها ولانها مازالت صغيرة لوالدي البالغ أنذاك واحد وعشرون سنة . اتفقا على ان يكون المهر عبارة عن خروف وثلاثون درهم تسلمت منها الجدة 15 درهما ولا زال الوالد مدينا لها بمبلغ الخمسة عشر درهم المتبقية ليومنا هدا .
نودي على الوالد من مدينة البيضاء ليلتحق بسرعة بوالده لأمر مهم . تفاجأ بعد وصوله أن الامر المستعجل هو خطبتهم له رغم انهم لم يستشيروه قط . والاسوا انه كان على علاقة مع فتاة في الدار البيضاء متقفة كما يقول وكانا قد تواعدا على الزواج .خيرته العائلة بين السخط والرضى فاختار الأخير والوالدة .وليومنا هدا مازال يمازحها بالقول مانسمح لأخي علي الدي كان حيلة وأسباب في زواجي منك اما كون دابا راني امزواج ابواحدا قاريا فاهما اتعلمني وأتعلم أولادي. كان عرسهما بهيجا استمر لأسبوع كامل والوالد كل يوم يضع الحناء على كل جسده حسب العادات وكل انواع الفلكلور المحلي والتي تفوق فيها الجد والعم وكانوا روادا لهده الأنواع من الفلكلور كالركبة والصف واطحين والتوكاد واقلال والصقل ... اما العروس فإنها لا تعرف شيئا عن الزواج سوى المرح والحفلات والأهازيج والمآدب لتفاجأ ليلة دخلتها لما وقع لها وهي تبكي وتطالب بإحضار أمها وأبيها الا ان عزاؤها الوحيد هو انها وجدت عمتي امينه الطيبة البشوشة والتي في نفس سنها تلاعبها وتلهو معها .وفي اليوم الموالي لليلة الدخلة شوهدت الوالدة العروسة من قبل كل رجال ونساء الدوار المحافظين وهي تلعب الأرجوحة مع عمتي أمينة بواسطة جدع شجرة النخيل الدي نسميه الخشبة ، شاهدوا العروس تلعب الزعلولة فكان غضب العريس الذي لقنها اول درس في العنف وتبدأ مسيرة الألف ميل لقاؤنا في الغد...