تفاصيل صادمة عن المصنع الذي اودى بحياة العشرا ...
Feb 08, 2021 0
علاقة بكارثة غرق مصنع للأقمشة بطنجة الموغرابية صباح اليوم والذي اودى بحياة العشرات من العمال وج ...
استاذ جامعي يفضح : الشواهد الجامعية تباع وتشت ...
Oct 17, 2020 0
لا حديث الأمس و اليوم في جامعات و كليّات المغريب من شماله إلى جنوبه إلا على هاد السيد، عبد الكب ...
اختلالات في محاربة كورونا (كوفيد19) بالأكاديم ...
Sep 29, 2020 0
كد مجموعة من الأساتذة بالأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين بمراكش آسفي، أن التعليم عن بعد غير ...
[right]ما القُرآن؟
خطأ شائع يحتاج إلى تصويب : عندما نتكلم عن القرآن، عادة ما نخلط بين ثلاث ظواهر مختلفة شكلاً ومضموناً. بل، قد لا يكون الأمر مجرّد خطأ طارئ، لعله خطيئة أصلية تتوارثهاأبحاث القرآن -بما في ذلك الأبحاث العقلانية- فتأتي النّتائج في كل مرّة لفائدة الفكر السّلفي وال[/HTML]
خطأ شائع يحتاج إلى تصويب : عندما نتكلم عن القرآن، عادة ما نخلط بين ثلاث ظواهر مختلفة شكلاً ومضموناً. بل، قد لا يكون الأمر مجرّد خطأ طارئ، لعله خطيئة أصلية تتوارثهاأبحاث القرآن -بما في ذلك الأبحاث العقلانية- فتأتي النّتائج في كل مرّة لفائدة الفكر السّلفي وال[/HTML]
ما القُرآن؟
خطأ شائع يحتاج إلى تصويب : عندما نتكلم عن القرآن، عادة ما نخلط بين ثلاث ظواهر مختلفة شكلاً ومضموناً. بل، قد لا يكون الأمر مجرّد خطأ طارئ، لعله خطيئة أصلية تتوارثهاأبحاث القرآن -بما في ذلك الأبحاث العقلانية- فتأتي النّتائج في كل مرّة لفائدة الفكر السّلفي والأصولي. وتحديداً، أَمامنا مسلّمة تشبه الحلقة المفرغة التي تعيدنا بعد كل جهد تجديدي إلى نقطةالجمود. المُسلّمة مستلهمة من الآية التي تقول حَرفياً وبالفهم الحَرفي: )كلٌّ من عند الله( سورة النساء، الآية 78 .
وغايتنا مساءلة المسلّمة.
لكن، أليس القرآن كلام الله بالتمام والكمال؟ أليس الله ضمير المتكلم الكلّي، حتى حين يتكلم بضمير الغائب، وربّما بضمير الغيب تحديداً؟
لن نصادر على المطلوب. والمطلوب أن نتفكّر في العبارة )كلٌ من عند الله(: هل المقصود بالعبارة أنّ المصحف الذي بين أيدينا، بترتيبه وتبويبه وقواعد كتابته ورسمه وخطه وتنقيطه وتنوينه، هو أيضاً من عند الله؟
واقعة قديمة وشمت ذاكرتي، أذكرها قبل المتابعة : كنّا في مرحلة الدراسة الإعدادية نقرأ سورة المعارج بقراءة ورش التي لا نعرف غيرها في المغرب، فخطر لي أن أسأل أستاذ
التربية الإسلامية : لماذا لا نضيف الهمزة إلى )سال سائل...( فنقول )سأل سائل(، وهكذا يكون المعنى أوضح؟ أجابني بحسم:
لا يجوز لنا ولأي سبب كان أن نبدل كلام الله. قلت: ولو بهمزة واحدة!؟ فردّ غاضباً: ولو بنصف همزة، ولو برُبع همزة، ولو بقطرة مداد من الهمزة. وخطر لي أن أسأله: ومن أدرانا أن الله أملاها بدون همزة؟ فما كان منه إلاّ أن صفعني على خدِّي ثم طردني من الفصل رافضاً استقبالي إلاّ باعتذار.
لا أذكر كيف تخطّيتُ الشّعور بالإهانة. لكني أذكر فقط كيف زَادت قناعتي بالسّؤال، وأحسستُ أني أمام سِرٍّ لا يُراد لي أن أقرُبه. وهكذا كان.
مرّت سنوات طوال على تلك الواقعة قبل أن أفهم في الأخير، بكل بساطة وبداهة ومعقولية، بأن الله لا علاقة له بأي بأي همزة تُكتب أو لا تُكتب فوق أو تحت الألف، ولا علاقة له بالكثير من التفاصيل الإملائية والكلامية والنصية، وهذه كلّها تدخل ضمن الأساطير المؤسسة للفكر الأصولي والسّلفي.
أساطير إن لم نتجاوزها عن طريق فتح النقاش حولها لن يكون في مجتمعاتنا تجديد ولا مَن يجدِّدون ولا تنوير ولا مَن ينوِّرون،وسنبقى خاضعين لذلك الفكر السلفي الأصولي الذي يرى أن على المسلمين العودة للاحتكام، بل وللعيش، وفق عقلية وأحكام تلك الفترة التي أحكم فيها هذا التفكير السلفي الأصولي سيطرته، وأغرقنا في قرون طويلة من الحدود التي يضعها للدولة ولطرق العيش وللقانون –عفواً الشريعة-.. وللتفكير.
إجراء بسيط :
إذا دفعنا مسلّمة )كلٌّ من عند الله( إلى حدودها القصوى فسنقع في مستنقع الآراء الأكثر سذاجة، والتي تظنّ بأن المصحف بخطه وأوراقه، وربّما بمداده أيضاً، كلٌّ من عند الله! ومن ثم فقد كان الأجدر بنا أن نسميه بالمصحف الرباني أو الإلهي! إلاّ أن الواقع يؤكده الإصطلاح نفسه المصحف العثماني.
إذاً، نحتاج للقيام بخطوة إلى الوراء ومساءلة المسلّمة بدءاً بالسؤال : هل القرآن فعلا كلام الله؟ هل القرآن نص أمْلته الذات الإلهية بالتمام والكمال؟
لكن، ألا يحتمل هذا السّؤال مكراً خفياً، وذلك حين يشل قدراتنا على الإبداع ويضعنا بين جوابين يقينيين متطرفين لا ثالث بينهما أو دونهما : إما تأكيد غيبيّ مطلق أو نفي وضعانيّ مطلق؟
لا بد من قدر من التّنسيب. في كل الأحوال، لا توجد أجوبة جيدة عن أسئلة سيئة.
لذلك يتوجّب علينا أن نسائل السؤال أولاً.
ما المقصود بالقرآن؟
بمعزل عن النّزعات الاختزالية، في شقّيها الغيبي والوضعاني، يدلّ القرآن كما سبق القول على ثلاث ظواهر متباينة لا يجوز الخلط بينها :
-1 الوحي الرباني، وهو يحيل إلى الصور الوحيانية التي استشعرها الرّسول وتمثّلها، إما عبر قوّته التخييلية كما يقول كلٌّ من الفارابي وابن عربي وسبينوزا عن تجارب النبوّة، أو عبر القلب والوجدان كما يشرح أحمد القبانجي. وفي الأخير فإن كلام القرآن هو كلام النبي المؤيَّد بالإرادة الإلهية كما يوضح محمد مجتهدالشبستري.
-2 القرآن المحمّدي، وهو ثمرة جهد الرّسول في تأويل الوحي وترجمة الإشارات الإلهية إلى عبارات بشرية، انطلاقاً من وعيه وثقافته ومزاجه وشخصيته وقدراته التّأويلية. وقد استغرق هذا الجهد ما يقارب رُبع قرن من الزّمن. والمؤكد أن هذا الفارق بين القرآن المحمدي والوحي الرباني قد سبق إلى التعبير عنه المصلحان الدينيان الإيرانيان عبد الكريم شروس (1 ) والشيخ محمد مجتهد الشبستري(2)
-3 المصحف العثماني، وهو ثمرة جهد المسلمين في
تحويل القرآن المحمدي –خلال مرحلة أولى- من آيات شفهية
(1) عبد الكريم شروس، بسط التجربة النبوية، ترجمة أحمد القبانجي، منشورات الجمل، بيروت
- بغداد، 2009 .
(2) الشيخ محمد مجتهد الشبستري، قراءة بشرية للدين، ترجمة أحمد القبانجي، منشورات
الجمل، بيروت - بغداد 2009 .
متناثرة إلى مصاحف متعددة، ثمّ –خلال مرحلة ثانية- من مصاحف متعددة إلى مصحف واحد وجامع، وفق نمط معيّن من التأليف والتبويب والتّرتيب، وبحسب قواعد محدّدة في اللغة والكتابة والخط. وقد استغرق هذا الجهد زهاء نصف قرن من الزمن على الأقل. وللتذكير، فقد تمّت مفهمة هذا الجهد على يد جورج طرابيشي، في حديثه عن «مَصْحَفة القرآن .(1)
نعيد القول بعبارة أخرى : عند الكلام عن الخطاب القرآني، نحن أمام ثلاثة مستويات من التمظهر : أولاً، الوحي الرباني، وهو عبارة عن صور وحيانية «فيها غموض » يستشعرها الرّسول ويحاول التعبير عنها انطلاقاً من ثقافته ولغته وبيئته؛ ثانياً، القرآن المحمدي، وهو عبارة عن آيات شفهية في الغالب متفرقة في الصدور وبعض الأدوات، بما فيها الآيات التي يُفترض أو يُحتمل أنها نُسخت أو ربما يُعتقد أنها نُسيت )ما ننسخ من آية أو ننسِها...( الآية 106 من سورة البقرة؛ ثالثاً، المصحف العثماني وهو الذي اتخذ شكل نص رسمي، جمعه ورتبه وشكّله ونوّنه ونقّطه المسلمون بعد وفاة الرّسول، وعبر مسار استغرق عشرات السنين.
المشكلة بكل وضوح أن تعامُلنا مع القرآن لم يعد ممكناً إلاّ من خلال تمظهره الأخير، أي المصحف العثماني. بل، حتى هذا المستوى لا ندركه إلاّ تجاوزاً، طالما أن النّسخ الأصلية لمصحف عثمان كانت ولا تزال في حكم المفقودة، ولسنا نملك اليوم من أمرها سوى النّسخ المتأخرة، وهي نسخ تمّت إعادة كتابتها عقب
(1) جورج طرابيشي، إشكاليات العقل العربي، دار الساقي، بيروت - لندن، الطبعة الرابعة 2011 ،
ص : 63 .
تقعيد اللغة والكتابة والخط، وعلى الأرجح في زمن خلافة عبد الملك بن مروان.
السؤال : أين «كلام الله » من كل هذا؟
الإجابة : إننا لا نملك من «كلام الله » غير «كلام رسول الله »
على وجه التّحديد.
وهذا ما ينسجم إلى حد ما مع الاتجاه الذي يدعو إليه الشيخ محمد الشبستري حين كتب يقول : «من الواضح أنّنا لو تبنّينا هذاالاتجاه فإنّ الكلام الوحياني الذي نقله النبي للناس يصبح كلام ذلك الانسان النبي الذي يتميز بتأييد الإرادة الإلهية له، وفي هذه الصورة، وبما أن هذا الكلام هو كلام بشر، فسوف يكون من
الممكن فهمه من خلال المعايير الموجودة لفهم كلام الإنسان .(1)
لكن، رغم ذلك، يبقى المشكل شائكاً بعض الشّيء! أقترح إعادة مقاربة المسألة بأسلوب مبسّط وعبر طرح سؤال واضح حول علاقة الخبز بالقمح.
بكل تأكيد، لولا القمح لما كان هناك خبز. لكن هل هذا يكفي حتى نقول إن المزارع هو صانع الخبز!؟
ليس ثمة من شك في أن صانع الخبز هو الخبّاز وليس المزارع، ولكن ما كان لهذا الأخير أن يصنع الخبز لولا المادّة الأولية التي هي القمح.
(1) الشيخ محمد الشبستري، قراءة بشرية للدين، ترجمة أحمد القبانجي، منشورات الجمل
بيروت-بغداد، الطبعة الأولى، 2009 ، ص : 199 .
وهكذا..
نسبة القرآن إلى الله هي على نحو نسبة الخبز إلى المزارع.
بمعنى :
لولا وجود الله لما وُجد القرآن، لكن ليس القرآن كلام
الله، مثلما ليس الخبز صنيعة المزارع. الله هو مُنتج المادّة الخام
التي هي الوحي، مثلما أن المزارع هو منتج المادة الخام التي هي
القمح. وكما أن الخبّاز هو الذي حوّل القمح إلى خبز وفق رؤيته الخاصة ومهاراته الفنية وقدراته الإبداعية، كذلك فإن الرّسول هو مَنْ قام بتأويل الوحي وتحويله إلى عبارات وكلمات وفق رؤيته الخاصة.
نستخلص من ذلك أنّ القرآن هو كلام الرّسول محمد عليه السلام، كلامه الذي يُعبّر عن ثقافته ولغته وشخصيته وبيئته وعصره. وهذا دون أن ننفي دور الله الذي هو الموحي ومصدر المادّة الخام.
وبالأحرى، حين نضع نصب أعيننا أنّنا لا نعرف من أمر الخطاب القرآني سوى المصحف المدوّن على نحو معيّن من قواعد الكتابة وضوابط الإملاء وظروف الجمع وخلفيّات الترتيب، يكون بوسعنا القول إنّنا أمام نص بشري بلا خلاف، أو هكذا يُفترض.
عود على بدء.
ربّما تبدو الأمور أكثر وضوحاً الآن، فعند الكلام عن القرآن
لا يجوز الخلط بين ثلاثة مستويات :
أولاً، الوحي الإلاهي الذي ألهَم الرّسول، ويُمثل المادّةالخام، ولا نعرفه إلاّ عبر التّأويل المحمّدي.
ثانياً، القرآن المحمدي، وهو نتاج تأويل الرّسول لإشارات الوحي الإلهي، وهو بدوره لا نعرفه إلاّ من خلال التأويل المصحفي.
ثالثاً، المصحف العثماني، ويمثل الصياغة النصية الرّسمية للقرآن المحمدي، الذي هو بدوره أيضاً تأويل للوحي.
هذا يعني أننا لا نملك من أمر القرآن اليوم سوى نسخٍ لنسخ، ولا نعرف عنه سوى تأويلات لتأويلات. وهذا يكفي لكي نقول إن نُسخ المصحف العثماني التي صارت بين أيدينا –باختلافها في القراءات- نصوص بشرية تاريخية تراثية وأرضيّة، بكل ما تعنيه الكلمات من دلالات. صحيح أنّ منبعها الأوّل إلهام إلهيّ، لكن لا ماء يعود إلى السماء غيماً كما كان.
والأصح أن نقول :
إن الوحي الإلاهي بعد أن صيّره الرّسول عليه السلام قرآناً محمدياً، ثم صيّره المسلمون مصحفاً عثمانياً، صار نصّاً بشرياً بلغة البشر وعلى قدر أفهامهم.
خطأ شائع يحتاج إلى تصويب : عندما نتكلم عن القرآن، عادة ما نخلط بين ثلاث ظواهر مختلفة شكلاً ومضموناً. بل، قد لا يكون الأمر مجرّد خطأ طارئ، لعله خطيئة أصلية تتوارثهاأبحاث القرآن -بما في ذلك الأبحاث العقلانية- فتأتي النّتائج في كل مرّة لفائدة الفكر السّلفي والأصولي. وتحديداً، أَمامنا مسلّمة تشبه الحلقة المفرغة التي تعيدنا بعد كل جهد تجديدي إلى نقطةالجمود. المُسلّمة مستلهمة من الآية التي تقول حَرفياً وبالفهم الحَرفي: )كلٌّ من عند الله( سورة النساء، الآية 78 .
وغايتنا مساءلة المسلّمة.
لكن، أليس القرآن كلام الله بالتمام والكمال؟ أليس الله ضمير المتكلم الكلّي، حتى حين يتكلم بضمير الغائب، وربّما بضمير الغيب تحديداً؟
لن نصادر على المطلوب. والمطلوب أن نتفكّر في العبارة )كلٌ من عند الله(: هل المقصود بالعبارة أنّ المصحف الذي بين أيدينا، بترتيبه وتبويبه وقواعد كتابته ورسمه وخطه وتنقيطه وتنوينه، هو أيضاً من عند الله؟
واقعة قديمة وشمت ذاكرتي، أذكرها قبل المتابعة : كنّا في مرحلة الدراسة الإعدادية نقرأ سورة المعارج بقراءة ورش التي لا نعرف غيرها في المغرب، فخطر لي أن أسأل أستاذ
التربية الإسلامية : لماذا لا نضيف الهمزة إلى )سال سائل...( فنقول )سأل سائل(، وهكذا يكون المعنى أوضح؟ أجابني بحسم:
لا يجوز لنا ولأي سبب كان أن نبدل كلام الله. قلت: ولو بهمزة واحدة!؟ فردّ غاضباً: ولو بنصف همزة، ولو برُبع همزة، ولو بقطرة مداد من الهمزة. وخطر لي أن أسأله: ومن أدرانا أن الله أملاها بدون همزة؟ فما كان منه إلاّ أن صفعني على خدِّي ثم طردني من الفصل رافضاً استقبالي إلاّ باعتذار.
لا أذكر كيف تخطّيتُ الشّعور بالإهانة. لكني أذكر فقط كيف زَادت قناعتي بالسّؤال، وأحسستُ أني أمام سِرٍّ لا يُراد لي أن أقرُبه. وهكذا كان.
مرّت سنوات طوال على تلك الواقعة قبل أن أفهم في الأخير، بكل بساطة وبداهة ومعقولية، بأن الله لا علاقة له بأي بأي همزة تُكتب أو لا تُكتب فوق أو تحت الألف، ولا علاقة له بالكثير من التفاصيل الإملائية والكلامية والنصية، وهذه كلّها تدخل ضمن الأساطير المؤسسة للفكر الأصولي والسّلفي.
أساطير إن لم نتجاوزها عن طريق فتح النقاش حولها لن يكون في مجتمعاتنا تجديد ولا مَن يجدِّدون ولا تنوير ولا مَن ينوِّرون،وسنبقى خاضعين لذلك الفكر السلفي الأصولي الذي يرى أن على المسلمين العودة للاحتكام، بل وللعيش، وفق عقلية وأحكام تلك الفترة التي أحكم فيها هذا التفكير السلفي الأصولي سيطرته، وأغرقنا في قرون طويلة من الحدود التي يضعها للدولة ولطرق العيش وللقانون –عفواً الشريعة-.. وللتفكير.
إجراء بسيط :
إذا دفعنا مسلّمة )كلٌّ من عند الله( إلى حدودها القصوى فسنقع في مستنقع الآراء الأكثر سذاجة، والتي تظنّ بأن المصحف بخطه وأوراقه، وربّما بمداده أيضاً، كلٌّ من عند الله! ومن ثم فقد كان الأجدر بنا أن نسميه بالمصحف الرباني أو الإلهي! إلاّ أن الواقع يؤكده الإصطلاح نفسه المصحف العثماني.
إذاً، نحتاج للقيام بخطوة إلى الوراء ومساءلة المسلّمة بدءاً بالسؤال : هل القرآن فعلا كلام الله؟ هل القرآن نص أمْلته الذات الإلهية بالتمام والكمال؟
لكن، ألا يحتمل هذا السّؤال مكراً خفياً، وذلك حين يشل قدراتنا على الإبداع ويضعنا بين جوابين يقينيين متطرفين لا ثالث بينهما أو دونهما : إما تأكيد غيبيّ مطلق أو نفي وضعانيّ مطلق؟
لا بد من قدر من التّنسيب. في كل الأحوال، لا توجد أجوبة جيدة عن أسئلة سيئة.
لذلك يتوجّب علينا أن نسائل السؤال أولاً.
ما المقصود بالقرآن؟
بمعزل عن النّزعات الاختزالية، في شقّيها الغيبي والوضعاني، يدلّ القرآن كما سبق القول على ثلاث ظواهر متباينة لا يجوز الخلط بينها :
-1 الوحي الرباني، وهو يحيل إلى الصور الوحيانية التي استشعرها الرّسول وتمثّلها، إما عبر قوّته التخييلية كما يقول كلٌّ من الفارابي وابن عربي وسبينوزا عن تجارب النبوّة، أو عبر القلب والوجدان كما يشرح أحمد القبانجي. وفي الأخير فإن كلام القرآن هو كلام النبي المؤيَّد بالإرادة الإلهية كما يوضح محمد مجتهدالشبستري.
-2 القرآن المحمّدي، وهو ثمرة جهد الرّسول في تأويل الوحي وترجمة الإشارات الإلهية إلى عبارات بشرية، انطلاقاً من وعيه وثقافته ومزاجه وشخصيته وقدراته التّأويلية. وقد استغرق هذا الجهد ما يقارب رُبع قرن من الزّمن. والمؤكد أن هذا الفارق بين القرآن المحمدي والوحي الرباني قد سبق إلى التعبير عنه المصلحان الدينيان الإيرانيان عبد الكريم شروس (1 ) والشيخ محمد مجتهد الشبستري(2)
-3 المصحف العثماني، وهو ثمرة جهد المسلمين في
تحويل القرآن المحمدي –خلال مرحلة أولى- من آيات شفهية
(1) عبد الكريم شروس، بسط التجربة النبوية، ترجمة أحمد القبانجي، منشورات الجمل، بيروت
- بغداد، 2009 .
(2) الشيخ محمد مجتهد الشبستري، قراءة بشرية للدين، ترجمة أحمد القبانجي، منشورات
الجمل، بيروت - بغداد 2009 .
متناثرة إلى مصاحف متعددة، ثمّ –خلال مرحلة ثانية- من مصاحف متعددة إلى مصحف واحد وجامع، وفق نمط معيّن من التأليف والتبويب والتّرتيب، وبحسب قواعد محدّدة في اللغة والكتابة والخط. وقد استغرق هذا الجهد زهاء نصف قرن من الزمن على الأقل. وللتذكير، فقد تمّت مفهمة هذا الجهد على يد جورج طرابيشي، في حديثه عن «مَصْحَفة القرآن .(1)
نعيد القول بعبارة أخرى : عند الكلام عن الخطاب القرآني، نحن أمام ثلاثة مستويات من التمظهر : أولاً، الوحي الرباني، وهو عبارة عن صور وحيانية «فيها غموض » يستشعرها الرّسول ويحاول التعبير عنها انطلاقاً من ثقافته ولغته وبيئته؛ ثانياً، القرآن المحمدي، وهو عبارة عن آيات شفهية في الغالب متفرقة في الصدور وبعض الأدوات، بما فيها الآيات التي يُفترض أو يُحتمل أنها نُسخت أو ربما يُعتقد أنها نُسيت )ما ننسخ من آية أو ننسِها...( الآية 106 من سورة البقرة؛ ثالثاً، المصحف العثماني وهو الذي اتخذ شكل نص رسمي، جمعه ورتبه وشكّله ونوّنه ونقّطه المسلمون بعد وفاة الرّسول، وعبر مسار استغرق عشرات السنين.
المشكلة بكل وضوح أن تعامُلنا مع القرآن لم يعد ممكناً إلاّ من خلال تمظهره الأخير، أي المصحف العثماني. بل، حتى هذا المستوى لا ندركه إلاّ تجاوزاً، طالما أن النّسخ الأصلية لمصحف عثمان كانت ولا تزال في حكم المفقودة، ولسنا نملك اليوم من أمرها سوى النّسخ المتأخرة، وهي نسخ تمّت إعادة كتابتها عقب
(1) جورج طرابيشي، إشكاليات العقل العربي، دار الساقي، بيروت - لندن، الطبعة الرابعة 2011 ،
ص : 63 .
تقعيد اللغة والكتابة والخط، وعلى الأرجح في زمن خلافة عبد الملك بن مروان.
السؤال : أين «كلام الله » من كل هذا؟
الإجابة : إننا لا نملك من «كلام الله » غير «كلام رسول الله »
على وجه التّحديد.
وهذا ما ينسجم إلى حد ما مع الاتجاه الذي يدعو إليه الشيخ محمد الشبستري حين كتب يقول : «من الواضح أنّنا لو تبنّينا هذاالاتجاه فإنّ الكلام الوحياني الذي نقله النبي للناس يصبح كلام ذلك الانسان النبي الذي يتميز بتأييد الإرادة الإلهية له، وفي هذه الصورة، وبما أن هذا الكلام هو كلام بشر، فسوف يكون من
الممكن فهمه من خلال المعايير الموجودة لفهم كلام الإنسان .(1)
لكن، رغم ذلك، يبقى المشكل شائكاً بعض الشّيء! أقترح إعادة مقاربة المسألة بأسلوب مبسّط وعبر طرح سؤال واضح حول علاقة الخبز بالقمح.
بكل تأكيد، لولا القمح لما كان هناك خبز. لكن هل هذا يكفي حتى نقول إن المزارع هو صانع الخبز!؟
ليس ثمة من شك في أن صانع الخبز هو الخبّاز وليس المزارع، ولكن ما كان لهذا الأخير أن يصنع الخبز لولا المادّة الأولية التي هي القمح.
(1) الشيخ محمد الشبستري، قراءة بشرية للدين، ترجمة أحمد القبانجي، منشورات الجمل
بيروت-بغداد، الطبعة الأولى، 2009 ، ص : 199 .
وهكذا..
نسبة القرآن إلى الله هي على نحو نسبة الخبز إلى المزارع.
بمعنى :
لولا وجود الله لما وُجد القرآن، لكن ليس القرآن كلام
الله، مثلما ليس الخبز صنيعة المزارع. الله هو مُنتج المادّة الخام
التي هي الوحي، مثلما أن المزارع هو منتج المادة الخام التي هي
القمح. وكما أن الخبّاز هو الذي حوّل القمح إلى خبز وفق رؤيته الخاصة ومهاراته الفنية وقدراته الإبداعية، كذلك فإن الرّسول هو مَنْ قام بتأويل الوحي وتحويله إلى عبارات وكلمات وفق رؤيته الخاصة.
نستخلص من ذلك أنّ القرآن هو كلام الرّسول محمد عليه السلام، كلامه الذي يُعبّر عن ثقافته ولغته وشخصيته وبيئته وعصره. وهذا دون أن ننفي دور الله الذي هو الموحي ومصدر المادّة الخام.
وبالأحرى، حين نضع نصب أعيننا أنّنا لا نعرف من أمر الخطاب القرآني سوى المصحف المدوّن على نحو معيّن من قواعد الكتابة وضوابط الإملاء وظروف الجمع وخلفيّات الترتيب، يكون بوسعنا القول إنّنا أمام نص بشري بلا خلاف، أو هكذا يُفترض.
عود على بدء.
ربّما تبدو الأمور أكثر وضوحاً الآن، فعند الكلام عن القرآن
لا يجوز الخلط بين ثلاثة مستويات :
أولاً، الوحي الإلاهي الذي ألهَم الرّسول، ويُمثل المادّةالخام، ولا نعرفه إلاّ عبر التّأويل المحمّدي.
ثانياً، القرآن المحمدي، وهو نتاج تأويل الرّسول لإشارات الوحي الإلهي، وهو بدوره لا نعرفه إلاّ من خلال التأويل المصحفي.
ثالثاً، المصحف العثماني، ويمثل الصياغة النصية الرّسمية للقرآن المحمدي، الذي هو بدوره أيضاً تأويل للوحي.
هذا يعني أننا لا نملك من أمر القرآن اليوم سوى نسخٍ لنسخ، ولا نعرف عنه سوى تأويلات لتأويلات. وهذا يكفي لكي نقول إن نُسخ المصحف العثماني التي صارت بين أيدينا –باختلافها في القراءات- نصوص بشرية تاريخية تراثية وأرضيّة، بكل ما تعنيه الكلمات من دلالات. صحيح أنّ منبعها الأوّل إلهام إلهيّ، لكن لا ماء يعود إلى السماء غيماً كما كان.
والأصح أن نقول :
إن الوحي الإلاهي بعد أن صيّره الرّسول عليه السلام قرآناً محمدياً، ثم صيّره المسلمون مصحفاً عثمانياً، صار نصّاً بشرياً بلغة البشر وعلى قدر أفهامهم.
وزير الخارجية الأمريكي يصدم الموغريب بتصريح أ ...
Jan 27, 2021 0
صوت اليوم مجلس الشيوخ الامريكي بالقبول على تعيين انطوني بلينكن في منصب سكرتير الخارجية في إدارة ...
مبعوث أممي يستعيد سنوات تعذيبه داخل السجون ال ...
Jan 10, 2021 0
عبر تدوينة فايسبوكية استعاد المناضل اليساري السابق جمال بنعمر والمسشار الخاص السابق الامين الع ...
الاعلان الرسمي المشترك بين أمريكا والمغرب واسرائيل
Dec 22, 2020 0
الرباط – في ما يلي النص الكامل للإعلان المشترك الذي وقعته اليوم الثلاثاء المملكة المغربية والول ...
عمر الراضي : مارسنا الجنس رضائيا كراشدين وسأذ ...
Jul 29, 2020 0
بعدما قررت الدولة المغربية متابعة الصحافي عمر الراضي في حالة اعتقال بتهم غبية وسريالية اي اغتصا ...
عزيز إدمين : تعالو لنطلع على الارقام الفلكية عن الربع الحقوقي بالمغرب !!
Aug 19, 2021 0
الريع الحقوقي ...
أقصبي: تقرير لجنة النمودج التنموي مليء بالمحر ...
May 31, 2021 1
تقرير لجنة النموذج التنموي مليء بالمحرمات وبقي في حدود الخطوط الحمراء
ملك المغرب يبرع عائلته بمنزل باريسي قيمته 80 مليار
Oct 02, 2020 0
إقتنى ملك المغرب محمد السادس مؤخرا إقامة فخمة في أحد أغلى الاحياء الباريسية بمبلغ 80 مليون يورو ...
إحصائيات صادمة عن المغرب
Aug 26, 2020 0
أرقام صادمة كشفت عنها الندوة الرقمية المنظمة من قبل الشبيبة العاملة المغربية حول موضوع "الحماية ...
بلومبيرغ : بسبب كوفيد 19 المغرب يغلق الهامش ا ...
Jul 28, 2020 0
المغرب ينقلب على الديمقراطية بسبب جائحة كورونا ، هكذا عنونت أحد اشهر الصحف الاقتصادية بأمريكا ب ...
وفاة الرايسة "خدوج تاحلوشت" : صوت الاباء والابداع
Jun 04, 2019 0
وفاة الرايسة "خدّوج تاحلوشت": صوت الإباء اللاذع
"سورة كورونا" تلقي بشابة تونسية في السجن
Jul 16, 2020 0
قضت المحكمة الابتدائية بتونس العاصمة بسجن المدونة التونسية آمنة الشرقي لستة اشهر واداء غرامة قدرها الفي دينار بتهمة الدعوة والتحريض على الكراهية بين الاديان والاجناس والسكان ولذلك على خلفية اعاد ...
أروى القيروانية.. المرأة التي ألزمت أبا جعفر المنصور بأول عقد يمنع تعدد الزوجات في الإسلام
Jul 06, 2020 0
بقلم اسماء رمضان
وزارة الداخلية المغربية تمنع مسيرة فلسطين
May 19, 2021 0
قررت السلطات المغربية منع المسيرة الشعبية المقرر تنظيمها بالعاصمة الرباط يوم الاحد 23 ماي الجار ...
كوميساريا تامسنا تتستر على بوليسي عنف استادة ...
Apr 23, 2021 0
تعرضت الاستاة هدى جبيري لاعتداء عنيف بسوق قرية تامسنا من قبل بوليسي متعجرف بعدما رفضت الادعان ل ...
وتستمر فضائح مستشفى ابن رشد بالدار البيضاء
Apr 06, 2021 0
نصيب من الفضائح الصحية يشهده المستشفى الجامعي ابن رشد بالدار البيضاء والغالب فيه هو «طرد المرض ...