خالد الشامي: شهدت مصر انتفاضة شعبية الاحد مع اندلاع مظاهرات حاشدة وغير مسبوقة مطالبة برحيل الرئيس محمد مرسي ونظام جماعة الاخوان الحاكم وسط مخاوف من انفجار العنف وتفشي الفوضى، خاصة بعد ان اكتفت رئاسة الجمهورية بعقد مؤتمر صحافي لم يقدم اي مبادرة سياسية لحل الأزمة، ونفى وجود وساطة من الجيش لعقد حوار، فيما يتواصل اعتصام عشرات الالاف من المؤيدين لمرسي بهدف منع اسقاطه في ساحة رابعة العدوية غير البعيدة عن القصر الرئاسي.
وامتلأ ميدان التحرير عن اخره عند الساعة السادسة بالتوقيت المحلي (الرابعة بتوقيت غرينتش) رغم درجة الحرارة المرتفعة التي وصلت الى 36 في الظل، وقبل وصول العديد من المسيرات الشعبية المتوقع وصولها في وقت لاحق.
وقامت مروحيات تابعة للشرطة العسكرية بالتحليق فوق المتظاهرين في التحرير والعديد من الميادين للتأكد من عدم وجود قناصة، في رسالة لطمأنة المتظاهرين، والتأكيد على ان الجيش يساند الشعب وعازم على حماية حقه في القيام بالتظاهرات السلمية. وقال متحدث باسم نادي الشرطة ان القوات التي تم نشرها امس في القاهرة تحمل عنوانا يلخص مهمتها وهو (حماية الشعب).
وتجمعت المئات من السيدات في صدارة الميدان أمام المنصة الرئيسية محاطات بسلاسل من المتظاهرين، بعد ان ترددت انباء غير مؤكدة عن تعرض سائحة امريكية للتحرش في الميدان مساء السبت، فيما سادت الميدان أجواء حماسية واحتفالية، وتم إطلاق حمائم ألعاب نارية، وسط اغان وطنية ومشاعر حملت ملامح الثقة والتحدي.
واتجه الاف الصحافيين في مسيرة حاشدة من أمام نقابة الصحافيين إلى ميدان التحرير ثم غيرت مسارها بسبب الزحام الشديد بالميدان إلى قصر الاتحادية مباشرة لاستحالة الوصول إلى التحرير. وردد المتظاهرون هتافات ‘إرحل’، ‘إصحى يا مرسي صح النوم النهاردة أخر يوم’، ‘يسقط يسقط حكم المرشد’.
عن القدس العربي
وباستثناء عشرات الاف المعتصمين تأييدا لمرسي في ساحة رابعة العدوية، لم تسجل اي مظاهرة مؤيدة للرئيس الذي اكمل امس عامه الاول في الحكم، والذي يؤكد كثيرون انه قد يكون الاخير ايضا. كما توجه الاف القضاة والمحامين والفنانين في مسيرات الى التحرير.
وردد انصار مرسي الذين تجمعوا تحت عنوان ‘نبذ العنف’ شعارات هجومية ضد معارضيه قال بعضها ‘النهاردة اخر الشهر، يا احنا يا انتم يا اهل الشر’. و(يا مرسي جنودك هننضفها لك وكلنا رجالتك ورهن اشارتك). و’واحد يعني وان.. الشعب المصري اتجن’. وقال احد المتحدثين انهم مستعدون للدفاع عن مرسي وان اضطروا للقتال، وقال (كتب عليكم القتال وهو كره لكم’.
وتكرست مشاعر الخوف من اعمال العنف بعد ان نقلت تقارير اعلامية وجود هجمات على معارضي مرسي في المنيا وبني سويف، وحرق لعدة مقار للاخوان في المحفظات، وان وزارة الداخلية القت القبض على 17 من اعضاء حزب البناء والتنمية التابع للجماعة الاسلامية متلبسين بحمل اسلحة في طريقهم للقاهرة.
وقالت الجماعة الإسلامية في بيان لها إنها مستمرة في ‘رسالتها السلمية وتظاهرها السلمي’ دعما للشرعية التي أتت بالرئيس المنتخب، وإنها لم تأمر أحدا من أعضائها بحمل السلاح.
وقالت الجماعة في البيان ‘قد يدفع الاعتداء المتكرر على الملتحين في المواصلات العامة البعض لحمل أداة يدافع بها عن نفسه وان محاولة بعض ‘الإعلام الكاذب’ تضليل الشعب بنشر أخبار غير دقيقة هو من قبيل الدعاية الكاذبة المعتادة التي لم تلفت النظر لحالات القتل المتعمد التي تقوم بها المعارضة ولا عن تعمد بعض رجال الشرطة القبض على الملتحين في حين يترك البلطجية يمرون بسلاحهم’.
ومع حلول المساء كان المشهد مهيبا في محيط قصر الاتحادية، حيث ادت الاعداد الغفيرة للمتظاهرين الى توقف حركة النقل واغلاق الشوارع في المنطقة، فيما بدأ الاف المتظاهرين في التوجه الى قصر القبة القريب بعد انباء عن وجود الرئيس مرسي هناك. وتحسبا للاسوأ اغلقت معظم المحال ابوابها، وقام كثيرون بتخزين المواد الغذائية الاساسية.
واعتبر مراقبون ان المشهد في 30 حزيران (يونيو) يفوق يوم 25 كانون الثاني (يناير)، مع مشاركة الملايين بالاحتجاجات في انحاء البلاد، الا ان تطوره سيعتمد على ما يحدث في محيط القصر الرئاسي، واحتمال انفلات الامن، واسلوب تدخل الجيش، الا انهم اعتبروا انه بغض النظر عن السيناريوهات التي قد تكشف عنها الساعات او الايام الحاسمة المقبلة، فان الانتفاضة التي اندلعت ضد الاخوان الاحد تؤكد انهم فقدوا الحاضنة الشعبية التي طالما مكنتهم من الصمود في وجه ازمات ومحن سابقة، ما يعني تغير القواعد الاساسية للعبة السياسية في مصر للابد.