FB_IMG_1612821107658.jpg

تفاصيل صادمة عن المصنع الذي اودى بحياة العشرا ...

 Feb 08, 2021    0    
علاقة بكارثة غرق مصنع للأقمشة بطنجة الموغرابية صباح اليوم والذي اودى بحياة العشرات من العمال وج ...
FB_IMG_1602899340126.jpg

استاذ جامعي يفضح : الشواهد الجامعية تباع وتشت ...

 Oct 17, 2020    0    
لا حديث الأمس و اليوم في جامعات و كليّات المغريب من شماله إلى جنوبه إلا على هاد السيد، عبد الكب ...
ahmedlakrimi.jpg

اختلالات في محاربة كورونا (كوفيد19) بالأكاديم ...

 Sep 29, 2020    0    
كد مجموعة من الأساتذة  بالأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين بمراكش آسفي، أن التعليم عن بعد غير ...
occupy-wallst-graeber-dies.jpg

رحيل "منظر حركة " احتلوا وول ستريت

 Nov 06, 2020    0    
 رحيل منظر حركة " احتلوا وول ستريت" بقلم محمد سعدي  
FB_IMG_1601396282635.jpg

بين اذربيجان وارمينيا ...النفط والطاقة

 Sep 29, 2020    0    
بين أذربيدجان وأرمينيا ..
blacklivesmatter.jpg

مثقفون ومفكرون : من أجل أممية تقدمية فاعلة

 Jun 07, 2020    0    
ترجمه حماد بدوي 
suffer40jail2-1.jpg

التعذيب مازال قائما في المغرب

 Mar 25, 2021    0    
عزيز ادمين

قائمة مقاطع الفيديو

مدخل لفهم نظرية معرفة الله عند ابن تيمية

08 Oct 2015 : 03:22 تعليقات: 0 مشاهدات: 
ibntaymia.jpg
Yennayri
منشور من طرف Yennayri
[justify]بقلم عبد الصمد الراغي
حتى يكونَ بحثُنا مفهوماً، وحتى يكون فكر ابن تيمية مفهوماً ايضاً لا بد من تناول نظرية المعرفة عموما ثم نظرية المعرفة عند ابن تيمية بايجاز؛ حتى يتضح بعد ذلك أن الخلل في فكر ابن تيمية والوهابية، مردّه إلى الخلل البنيوي في نظرية المعرفة، وخصوصاً معر[/HTML]
بقلم عبد الصمد الراغي
حتى يكونَ بحثُنا مفهوماً، وحتى يكون فكر ابن تيمية مفهوماً ايضاً لا بد من تناول نظرية المعرفة عموما ثم نظرية المعرفة عند ابن تيمية بايجاز؛ حتى يتضح بعد ذلك أن الخلل في فكر ابن تيمية والوهابية، مردّه إلى الخلل البنيوي في نظرية المعرفة، وخصوصاً معرفة الله تعالى.
الذي دعاني إلى تناول نظرية المعرفة عند ابن تيمية في سياق البحث، هو الإدعاء سواء كان ذلك منه، أو من أتباعه لاحقاً، وهم الذين يسمون بالوهابية؛ بأن المعرفة التي يمتلكونها، هي الحق ولا حق سواه، ونتج عن ذلك التكفير الوهابي للغالبية العظمى من المسلمين، فكان هذا النهج الذي يشكل خطراً على وحدة الامة الاسلامية ، والذي استشرى في زماننا لأسباب كثيرة ، معظمها بعيد عن كون هذا المنهج حقاً أو باطلاً، وذلك يحتاج الى جرأة في العودة الى ما قرره علماء الأمة، دون إغفال لجعل ذلك كله في دائرة البحث الثائر، والذي لا يطفيء ناره الا الدليل وصحة المعيار الذي يقوم عليه الدليل، فقد عرفت الأمة الاسلامية كثيراً من الأفكار التي انتشرت وتطاولت لأسباب سياسية، أو اندثرت وزالت أيضاً لأسباب قد تكون السياسة أقواها، دون اغفالٍ لأسباب أخرى، فقد انتشرت بعض المذاهب الفقهية مثلاً لوجود أوقاف تكفي لفتح المدارس التي تُعَلِّمُ هذا المذهب، والإنفاق على العالم والمتعلم، فقد انتشر فكر القدرية في ظل حكام ظلمة، وسواء كانت بداية ذلك بإنحياز من السلطة الحاكمة أو باستحسانها لتلك الفكرة بعد ذلك، فالنتيجة واحدة؛ إذ القول بأن الإنسان مسيّر، وهو كالريشة في مهب الريح . شكّل غطاءً للظلم والانحراف عن مباديء الإسلام في سياسة الرعية، وأعفى الظالم الذي قام بالظلم "مجبوراً ومقهوراً"! من المعاتبة والمحاسبة الشرعية، وكذلك حينما أرادت المعارضة السياسية كشف الغطاء الشرعي عن أولئك الظلمة لجأوا الى القول بأن افعال الإنسان من خلقه هو، لا من خلق الله، ليصبح الظالم محاسباً عن ظلمه، وكذلك كثير من الأفكار انتعشت او اندثرت بفعل معاداة الحاكم او تبنيه لتلك الأفكار، بغض النظر عن الصواب او الخطأ في تلك الأفكار، وهو ما يدعونا في هذا الزمان الى التعامل بتسامح أكبر مع المخالفين، فليس تحصيل المعرفة الا فعلاً بشرياً قابلاً للخطأ والصواب، والحكم عليها بهذا أو ذلك لا يجعلها خطأ أو صواباً في ذاتها، بل يمكن أن يكون الخطأ موصوفاً بالصواب عند من تبناه ودافع عنه، وقد يكون الصواب المحض موصوفاً من مخالفه بالخطأ.
لذلك، كان لا بد في هذه العجالة من تناول نظرية المعرفة، وأقرب مناهجها بالدليل العقلي، ثم مقارنة ذلك بنظرية المعرفة عند ابن تيمية.

معنى نظرية المعرفة ابستمولوجيا :
الإنسان باعتباره إنساناً يعيش في هذا الكون، فإنه يطرح أسئلة كثيرة تتعلق بالكون والانسان والحياة، ويحاول في نفس الوقت التأكد من صحة المعلومات والإجابات التي توصل اليها بنفسه أو توصل اليها الآخرون وقام هو بتقليدهم بناء على قناعته بصحة المعيار الذي استخدم في تحصيل تلك المعرفة. وقد استخدم الإنسان مناهج متعددة لا يتسع المجال هنا لذكرها تفصيلاً، ولكن من أبرزها المنهج التجريبي، وهذا المنهج مع إصرار أصحابه بأنه أصوب المناهج في تحصيل المعرفة، الا أنه مُستنِدٌ في الحقيقة الى الطريقة العقلية، فالتجربة مثلاً تفيد أن الحديد يتمدد بالنار، وهذه مسألة محسوسة، فإذا اجرينا هذه التجربة مرتين أو ثلاثاً وكانت النتيجة واحدة فإننا نحكم حكماً عاماً وشمولياً على الحديد بأنه يتمدد بالنار، ولكن هذا الاستقراء وهذه النتيجة لم تكن في الحقيقة الا حكماً عقلياً، فنحن لم نُجرِ التجربة على كل الحديد الموجود في الكون، ومع ذلك فحكمنا يشمل كل حديد في الكون، أي ان النتيجة التي توصلنا لها بعقولنا هي أعظم من نتائج التجربة الحسية التي اقتصرت على عينات من الحديد.
إذن طبيعة الإنسان التي تختلف عن باقي الحيوانات، وهي امتلاك العقل، هي التي صنعت الحضارات والافكار العظيمة التي عرفتها البشرية؛ إذ أن علاقة الحيوانات بالوجود هي علاقة مؤقتة تنتهي بموتها، وفي اثناء الحياة تنحصر علاقتها في الوجود بإشباع غرائزها وحاجاتها العضوية، ولا تستطيع الربط بين معطيات الواقع الخارجي وحاجاتها وغرائزها، إذ أن هذا هو فعلاً ما يميّز الانسان عن الحيوان.
وبما ان الموضوع متعلق بالله؛ فإن الحديث يجب ان يتناول الطريق لمعرفة الله، هل تتم بدون العقل، هل هناك طريقة قطعية يمكن الاستناد اليها غير المعرفة العقلية المستندة الى البراهين والادلة القطعية؟
"إن أسمى ما يتميز به الإنسان عن سائر مخلوقات الله عز وجل: المعرفة؛ لأنها تنشأ عن العقل، والعقل آله لإدراك الأحكام والقضايا ومناط التكليف"
هذه الكلمات التي ذكرها الامام النسفي واضحة في تمييز الانسان وتميزه عن باقي المخلوقات بالمعرفة التي لا تتحصل الا بالعقل، ويُعَرَّفُ العقل بأنه أداة لادراك الاحكام والقضايا، وهذا التعريف للعقل عليه مدار التعريفات المختلفة عند العلماء ، وهذا هو المهم في المسألة ؛ إذ ليس الاختلاف في التعريف موجباً لاختلاف المعرَّف، فالعقل يبقى هو العقل في واقعه، ولو اختلفت كلمات العلماء في تعريفه، وتعريفه بأنه أداة أو ملكة أو غير ذلك، لا يلغي الحاجة الى العقل في تحصيل المعرفة، وأفضل ما يوثق به في تحصيل المعرفة هي الطريقة العقلية التي تستند الى نقل الواقع المحسوس بحواس سليمة الى العقل ثم تفسيرها وفق المعلومات السابقة، ومع أن هذا القول صحيح بالاجمال الا أنه لا يتناول معيار الخطأ والصواب للمعلومات السابقة التي تعتبر اساس الطريقة العقلية في التفكير وركنها الركين.
إذن يمكن الجزم بأن نظرية المعرفة في الاسلام تستند الى العقل، فبه يعرف الله وبه تثبت النبوات التي جاءت بالنصوص التي تسمى النقليات، ومعرفة الله هي أول واجب على المكلف معرفته، " العلم بالله وصفاته مقدم على كل علم" ولا يتم ذلك الا بالعقل.
وليس معنى ذلك مغالاة في منزلة العقل في الاسلام كما فعلت المعتزلة، ولكنه أيضاً ليس انتقاصاً من قدره كما فعل من تمسك بحرفية النص مع مخالفتة لقواطع العقل احياناً، دون تمييز بين النص الذي سمعه الصحابة الكرام من النبي صلى الله عليه وآله وسلم مباشرة دون واسطة، وبين النص الذي نقل الينا بسند يقطع العقل بإمكان الوهم أو الكذب فيه، فيقع صاحب هذا المنهج في المحظور بعد ذلك، وهو الايمان بمتناقضات.
ابن تيمية جعل معرفة الله من الضروريات التي لا تحتاج الى استدلال عقلي، فالإنسان لا يحتاج إلا الى الفطرة في معرفته لله، ولهذا جاءت الرسل لتأمر الخلق أن يعبدوا الله وحده وأن يطيعوا رسله، لا بأن يكتسبوا علماً نظرياً بوجود الخالق وصدق رسله كما يظن المتكلمون والمتفلسفة؛ لكن من جحد الحق أمروه بالإقرار به، وأقاموا الحجة عليه، وبيَّنوا معاندته وأنه جاحد للحق الذي يعرفه، وكذلك الرسول صلى الله عليه –وآله- وسلم كانوا يعلمون أنه صادق" . ثم يعلق مؤلف الكتاب فيقول:" أي أن معرفة الله تعالى الفطرية في النفس البشرية يدعمها الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ويفصلها، فهو المصدر الوحيد الهادي لمعرفة الله تعالى وعبادته لمن يرغب بإخلاص وتجرد، ولا ينكر ذلك الا معاند مصرٌّ على الإشاحة بوجهه لكي لا يرى النور! " .
هذا الكلام الذي ساقه المؤلف مستشهداً بأقوال ابن تيمية، وما اردفه به من كلامه المؤيد لابن تيمية يخالف طريقة القرآن، ويخالف طريقة علماء المسلمين الذين اختلطوا بأصحاب العقائد والفلسفات القديمة، وهذا أمر يستحق الإشارة اليه سريعاً، فالنبي صلى الله عليه وآله وسلم عندما بلّغ الاسلام –عقيدة وشريعة- فقد بلًّغه لأناس شهد الله لهم أنهم يؤمنون بوجود الله، قال تعالى : " وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ " {43/87} فلم تكن هناك مشكلة في مكة أن يخاطبهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن الله، فهم يؤمنون به، ولكنه خاطبهم بالتوحيد لأن مشكلتهم كانت الشرك بالله ، وكذلك في المدينة، فاليهود أيضاً لم يكن عندهم مشكلة في الايمان بوجود الله، فهم يؤمنون بالله، بل منهم من آمن بمحمد صلى الله عليه وآله وسلم ولكنهم أنكروا ان يكون مبعوثاً لغير العرب، وكذلك النصارى يؤمنون ابتداءً بوجود الله ولكنهم أنكروا وحدانيته، لذلك لم تكن ادلة وجود الله تحتاج الى مساحة واسعة في القرآن أثناء دعوتهم، إذ لم يكن المخاطب بالقران ينكرها، فكان التوحيد من أهم محاور القران، أما الفرس ومن شابههم فلم يكونوا مؤمنين بالله، فاحتاج المسلمون الى الاستناد للأدلة العقلية في اثبات وجود الله، مع أن فطرة هؤلاء مثل فطرة أولئك، فلو كان الايمان بوجود الله فطري فقط لكانت الاستجابة واحدة والخطاب الذي يلزم واحداً، فليست فطرة اهل مكة والمدينة غير فطرة اهل فارس وروما في أصل خلقتها، وهذا الأمر ليس مبتدعاً، بل قام الدليل عليه من كتاب الله تعالى، فقد ذكر القرآن في سورة البقرة محاورة ابراهيم عليه السلام للنمرود على ما ذكر في كتب التفسير، وسياق النص يدل على أنه لم يكن يؤمن بالله فخاطبه ابراهيم عليه السلام ليقيم الحجة على وجود الله، وليس لإقامة الحجة على وحدانيته، فالدعوة لمن لا يؤمن بالله هي دعوة للإيمان بالله ثم دعوة الى توحيد الله، ويكفي ذكر الآية لمعرفة اسلوب الأنبياء في تبليغ دعوة الله، وأن هذه الاساليب تتغير من انسان لآخر مع امتلاكهم جميعاً للفطرة ذاتها، قال تعالى:
" أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَآجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رِبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ"{2/258}، كذلك فإن سؤال فرعون اللعين لموسى عليه السلام:" فمن ربكما"و " وما رب العالمين" معناه أنه لم يكن يؤمن بالله رب العالمين، وكان جواب موسى لفتاً لعقله؛ كي يتفكر في مخلوقات الله فقال " قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى {20/50} وحيث أن القران هو آخر وحي نزل من السماء، ولا تحتاج البشرية وحياً بعده، فإن الداعين به وإليه، يتسلحون بأساليبه وطرقه في الدعوة الى الله، فهي طرق وأساليب متنوعة؛ لأن البشرية بطبيعتها متنوعة، وما كان صالحاً للإستدلال في زمان قد لا يصلح في زمان آخر، فيكون السلف والخلف في دعوتهم الى الله آخذين من القرآن تنوع اساليبه وتنوع استدلالاته بحسب حال الخصم وزمانه.
القرآن الكريم لم يهمل العقل بالكلية، ولم يحرِّم النظر والإستدلال، فاستعمال العقل في حدوده وتأييده للشرع ضروري؛ لأن من المسائل ما يحتاج الى دليل عقلي، ومنها ما لا يمكن إثباته إلا بدليل سمعي، ومنها ما يُبرهَنُ عليه بالعقل والنقل معاً. أما انفراد العقل وحده في الشرعيات فشيء ممتنع لأنه إن ترك وشأنه اتَّبع هواه، ولكنه بالشرع يتبع هداه. ورحم الله من مثَّل لمن أخذ بالنقل دون العقل، وبالعقل دون النقل بما يلي : الذي يريد فهم الاسلام بدون عقل كأعمى خرج في رابعة النهار وأراد رؤية الاشياء لأن الشمس ساطعة، لكنه يفتقد آلة الابصار فلا يستفيد من سطوع الشمس، ومن أراد العقل دون الشرع فهو كالمبصر الذي خرج في ليل مظلم بهيم يريد ادراك الالوان والأعراض، ظاناً أنه بامتلاك البصر يرى الاشياء، اما الذي استعمل العقل والشرع فهو كمن خرج في ضوء النهار بعين سليمة؛ فإنه يرى الامور على حقيقتها، ويستطيع رؤية الالوان والاشياء، وهذا هو منهج أهل السنة الحقيقيين الذين مثلوا جمهور العلماء والفقهاء وهم الاشاعرة.
وقد أشار الإمام النسفي إلى هذا المنهج فقال :" ... هذا هو المنهج الصحيح الذي ارتضاه جمهور الفقهاء والمحدثين من حنفية وشافعية ومالكية وبعض الحنابلة رحمهم الله"
نعم، هذا ما كان عليه علماء الأمة الفضلاء، الذين جعلوا معرفة الله من العلوم النظرية الكسبية التي تحتاج الى نظر واستدلال، ولا يعارض ذلك قول الله تعالى :" فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ"{30/30} ، فدعوة الرسل والأنبياء جاءت لتذكير الناس بالفطرة السليمة التي فطر الله الناس عليها، وتذكيرهم أنهم بانكارهم لتلك الفطرة قد انحرفوا عن الحق، فالفطرة موجودة وهي تقود الى التوحيد إذا تركت على أصلها، ولكن هذه الفطرة لم تسلم من التشويه والتحريف فأصبحت بحاجة الى العلم النظري المفضي الى انعاش الفطرة وتنقيتها من الشوائب التي علقت أو يمكن أن تعلق بها لأسباب كثيرة تحيط بها، ومن أهمها البيئة المنحرفة عن الحق والصواب، ولذلك كان حديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم:" كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه" ، وما دامت الفطرة قابلة للتشوه مما يعني انحراف صاحبها عن الحق الموصل الى التوحيد، كان لا بد من المعرفة العقلية المستندة الى النظر في مخلوقات الله التي تقود الى معرفته عز وجل. قال تعالى: " سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ {41/53}، فالآيات الآفاقية والآيات الأنفسية التي أشارت اليها الآية الكريمة، هي التي توصل في كل زمان ومكان الى الحق الذي لا حق سواه، وهو الحق الذي لا يعرف الا بالنظر العقلي.
إن اعتماد الأشاعرة في منهجهم على النظر والاستدلال للوصول الى المعرفة ليس منهجاً فلسفياً يراد منه التوصل الى النتائج العقلية فقط، بل هو منهج يوصل الى اليقين الذي هو غاية العبادة، قال تعالى:" وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ {15/99}، وهو كذلك منهج منسجم مع طريقة القرآن في الاستدلال، قال تعالى: وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ {6/75} فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لا أُحِبُّ الآفِلِينَ {6/76} فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِن لَّمْ يَهْدِنِي رَبِّي لأكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ {6/77} فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي هَذَآ أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ {6/78} إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ {6/79}
قال الزمخشري :" والمعنى: ومثل ذلك التعريف والتبصير نعرّف ابراهيم ونبصّره ملكوت السموات والأرض- يعني الربوبية والإلهية- ونوفقه لمعرفتها ونرشده بما شرحنا صدره وسددنا نظره وهديناه لطريق الإستدلال –وليكون من الموقنين- فعلنا ذلك، و(نُري) حكاية حال ماضية، وكان أبوه آزر وقومه يعبدون الأصنام والشمس والقمر والكواكب، فأراد أن ينبههم على الخطأ في دينهم، وأن يرشدهم الى طريق النظر والاستدلال، ويعرفهم أن النظر الصحيح مؤد إلى أن شيئاً منها لا يصح أن يكون الهاً لقيام دليل الحدوث فيها، وإن وراءها محدثاً أحدثها وصانعاً صنعها ومدبراً دبّر طلوعها وأفولها وانتقال مسيرها وسائر أحوالها" .
وقال تعالى:" إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللّهُ مِنَ السَّمَاء مِن مَّاء فَأَحْيَا بِهِ الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخِّرِ بَيْنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ {2/164} ، وهذه الآية أيضاً ترشد العقول الى تلك الآثار للوصول الى معرفة أن هناك مؤثراً. وهذا كله هو منهج الأشاعرة الذي يعيبه ابن تيمية ومن تبعه، فالأشاعرة صاغوا تلك الآيات صياغة عقلية لا تخرج عن إطار الدليل، فهم يلخصون ذلك كله بمقدمات تسلم بنتائجها العقول من قبيل أن العالم حادث، وكل حادث مفتقر الى محدِث فتكون النتيجة أن العالَم مفتقر الى مُحدِث. والمحدث إما أن يكون حادثاً وإما ان يكون قديماً؛ فإن كان مُحدَثاً احتاج الى مُحدِث فكان لا بد أن يكون قديماً.
وبعد اثبات ان للعالم محدثاً يمكن الاستدلال أيضاً على وحدانية الصانع بالقول أن وجود إلهين لا يخلو من تعارض إرادتيهما ومشيئتهما فالإيجاد والخلق والإحياء والإماتة...الخ إذا اتحدت فإنه يمتنع وجود إرادة ومشيئة مستقلة لكل واحد منهما، فيبطل وجود إلهين مستقلين بالإرادة والمشيئة، وإذا تعارضت تلك الإرادة والمشيئة منهما فلا يخلو أن تنفذ ارادتيهما معاً إذا تعارضتا، وهذا باطل لأن اجتماع النقيضين محال، وإما أن تنفذ إرادة أحدهما وتتخلف إرادة الآخر فلا يكون في هذا الكون إلا إرادة ومشيئة القوي وهو الله، وهذا قريب من قول الله تعالى:" لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ {21/22} وهي الآية التي اشتق منها قانون التمانع، أي امتناع أن يكون في هذا الكون غير إله واحد، وهذا أيضاً مما تشير إليه آيات كثيرة من مثل قوله تعالى:" مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِن وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ {23/91} .
المراجع
بحر الكلام للإمام النسفي ص 5 ، دراسة وتعليق الدكتور ولي الدين الفرفور، مكتبة دار الفرفور
انظر كتاب التفكير لتقي الدين النبهاني
انظر كتاب "العقل والعلم في القرآن" للدكتور القرضاوي، ص 167
انظر معرفة الله عز وجل وطريق الوصول اليه عند ابن تيمية، للدكتور مصطفى حلمي، ص 14
المصدر السابق نفس الصفحة
النسفي، بحر الكلام ص 7
متفق عليه
الكشاف 2/31-32
Tags: None

العلامات

Yennayri

0 تعليقات

antony-blinken-gty-jt-201123_1606166749745_hpMain_16x9_992.jpg

وزير الخارجية الأمريكي يصدم الموغريب بتصريح أ ...

 Jan 27, 2021    0    
صوت اليوم مجلس الشيوخ الامريكي بالقبول على تعيين انطوني بلينكن في منصب سكرتير الخارجية في إدارة ...
FB_IMG_1610242177004.jpg

مبعوث أممي يستعيد سنوات تعذيبه داخل السجون ال ...

 Jan 10, 2021    0    
 عبر تدوينة فايسبوكية استعاد المناضل اليساري السابق جمال بنعمر والمسشار الخاص السابق الامين الع ...
FB_IMG_1608676897553.jpg

الاعلان الرسمي المشترك بين أمريكا والمغرب واسرائيل

 Dec 22, 2020    0    
الرباط – في ما يلي النص الكامل للإعلان المشترك الذي وقعته اليوم الثلاثاء المملكة المغربية والول ...
FB_IMG_1593261278879.jpg

عمر الراضي : مارسنا الجنس رضائيا كراشدين وسأذ ...

 Jul 29, 2020    0    
بعدما قررت الدولة المغربية متابعة الصحافي عمر الراضي في حالة اعتقال بتهم غبية وسريالية اي اغتصا ...

أقصبي: تقرير لجنة النمودج التنموي مليء بالمحر ...

 May 31, 2021    1    
تقرير لجنة النموذج التنموي مليء بالمحرمات وبقي في حدود الخطوط الحمراء
120614706_3462004130514568_7707432065712450424_n.jpg

ملك المغرب يبرع عائلته بمنزل باريسي قيمته 80 مليار

 Oct 02, 2020    0    
إقتنى ملك المغرب محمد السادس مؤخرا إقامة فخمة في أحد أغلى الاحياء الباريسية بمبلغ 80 مليون يورو ...
200823251-e1462177049385.jpg

إحصائيات صادمة عن المغرب

 Aug 26, 2020    0    
أرقام صادمة كشفت عنها الندوة الرقمية المنظمة من قبل الشبيبة العاملة المغربية حول موضوع "الحماية ...
palaisroyal.jpg

بلومبيرغ : بسبب كوفيد 19 المغرب يغلق الهامش ا ...

 Jul 28, 2020    0    
المغرب ينقلب على الديمقراطية بسبب جائحة كورونا ، هكذا عنونت أحد اشهر الصحف الاقتصادية بأمريكا ب ...
zinebsaid.jpg

موازنة بين اللغة العربية الفصحى والعامية:الدا ...

 Apr 17, 2021    0    
بقلم : زينب سعيد *
received_410704366694043.jpeg.jpg

Jacob Cohen* : Une confession qui pèse .*Ecri ...

 Feb 02, 2021    0    
Entrevue réalisée par Dr.
Souadadnan.jpg

من حكايات الضاوية : غانمشي للمغرب نتزوج امرأة ...

 Dec 14, 2020    0    
من حكايات الضاوية 1
fb_img_1559681431895.jpg

وفاة الرايسة "خدوج تاحلوشت" : صوت الاباء والابداع

 Jun 04, 2019    0    
وفاة الرايسة "خدّوج تاحلوشت": صوت الإباء اللاذع
bunjorno.jpg

”صباح الخير ايها المهندسون“

 Mar 09, 2019    0    
زينب سعيد
aminacharki.jpg

"سورة كورونا" تلقي بشابة تونسية في السجن

 Jul 16, 2020    0    
 قضت المحكمة الابتدائية بتونس العاصمة بسجن المدونة التونسية آمنة الشرقي لستة اشهر واداء غرامة قدرها الفي دينار بتهمة الدعوة والتحريض على الكراهية بين الاديان والاجناس والسكان ولذلك على خلفية اعاد ...
palestine.jpeg.jpg

وزارة الداخلية المغربية تمنع مسيرة فلسطين

 May 19, 2021    0    
قررت السلطات المغربية منع المسيرة الشعبية المقرر تنظيمها بالعاصمة الرباط يوم الاحد 23 ماي الجار ...
tachertamsna.jpg

كوميساريا تامسنا تتستر على بوليسي عنف استادة ...

 Apr 23, 2021    0    
تعرضت الاستاة هدى جبيري لاعتداء عنيف بسوق قرية تامسنا من قبل بوليسي متعجرف بعدما رفضت الادعان ل ...

وتستمر فضائح مستشفى ابن رشد بالدار البيضاء

 Apr 06, 2021    0    
نصيب من الفضائح الصحية  يشهده المستشفى الجامعي ابن رشد بالدار البيضاء والغالب فيه هو «طرد المرض ...
orient-occident.png

ملامح الثقافة العربية في ايطاليا

 Jun 22, 2020    0    
بقلم عز الدين عناية
ecole-maroc-300x208.jpg

صرخة من أجل المدرسة العمومية

 Mar 09, 2019    0    
منصور عبد الرزاق
azdinannaya.jpg

مآلات الثقافة والمثقّفين , نحو سوسيولوجيا للخ ...

 Feb 27, 2019    0    
عز الدين عناية
 
nassermoha.jpg

ماوراء البرامج التنموية الملكية من تضليل ...

 May 31, 2021    0    
بقلم ناصر موحى
download.jpeg.jpg

العدالة بسرعتين

 Mar 19, 2021    0    
اسماعين يعقوبي
lahcen-amkran.jpg

موظفو الاكاديميات بين بنكيران والرمضاني

 Apr 06, 2021    0    
بقلم لحسن أمقران