بقلم عبد الله برداحا
الى روح جميع رجال ونساء التعليم اللواتي والذين سقطن/ طوا ضحية عدم معرفتهم بانماط العيش في الأماكن الصعبة وماتوا /ن اما بالاختناق بالدخان او بالتجمد بالثلج او غرقا بالفياضانات و سأضيف الى كل من فقدن عقلهن / هم ومن انتحر ومن ترك البلد وهاجر
مذكرات مدرس بجبال الريف
في بداية عامي الأول بالتدريس سنة 1982/1983 كانت بفرعية مولاي مفتاح بم /م الحاج فتابرانت التابعة لمدينة تارGيست اقليم الحسيمة . كان فصل الخريف باردا وممطرا وذات عشية سبت زارني رفيق مدرس جديد بمنطقة لحمايد وهو من مدينة العرائش وبينما كنت أعد وجبة العشاء كان هو يحاول إيقاد النار في المدفأة لاتتخيلوها مدفأة من تلك الموجودة في منازل أروبا المبنية من الآجور الأحمر بل هذه من الحديد أهل تارجيست يسمونها (الستوفة ) وظن أنه أشعل النار لكي نشعر بالدفئ فالطقس جد بارد ، وتحت ضوء قنديل الغاز الخافت بينما كنا نتتناول العشاء وكنا غارقين في نقاش وضعية العمل بالمنطقة وصعوبتها ، جرنا الحديث الى التفكير في تأسيس فرع الجامعة الوطنية للتعليم / للاتحاد المغربي للشغل ... طال الحديث وتشعب وفجأة أراد رفيقي النهوض فلم يستطع حاول مرة ثانية فتهاوى ، أردت النهوض فلم أستطع حاولت ولأن جسمي كان نحيلا استطعت الوقوف بعد جهد كنت أكلم رفيقي ببطء فالكلام كان يخرج بصعوبة والرفيق بدأ يدخل مرحلة حرجة حاول أن يتقيأ لكنه كان يحس بالفشل أردت التوجه نحو الباب فخدلتني ركبتاي وسقطت أرضا على وجهي ، استندت على منكبي وركبتي وزحفت قرب الباب الخارجي كانت بعيدا .. لكني وصلت اليه بعد لأي ، مددت يدي الىه وحاولت الوقوف بكل ما بقي من جهد ...كنت اشعر بصداع في الراس ورغبة في التقيؤ لكن الرغبة القوية في الوقوف وفتح الباب كات أقوى استطعت أخيرا أن أفتحه ليدخل الهواء كانت الهبة الأولى غير كافية لكنها مهمة .. سقطت خارج المنزل . كانت الارض مبللة والوحل طري استطعت أن أتقيأ . نزلت بعض القطرات على رأسي فتبلل أحسست بأنني أصبحت قادرا على الوقوف عدت الى الداخل وجدت رفيقي مغما عليه فاقذا للوعي ظننته ميتا لكن وضعت يدي قرب أنفه أطلق صوتا من أعماقه صوت مبهم ولكنه يؤكد لي أنه حي عادت إلي الطمأنينة ، أخدت أجره نحو الباب بعدما عجزت عن جعله يقف كانت عملية الجر صعبة ولكن الإصرار كان ضروريا لإنقاذ أنفسنا وبعد الوصول إلى الباب تقيأ رفيقي وابتعدت خارج المنزل لأرمي نفسي على الأرض المبللة ونمت ,
في الصباح سمعنا خبرا مفاده أن استاذين ثملا بالخمر وأن أحدهما جاء الى الدوار القريب وأزعج النساء بالطرق على الأبواب ولما لم تفتحن له بسبب غياب أزواجهن إلى السوق الأسبوعي حدبني بونصر عاد أدراجه الى المدرسة واستلقى قريبا مني وبتنا في الخلاء شبه ميتين لاأحد يشعر بما حوله . سمع الخبر أحد الاساتذة القاطن بالدوار وهو متزوج وأصله من مدينة الشاون ،جاء هو وأحد الشباب فوجدانا على تلك الحالة وتأكدا ان المسألة لا علاقة لها بالسكر ولكن بالاختناق بدخان المدفأة والتي كانت مغلقة من الاعلى لذلك لم يخرج الدخان الى الفضاء وتسرب الى البيت ولم نره لأن ضوء القنديل الغازي كان خافتا .
وأما من ذهب الى الدوار فهو رفيقي لما صحا ووجدني مرميا بعيدا عنه في الوحل تحامل وقطع مسافة طويلة ليصل الى الدوار من أجل طلب النجدة ليس الا .
ومنذ ذلك الوقت وصلتني كميات كبيرة من الحطب من طرف الساكنة بكل الدشور وجاء الشباب وأصلحوا المدفأة وعلموني كيف استعملها وكيف أستغلها في الطبخ والتدفئة والاستحمام
كتبت في تاريخها 1982 /1983 دكريات مدرس