وأنا أوقع على عريضة تضامنية مع الؤرخ المغربي منجيب فرج الله عليه محنته وعفاه من كل مكروه ؛ وأطلع الى زمرة من نخب الاعلام والسياسة و الحقوقيين المتضامنين معه في قضيته العادلة ( المنع السفر و بعض المضايقات) . أعاد الامر الى ذهني ما اسميه بالتضامن الانتقائي المقيت الذي أحسه في حالتي .
انا ممنوع منذ اكثر من 15 سنة من اي نشاط فني او إعلامي في وطني المغرب ، بل ممنوع حتى خارجه من الدول المتعاونة أمنيا مع السلطة المغربية بمذكرة وزارية من الخارجية المغربية . مضيق علي في كل حركاتي و سكناتي سفرا وحضرا . وليس في ما أقدمه من فن اي مسٍ بالقانون او الدين او العرف .
فني يحتفى به في جميع بقاع المعمور لكنه ممنوع في بلدي من اعلى سلطة في المخزن " الملك" . لم يجرؤ اي مسؤول ان ينفي ذلك رسميا او يثبتهُ ، او يبرره حتى .
وليس ذاك مستغربا من حكم استبدادي شمولي لا يؤمن بالحرية و الديمقراطية ، ولا يقبل المخالف او المعارض الخارج عن سرب الخانعين المتملقين .
لكن المستغرب انه لم تستنكر هذا المنع والحصار او تتضامن ضده اي جهة او جمعية حقوقية مغربية . المعيب هو انه لم ينتصب المثقفون المناصرون للحرية والابداع لاستنكاره عبر عريضة او مقالٍ او تصريحٍ حتى .المخجل هو انه لم تنبري اي جهة حقوقية لتتبنى قضيتي الحقوقية المشروعة العادلة . المؤسف انه لم يجترأ اي مثقف او سياسي او حقوقي او إعلامي أو فنان حتى ؛ أن يتحدث عن منعي او حصاري او حقي في حرية التعبير والابداع . صمت مطبق مقيت ايضا .
وليست حالتي الا مثالا على حالات اخرى ؛ يغيبُ فيها التضامن الحقوقي و يحضر بقوة التحيزُ الأيدولوجي . فلا يناصرك مخالفٌ لك في التصور و الفكر وإن كان يؤمن بحقك . و لا يتضامن مع متملق حضوة او جبان يخاف منزلته و أمنه و مكانته.
لا يتضامن معك الا الحقوقي القح الإنساني الذي ينتصر للقيم و لا ينتصر لاديولوجيته و فكره .
ليس هذا في المغرب فقط . في مصر و سوريا و غيرهما ، شهدنا كيف انحاز أعلام و رموز الحقوقيين الى الاستبداد و الانقلاب ، عندما انتهكت القيم الحقوقية من المخالف لهم في الاديولوجيا . ولذلك أكرر ما قلته سابقا و سأقوله لاحقا فليس في الأفق من بريق لشمس الشهامة و النبل و الانصاف :
من ينصر الحقوق لنفسه و لقريبه في الاديولوجيا ، ويكفر بها عند مخالفه ؛ لا يحركه ضمير انساني وإنما نفسية استبدادية مقيتة .