جواب الادعية القادم من المحيط أحيانا تنفلت ممارسات الحاكم من عقال أقوى مناهج نظريات التبريرالسياسي فيصبح من العسير فهم دوافعها وبالتالي إيجاد مسوغات لها . طيلة أسبوع كامل كانت الطبيعة تدك مناطق شاسعة من المغرب دكا إمتدت خارطتها من أكادير حتى تخوم الحدود الجزائرية ، إسبتاحت خلاله أمطارها الطوفانية كل مايتحرك من بشر ودواب وكل جماد من ارض ومنازل وجسور وطرقات . كانت صرخات النجدة تنبعث من قاع الوديان الهائجة وفوق رؤوس الجبال المنهمرة وعلى منبسطات السهولة الغارقة " يامغاربة ...ياحكومة... يادولة...ياملك ...ياعالم ...إننا نغرق في صمت فهل من منقذ !! كان لصرخات الاستغاثة صدى على مواقع التواصل الاجتماعية وبعض المنابر الاعلامية ، لكن الباقي بمافيه كل قنوات الاعلام العمومي كانت منشغلة بنقل مسابقات الفروسية وأخبار عن إنقاذ خرفان في امريكا وآخر تسريحات شعر عارضات أزياء ، قبل أن توقف كل شئ لتعلن اصابة الملك بلحمه وشحمه بنزلة برد والذي غطى على مآت الالاف ممن يهدد البرد حياتهم تحت سياط الطوفان . ظهر الموت واختفى الملك إختفى الملك واختفت معه أنشطته الرسمية البهلوانية من على قنوات الدولة وكأنه إختفاء تكتيكي مقصود ليترك بن كيران ووزراءه وجها لوجه مع الراي العام المغربي وبالخصوص مع أصحاب صرخات "عتقو الروح ياعباد الله " . لم يظهر رئيس حكومة الملك الا لكي يقول للمغاربة إنه كاد أن يموت على متن طائرة متوجهة به للقاء حزبي تماما كالناطق الرسمي باسم حكومته الذي حاصرته الفيضانات في طريقه لتجمع حزبي كذلك وليس لتفقد المنكوبين. وحده وزير الداخلية من توجه لتفقد آثار الكارثة بأوامر من الملك رئيسه الفعلي والذي سخر منه العالم وهو يصرح أن الدافع وراء تخصيص مبلغ مهم لتافراوت هو كونها أنجبت سعادته رفقة مجموعة من وزراء آخرين .لم يلتحق ابن تافراوت البار بالرباط الا بعد أن تأكد أن بعض ممن احتجوا عليه ستجرجرهم محاكم الايالة الى اجل غير مسمى والباقي عليهم ان يتدبروا أمورهم . تكتيكات القصر وحنقزات وزراء حكومته لم تنجح في إقناع الذين فقدوا أفرادا من عائلاتهم والذين فقدوا مساكنهم وممتلكاتهم في رمشة عين ومعهم جزء من الراي العام خاصة المتعلم منه والذي ماعادت تنطلي عليه الخدع والاكاذيب . لذلك ظلوا يطرحون الاسئلة الحارقة من قبيل : لماذا لم ترسم اجهزة الدولة على كثرتها خطة واضحة إستباقية وهي تعرف قوة العاصفة الاتية وتعرف مسارها وتعرف الهشاشة التي تعيش فيه ساكنة هذا المسار ؟ لماذا غابت التغطية الاعلامية الرسمية عن متابعة كل تفاصيل الكارثة قبل واثناء وبعد ضربها للمنطقة المنكوبة بل الاخطر لماذا رقصت على جثث الاموات والاحياء عن سبق اصرار وترصد ؟ لماذا لم تعلن الحكومة المناطق المتضررة من الفيضانات مناطق منكوبة واكتفت بكلميم في آخر لحظة ولم تعلن حدادا وطنيا مع أن الضحايا تجاوزوا الاربعين ؟ من أمر مروحيات الدولة بألا تتدخل فقط الا إذا كان المحاصرون سياحا أجانب بينما ترك المغاربة لمصيرهم بحجة أن الاجواء المضطربة لاتسمح وكأنهم حشرات بلاقيمة ؟ لماذا لم يعطي الملك أوامره لعشرات الالاف من القوات المسلحة والمساعدة والدرك ليتدخلوا بكل العتاد الذي يتوفرون عليه في المناطق المنكوبة كما تفعل كل جيوش العالم وقت وقوع الكوارث ؟ عناد أمير وغضبات ملك يقول مقربون من المحيط الملكي او من عاشوا بين جدران بلاطه أن محمد السادس كان عنيدا منذ صغره وضاعف منهج الحسن الثاني الصارم في تربيته من هذا السلوك حتى اصبح حالة مرضية ومكونا مؤثرا في منهج حكمه ومن اعراضها في ممارسته اليومية لشؤون الرعية مايسميه الاعلام بالغضبات الملكية . إنتظر جزء من المغاربة آخر مستجدات الملك الصحية بعد إعلان مرضه واختفاءه عن الانظار بتلهف وكثير خوف ، تعالت دعواتهم بالشفاء العاجل له وبدأت اصوات تدعو لإقامة صلواة الشفاء في وقت يغرق فيه جزء من وطنهم بعيد صلاة للإستسقاء أقيمت بكل ربوع الايالة طلبا للمطر. بين ترقب رعايا "صاحب الجلالة " للتملي بطلعته "النيرة " وبين تردد صرخات المدفونين تحت أوحال وطن تنكر لهم ، ظهر فجأة ودون سابق إشعار محمد السادس على شاشات التلفزيون في أروقة قصور آل نهيان بالامارات العربية يجول ويصول مع إخوته الخليجيين وبكامل قواه العقلية والجسدية ويستمتع بشمس الخريف هناك والبسمات تعلو محياه . محاولات فهم هل هذا معقول ؟ حاكم بلد يقفز من فراش مرضه ويترك وراءه بلدا غارقا تحت المياه وأهله مشردون بين الوديان ومعلقون في قمم الجبال بلا مأوى ولامؤونة معزولين عن الوطن وعن العالم ويذهب بضمير مرتاح لاقاصي الشرق ليحتفل بعيد دولة ويشاركها افراحها !! في كل بلاد الدنيا ، حتى التي تنعدم فيها الديمقراطية ،حين يتزامن وقوع كارثة طبيعية كانت أو بشرية مهما كان حجمها ووجود رئيس الدولة خارج بلاده فأول مايقوم به هو إلغاء كل لقاءاته المبرمجة وجمع حقائبه فورا للعودة اليها ليكون حاضرا الى جانب شعبه ويتخذ القرارات العاجلة المناسبة لمواجهة آثار تلك الكارثة . هل يمارس محمد السادس إذن الحكم بالمقلوب أم أن عنادا غير مفهوم مع شعبه هو الذي دفعه ليتصرف بهكذا عجرفة ؟ أسلوب حكم محمد السادس خلال 15 سنة التي أجلس فيها ملكا على المغرب لم تظهر ميلا نحو الحكم بالمقلوب لمايحدث في العالم بل على العكس حرص دوما نظامه على إظهار ولو من باب التضليل أنه من نوع الحكام الذين ينصتون لنبضات شعوبهم والا ماتباهى بلقب "ملك للفقراء "وماطبل له إعلاميا . هو العناد إذن والذي يمكن أن يترجم في هاته الجملة " لاتعترفون بكل تضحياتي ياناكري الجميل حتى وأنا على فراش المرض ، لقد صدق والدي حين وصفكم بالاوباش ، سأترككم تنزفون وتغرقون وتموتون جوعا وأذهب للتفطاح هناك ومن إحتج ستربيه أجهزتي ..." تنبيه ... كل ماكتب في هذا المقال هو مجرد تخمينات آخر الليل وحقيقة هذا السفر العجيب ستظل طي الكتمان الى حين لأن المؤسسة الملكية مؤسسة بكماء صماء لاتتكلم الا حين تتأكد أن أحرفها ستصرف ذهبا أو يفرج عنها نطقها كربة من كرب الدنيا . تذكير ... حين يكون الملك في سفر خارج المغرب توضع اوتوماتيكيا كل اجهزة الدولة الامنية في حالة تأهب قصوى حيث تلغى الاجازات ويفرض نظام المناولة المداومة في كل مقراتها حتى يعود للوطن . مايعنيه هذا أن هاته الاجهزة لايمكنها المشاركة في أعمال الاغاثة أو إعادة البناء او الدعم اللوجيستيكي بشكل فعال الا باوامر خاصة من الملك نفسه .بتاعرابت مغادرة الملك للبلاد عرقلة أكثر لمهمات الاغاثة . إوا فهم نتا تسطا . هل تعاند شعبك يامولاي محمد السادس ؟؟؟ ناصر موحى