قبل كل شيء: أود أن أشير إلى تضامني المطلق مع طلبة الطب في المغرب إزاء لائحة مطالبهم... و من أجل بلورتها، لا بد لهم من الاحتجاج و التظاهر...
لكني تحفظت على شيئين أساسين في طريقة احتجاجهم:
أولا:
هل غسل السيارات وبيع علب المناديل الورقية،... مهن وضيعة حتى يتم الاحتجاج بتمثيلها من طرف طلبة الطب...؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
اشمئزازي... على أناس يريدون تحقيق مطالبهم بازدراء مهن شريفة، استطاعت أن تربي أولادا، وأعطتنا مهندسون ودكاترة وعلماء...
اشمئزازي... على طلبة يستعلون على نزر من شعبهم و يطمحون إلى دعم مطالبهم...
ثانيا:
هل العقل المغربي توقف، في شلل تام، حتى يبدع احتجاجات أخرى تليق بمجتمعنا...؟
إن كان ولابد، لماذا لا يفعلوا كما فعل أقرانهم في فرنسا... بإزالة سراويلهم أمام مقر الحكومة...؟
لماد التشبث بتقليد المصريين في الاستعلاء على مواطنيهم...؟
أعتقد أنهم جانبوا الصواب فطرق الاحتجاج كثيرة منها:
انزلوا و احتجوا بتقديم إسعافات أولية في براريك مغربنا الحبيب....
انزلوا و احتجوا واحتلوا مرابض وقوف المتسولين و المهمشين...
انزلوا واحتجوا واحتلوا أقسام المهن الخطيرة داخل مستشفياتنا...
انزلوا و احتجوا و احتلوا مزابل هدا الوطن....
إذ كانت رسالتكم هي التعبير عن مستقبلكم المهني فكان بالأحرى أن تتصالحوا مع واقعنا المغربي:
تمثيل دور "البزناس" و ضحاياه من مستهلكي الكيف والحشيش والقرقوبي على الشارع... أو تمثيل أرصفة الدعارة الموجودة على امتداد وطننا... وهدا ما سيحصل... لكن تمثيل المهن المقنعة ليس في صالحكم لأنها تشمل دكاترة وأساتذة معطلون يفترشون الأرض و يكدحون من عرق جبينهم...

كلنا مررنا بتجربة عذاب التحصيل، الكل في تخصصه... فأنتم جيل الايفون أحسن منا... بكثير... كان احتجاجاتنا دائما في إضرابات ومظاهرات... وكنا نحترم عمل ومهن آبائنا مهما كانت، من بناء إلى خماس... المهم انه عمل شريف... فل يأتي طالب نام سنوات حتى حماض البول فيه ويستهزئ بمهن أخرى هدا هو العيب... بل عليه ابتكار طرق أخرى للاحتجاج للتعريف بقضيته واستمالة التضامن وليس الاستعلاء على أناس حرموا نعمة القراءة و الدراسة... والفرصة أو الوسطة... فكلنا نعرف أن شهادة الباكالوريا لا تغني و لا تسمن من جوع إن لم يكن والدك من ذوي النفوذ...
المسألة أساسها الجشع، كما قال صديق، فكلهم يحلمون بفتح عيادات في الرباط، البيضاء، فاس، مراكش، أكادير... لان المواطن في هذه المدن الكبرى أكثر استهلاكا للعيادات الطبية، وأكثر إنفاقا على حالته الصحية؛ ولأن أثمنة الفحص فيها لا تقل عن 200 درهم، لمدة قد لا تتعدى خمس دقائق مع المريض الواحد.
أما في البادية فــ "الكليان حازق"... وقليل الزيارة للطبيب، ولا يستطيع أن يؤدي ذلك المبلغ المرتفع مقابل فحص عادي...
مطالبهم وبكل بساطة ليست متماسكة وغير منطقية. المشكل الحقيقي هو أنه لم يعجبهم العمل الإجباري و لمدة سنتين بمناطق نائية. بادئ الأمر برروا رفضهم بأن الدولة تنوي منحهم 2000 درهم شهريا فقط، دون تغطية صحية. لكن بمجرد أن كذّب وزير الصحة الأمر وأعلن أنهم سيعاملون كباقي أطباء القطاع العام، يعني قرابة 8500 درهم شهريا وهناك تغطية صحية، ليبدلوا المبرر وعزوا رفضهم لغياب التجهيزات في مثل هذه المناطق... مطلبهم يظهر أنه غير مبني على أسس متينة.
لكن بمجرد أن مروا الشكل الاحتجاجي أسقطوا شرعية التضامن بشكل نهائي عن مطلبهم... فقد أبانوا عن نظرة استعلائية اتجاه بعض شرائح المجتمع، و هم دافعي الضرائب وحقهم في التطبيب مكفول بكل القوانين الوطنية والدولية...
ليس بالاحتقار... ستربحون قضيتكم... يا أبناء شعب خانتهم طرق الاحتجاج...
الاحتجاج له طقس الكرامة و الاحترام...
الحرية للطلبة المعتقلين...

سعيد تيركيت
الخميسات - المغرب- 11 / 09 / 2015