في تطور لافت، واستعراض بديع لأطباء الداخليين والطلبة الأطباء، مساندين بقوى حية، وعلى طول شارع محمد الخامس بالرباط. تمكنوا من إيصال صوت قضية إنسانية مغلفة بأثواب سياسة لحكومة تطبيق إملاءات المؤسسات والأبناك العالمية...
هرب السيد الوزير الملقب بالفهد الوردي. صاحب الخطاب الشعبوي، المكلف بقطاع الصحة في المغرب... هرب من ملاقاة جموع الغاضبين الصادحين بشعارات تفضح سياسة الصحة في ربوع المغرب... كذبوا كل تصاريحه وخرجاته الدنكوشيتية؛ كذبوا عدم التحاقهم بقرى المغرب المنسي، وأقسموا قسم أبقراط؛ بل تحدوه أن يشغلهم في وظائفهم مع إمضائهم لعقود وظائف قانونية بسنين طويلة، سواء مباشرة أو عن طريق امتحانات... بدل إجبارهم على خدمة مدنية مدتها عامين بعقود مؤقتة...
النتيجة الحتمية في الأخير واضحة لا غبار عليها. سيتراجع إذا واصلتم النضال والضغط... هذا ما حدث مع الممرضين عندما أراد إدماج الخواص في الوظيفة العمومية، بعد أشهر من المقاطعة استسلم وجمد المرسوم. أهم شيء الاستمرار في المقاطعة والنضال بكل الأشكال...
لا للخدمة الإجبارية ولا للعبودية ولا لاستغلال الطلبة الأطباء سياسيا، من طرف الوزير لكسب تعاطف الشعب تمهيدا للانتخابات التشريعية المقبلة ومن طرف الدولة من اجل تغطية الخصاص الموجود في المناطق النائية...
مزيدا من الضغط، لدى ارتأيت تقديم توصيات، بعد إذنكم يا أطباء المستقبل:
كل شيء هو سؤال خطاب...
الصورة: هي فن الكتابة والقراءة ويمثلان شرطين ملازمين لخطاب الحقيقة. والحقيقة تقدم نفسها بحيوية في حديث صورة الحقيقة، وهي دائمة الخضوع لتجربة ما بين نصين. وهي لا تستطيع أن تقدم نفسها بالمعنى الحقيقي كما لو كان نسيجا لنص غير مكتمل، إنما نسيجا لنص حقيقي يتوجب نبشه، بما أن تناغمه الداخلي لا يكون كلاما... بل حياة.

صور نتوجه بها إلى الآخرين من فوق ضباب سوء الفهم... كل صورة هي حزمة من الإيماءات العامة؛ وهي تمتلك نفس القدر من الأهمية والجوهرية لتعريف كل نخبة من وطننا الحبيب...
الصورة هي وسيط بصري في تشكيل أنماط سلوكية وفي إنتاج خطابات من مواقع متباينة، لتمرير قدر من المضامين الفكرية والثقافية والإيديولوجية...
الصورة هي متنفس حقيقي في نقل المشاعر وصورا عن الذات لإشراك آخر مفترض أو محدد، مصدره نوع الاستعراض لحجج ثابتة ودامغة، مادية تراها العين ويتقبلها العقل، عندما تكون لها قابلية ذلك...
الصورة لا يمكن فصلها عن المستهلك / المتفرج المساهم في تداول الصورة من موقع مندمج، وعن دواعي الإنتاج وعن أهدافه ثم عن الإنزلاقات والجوانب المنفعية في نشر الخبر بكل أطيافه وألوانه. أكان تعليقا أو تقريرا أو إشهارا أو إعلانا لوفاة....
أليست الصورة قادرة على مصاحبة الذات في أدق التفاصيل؟ ألا يقطن الشيطان في التفاصيل الدقيقة؟ ألا يمكننا رش بعض الصور بالمايونيز والصلصة الحارة، مع تقديمها على أنها الحقيقة المطلقة، و"الفوتوشوب" أحد التوابل المرفقة جانبا...
الصورة كأي منتوج تخضع للعرض والطلب، لصيرورة الإبداع والتبليغ رغم تحكم الضوابط التقنية فيها... لكن الصورة تبقى غير محايدة على المستهلك والمستقبل لها خاصة أننا شعبا أميا تنخره الإشاعة والعنعنة...
الصورة باعتبارها مندمجة في نظام من القيم والعقليات المغربية ذات الامتدادات الدينية. نجد لها ارتداد في وجدان المستهلك المغربي...
لكن الصورة أخطر مليون مرة من الكلمة، باعتبارنا شعبا لا يقرأ إلا دقيقتين في السنة؛ وهي تساعد على وعي جماهيري والمتخيل الجماعي المشترك للمغاربة، بل لها منظر ومظهر وخز الضمير والتحريض على الاحتجاج ( صورة الطفل السوري الغريق). ثم لا يفوتني في الأخير إلا أن ألفت إلى محاصرة الصورة وتشويه مضمونها خاصة بأسلحة حديثة تعبر دائما عن الكفر والإلحاد ( فيلم الزين لي فيك: صورة لبنى أبيضار وهي عاهرة وسبب مآسي المغرب وتصوير المخرج نبيل عيوش على أنه يهودي وعميل للخارج وتربى في حضن عائلة برجوازية تعيش انفصاما مع الواقع المغربي)...
إذا أراد الطلبة الأطباء ربح نضالهم - وهذا أكيد- زيادة على اعتصاماتهم "التقليدية" وجب عليهم استغلال صور الفنانين والسياسيين ومشاهير العلم والأدباء؛ وصور يلتقطونها في ظروف عمل صعبة، صور عمليات جراحية نادرة في جو أقل ما يقال عنه أنه خطير ومسؤولية وزارة أو ثكنة الفهد الوردي ثابتة، صور تخلد التحامهم بواقع المغربي المعاش، صور تحركهم جنب أطفال الشوارع والمهمشين. صور من أعماق المغربي المنسي. صور زيارات الخيريات. صور عمل إنساني في سجون المملكة. صور من دور العجزة. صور في أجنحة الأمراض المعدية. صور لأنشطة اجتماعية مثل البستنة وجمع الأزبال. صور ببدلاتهم البيضاء وهم ينزلون إلى الشارع يوزعون أكياسا بلاستيكية خاصة بعيد الأضحى، ويعرفون المواطنين بمطالبهم المشروعة...
الصورة تكاد تقتل...
أن نؤول لا يعني أن نشخص ولا أن نتشخص. لكن أن نشتغل على أنفسنا دون توقف مع استبعاد افتراضاتنا الخاصة والمسبقة. لذا فإن ما نقوم بنشره ليس شيئا آخر غير الفلسفة، قاصدين بهذه المفردة ليس فحسب كلا من المقترحات، من التعاليم أو حتى نظام من المعارف، لكن حياة مترعة بالحكمة، وهو ما يهرب من محيط فضاء واقع بلدنا...
تضامني المطلق مع بجع بلدي... تضامي اللا مشروط مع رجال ونساء الغد... تضامني مع مهنة إنسانية...

سعيد تيركيت
الخميسات- المغرب- 18 / 09 / 2015