"الملك المستحوذ " كتاب نشر في فرنسا في مارس 2012 عن "دار لوسوي" للصحفيين الفرنسيين كاترين كراسيي وإريك لوران ينبش في ركام صناعة السياسة والاقتصاد بالمغرب . ولأنه يقوم على قاعدة معطيات غنية حول طريقة استحواذ المؤسسة الملكية بالتدريج على الاقتصاد المغربي وكيف يستفيذ المحيطون بالملك من بقايا ولائمها باسلوب اقرب منه للمافيات المنظمة وابعد من سلوك نظام سياسي مسؤول امام شعبه ، ولأن الكتاب منع من التداول بالمغرب في طبعته الفرنسية لحجب مايمكن ان يكون حجج وبراهين على تورط الماسكين بزمام السلطة في البلاد على القارئ المغربي ، ولأن الحق في الوصول الى المعلومة مبدأ تقره كل المواثيق الدولية التي وقع المغرب علىها، ولأن المعلومات الواردة في الكتاب لم ترد على مدى صحتها او خطأها اية جهة مغربية رسمية .
لكل هاته الاسباب إرتأينا في "ينايري .كوم " أن ننشر اهم ماورد في الكتاب عبر حلقات دون أن نغير كلمة واحدة من النص الاصلي حتى يكون القارئ على بينة من محتوياته ويتخذ الموقف المناسب الذي سيحاسبه عليه التاريخ عاجلا ام آجلا بعد أن يعرف أي نوع من الحكام يقررون في مصيره ومصير بلاده ومستقبلها .
مع الشكر لمجهود الصحفيين الجبار والمتميز ولجنود الخفاء الذين قاموا بترجمة الكتاب من اللغة الفرنسية الى اللغة العربية .ينايري.كوم

الفضيحة الرابعة والعشرون من حكاية نهب وطن
أونا تحدد الرسوم الجمركية على الحليب المستورد
إن وضعية شركة المركزية للحليب Centrale laitière التي تتقاسم أسهمها بالتساوي شركة أونا والشركة الفرنسية دانون Danone تعطي دليلا آخر على نظرة الازدراء التي يلقيها الملك على قواعد اشتغال ميزانية الدولة. يتراوح استهلاك الحليب الشهري في المغرب بين 51 و 61 مليون لتر، خُمُسُه مستورد من الخارج على شكل مسحوق الحليب المجفف، يُستعمل أساسا لصناعة أنواع الحليب الرائب وهذا هو النشاط الرئيسي للشركة 1 . إلا أن أسعار الحليب المجفف عرفت ارتفاعا لم يسبق له مثيل في الأسواق الدولية. في منتصف سنوات 2000 ارتفع معدل السعرمن 21.000 درهم للطن في عام 2005 إلى أكثر من 25.000 درهم في السنة الموالية مما تسبب في متاعب لمنتجي الحليب الرائب بالمغرب فقاموا بزعامة شركة المركزية للحليب سنة 2006 بالضغط على الحكومة لتخفيض الرسوم الجمركية على هذه السلعة التي كانت خاضعة لرسم جمركي يساوي 60% .
وجدت الحكومة نفسها في ورطة: مسحوق الحليب المستورد كل سنة يناهز 12.000 طن والرسوم الجمركية المستخلصة تصب مبلغ 110 مليون درهم في ميزانية الدولة ولكن أيضا في صندوق خاص للتنمية الزراعية 2 . نظريا هذا استعمال سليم للمال العام. ولكن شركة المركزية للحليب لا شأن لها بذلك لأنها لا تقبل أن يتضاءل هامش الربح ولذلك قامت مدعومة بالمنتجين الآخرين بالتهديد بوقف استيراد الحليب المجفف عشية شهر رمضان حيث يرتفع استهلاك الحليب ومشتقاته. رضخت الحكومة بسرعة متذرعة بقدوم الشهر المبارك وقررت تخفيضا كبيرا على الرسوم الجمركية من 60% إلى 35% بالنسبة لمسحوق الحليب ومن 102% إلى 2.5% بالنسبة للألبان
المعقمة UHT . 3
1 Fahd Iraqi, « Lait : ça va bouillir ! », TelQuel, nº 290, du 22 au 28 sep- tembre 2007.
2 Ibid
3 Ibid
بصفة عامة، إن شركات القطاع الخاص التي يُشتبه في كونها تحاول منافسة الشركات الملكية يكون مصيرها أسوأ من مصالح وزارة المالية. والشركة السعودية صافولا Savola عاشت هذه التجربة المريرة. ما ذنبها؟
لقد نافست بنجاح منتجات الشركة الملكية لوسيور Lesieur إلى غاية عام 2010 . لقد أنشأت صافولا فرعا لها في المغرب عام 2004 وقيل آنذاك أن القصر أعطى مباركته لاستثمارها في المغرب نظرا للعلاقات الجيدة والتضامن الملكي بين المملكة المغربية ومملكة آل سعود .
لكن بعد سنة فقط أي عام 2005 ، تجاوزت نتائج صافولا توقعات أصحابها من خلال نجاح زيت "عافية" في السوق المغربية مما نتج عنه انخفاض بنسبة 10% لحصة السوق التي كانت تستحوذ عليها لوسيور. هذا أمر غير مقبول وهنا ستبدأ المعركة. كل السبل المؤدية إلى إسقاط الشركة السعودية ستكون جيدة. إذا أخذنا بعين الاعتبار حساسية الملف، فإننا لا نستطيع تصور أن محمد السادس لم يكن يعلم بتطوراته، مما يعني أنه بارك الشكاية التي قدمتها شركة لوسيور إلى مجلس المنافسة في عام 2007 إلى غاية تقديم الشكوى، لم يكن المجلس يتعدى أن يكون عبارة عن صدفة مفرغة عاجزة عن مجرد الاجتماع للبت في الشؤون الاعتيادية، لكنه في هذه المرة أبان عن حماس مفاجئ وأدان صافولا وأمرها أن تضع حداً لأعمال إغراق السوق. كانت ضربة قاسية دون شك، لكن الضربة الأقسى هي التي ستقوم بها أونا مباشرة عبر سلسلة متاجر مرجان وأسيما التابعتين للهولدينغ الملكي، حيث توقفتا معاً بين عشية وضحاها، عن توريد رفوفهما بزيوت صافولا.
مارست أونا ابتزازاً قوياً على قنوات التوزيع المستقلة )متاجر، ...( لإجبارها على مقاطعة زيوت صافولا، فقد هددت غير المسايرين لها بالتوقف عن إمدادهم بالسكر من منتجات كوسومار ومنتجات الرائب ومشتقات الحليب التي تنتجها مركزية الحليب.
وعلى الرغم من مقاومة السعوديين، وتكرار الدعاوى القضائية وتوظيف لوبيات الضغط والحملات الإعلامية، إلا أنهم لم يستطيعوا تحقيق أي تقدم، وأخذت منتجات صافولا تختفي تدريجيا من الرفوف. في عام 2010 ، وبعد أن يئس السعوديون، أعلنوا عن نيتهم بيع الشركة، إلا أنه لم يتقدم أي مشتر. في أعراف أونا، الانتقام طبق يؤكل بارد اً .
الغضب الملكي وضرب المستشارين إ
ذا كان رد الفعل هذا على شركة صافولا مبالغا فيه، فهناك ما هو أعنف منه. إنه العنف الجسدي الذي ينصب بين الفينة والأخرى على بعض الأشخاص خلف جدران القصور السميكة التي يمتلكها محمد السادس في ربوع المملكة .
هذا الموضوع هو من الطابوهات، ولكن يُحكى أن القصر يتحول في لحظات إلى مسرح للدراما المأساوية. ذلك أن الملك كلما تخطى مستوى معينا من الغضب والإرهاق إلا وفقد السيطرة على أعصابه ولجأ إلى الركل واللكم أو لعله يضرب بأي شيء يصادفه في متناوله من أثاث أو نحوه .
بعض هذه الأخبار وصلت إلى الجمهور المغربي في عام 2009 عن طريق الصحيفة الأسبوعية لوجورنال التي تعرض مرارا وتكرارا للرقابة،
فقد أخبرت أن "الملك يصب جام غضبه على أفراد محيطه المقرب" ثم تساءلت "هل هي تقلبات المزاج فقط أم هو نمط للحكم حي تفرض السلطة نفسها عن طريق زرع الخوف؟ 1". ولكن في عام 2006 أشارت الصحافة الأجنبية بصراحة إلى إحدى تجليات هذا الغضب الملكي. في شهر يونيو من هذا العام، ترأس محمد السادس جلسة عمل في قصره بالرباط موضوعها وضعية شركة أونا، حيث استرسل منير المجيدي في عرض مطول فإذا بالملك ينقض عليه فجأة و يطرحه أرضا ثم يوسعه ضربا وهو يصرخ ما معناه: أيها الفاشل، انظر أين ستؤدي بنا بخطتك الواهية المتهافتة 2 " .
بعد بضعة أسابيع جاء الدور على المستشار محمد المعتصم وهو رجل قانون مرموق كان مسؤولا عن ملف الحكم الذاتي في الصحراء الغربية،
1 Taïeb Chadi et Hicham Houdaïfa, « Les colères du roi », Le Journal
hebdomadaire, nº 372, du 22 au 28 novembre 2009 2 Nicolas Beau et Catherine Graciet, op. cit
ولكن في هذه المرة كاد الحادث المؤسف أن ينقلب إلى مأساة وفقا لما ، نشرته صحيفة الموندو الإسبانية في عددها الصادر في 18 يونيو 2006 التي ذكرت أن الرجل أحس بإهانة بالغة فحاول الانتحار بابتلاع بعض المواد الصيدلية ثم رمي نفسه في مسبح المنزل لولا أن البستاني أنقذه.
السبب حسب الصحيفة هو تعرضه في قصر الرباط وأمام زملائه المستشارين لحصة من الضرب الملكي معززا بحصة من البصاق الملكي أيضا وحرمانه من مفاتيح سيارته! بعد ذلك عولج في الرباط وبعدها باريس، ثم قضى فترة استراحة بفندق Le Crillon الباريسي ليستعيد عافيته ونشاطه بعد أن انطفأ الغضب الملكي.
هذه نماذج من تجاوزات ملك يعرف تماما كما كان يعرف والده أنه لا يُسأل عما يفعل. يحيط بالعناية ثم يصب الغضب الشديد ثم يعود ويعفو عمن غضب عليه بالأمس القريب.
لكن أعضاء التعاونية الزراعية Copag لم يحظوا بهذه المعاملة التفضيلية. هذه التعاونية توجد في مدينة تارودانت الصغيرة، التي يتردد عليها جاك شيراك وزوجته برناديت للاستراحة في فندق الغزالة الذهبية المشهور، وهي متخصصة في صناعة وتسويق مشتقات الحليب وعصير الفواكه وصاحبة الماركة التجارية جودة Jaouda .
أنشأت هذه التعاونية عام 1993 وكان عدد أعضائها يبلغ 21 مزارعا بينما اليوم يبلغ 12.511 وعرفت نجاحا سريعا بفضل قدرتها على الابتكار ودرايتها بفنون التسويق، فارتفعت حصة سوقها في ظرف 11 سنوات من 3% إلى 20% فأصبحت تهدد هيمنة الشركة الملكية Centrale laitière .
في عام 2004 ، وصل انزعاج أونا إلى ذروته، وبدأ القصر هجومه المعتاد حيث التعسف وتوظيف السلطات العامة كما هو دأب النظام الملكي العلوي.
وهكذا صدر في قانون المالية لتلك السنة بند يضع حد للمزايا الضريبية التي تتمتع بها التعاونيات المغربية والهدف بالضبط وقف الإعفاء من ضريبة القيمة المضافة والضريبة على الشركات. ولكن وبعد نقاش واسع ومقاومة من طرف التعاونيات، اتخذ القرار أخيرا أن تخضع التعاونيات التي تفوق مبيعاتها السنوية مليون درهم للضرائب. من الواضح أن هذا البند كان موجها بالتحديد ضد Copag التي تستوفي هذا الشرط. وعلى الرغم من هذه المحاولات فإن منتجات "جودة" ما زالت توزع اليوم في الأسواق لأنها تروق لملايين المغاربة. لكن ماذا يزن كل أعضاء التعاونية الزراعية مقارنة مع المزارع الأول في المملكة أي محمد السادس نفسه؟ لقد وجد نفسه في حالة مريحة جدا ورثها عن الحسن الثاني، الذي ورثها بدوره عن والده محمد الخامس. ألم يصرح الحسن الثاني دون إحراج في عام 1996 لصحيفة لوفيجارو: "نعم، أنا ملاك كبير للأرض وذلك من حقي. كل أملاكي موثقة في السجل العقاري. لقد ورثت عن والدي واشتريت ضيعات فلاحية وأؤدي أجور العمال وأساهم في تصدير المنتجات الزراعية ولديَّ مزارع تجريبية وأنفق بنفسي من مالي الخاص".
لفضائحهم بقية ...