نشر المغربي مرتضى إحرشان رسالة على صفحته الفايسبوكية قال إنه توصل بها من طالبة لبنانية تصف فيها حياة الشك في كل شئ التي اصبحت فيها منذ ولوجها الجامعة ولأهمية الاسئلة والتساؤلات المطروحة فيها ننشرها على "ينايري" كما هي :

لا أحبُّ كلمة "أخ" لأنها تذكرني بالجماعات الإسلامية ههه...لذا اسمح لي أن أقول لك"أستاذ مرتضى"...
استاذي،انا فتاة من لبنان،من منطقة على الحدود السورية اللبنانية، عمري ... سنة،أدرس في الجامعة
أنا فتاة من بيت مسلم،لم يكن عندي قبل نزولي للجامعة اي تساؤلات حول الدين،او اي شكوك حول وجود الله...بل على العكس تماماً كنت أسخر من الالحاد..
في الجامعة،وفي السكن الجامعي حيث اقطن في بيروت،تعرفت على نفسي وعلى الناس من جديد...كنت أسكن مع فتاة مسيحية في نفس الغرفة،وجيراني في الغرف في جوارنا كان يسكنها شيعة ودروز وعلوية وارمن...
يعني اصبحت اعيش في كوكتيل من الطوائف...
هذا الاختلاف جعلني اعيد النظر بكل شيء، وبكل ما خلت نفسي اؤمن به...وما جعل الأمر اكثر تعقيداً هو الانترنت،والمعلومات الكثيرة والمتناقضة في الكثير من الأحيان...
حاولت أن أحاور بعض الناس على الفيسبوك ولكن للأسف ما ان كانت وجهة نظري تعارض وجهة نظرهم حتى ينهون الحوار...وهذا ما اصبحت اخافه من الجميع...
انا أنهيت امتحاني منذ اسبوع، ولكنني كنت مترددة في الحديث إليك..ربما أخاف من صدمة جديدة، أخاف ألا تتقبل افكاري رغم انك منفتح جداً حسب ما قرأت عنك...ولكن من أسكتوني ورفضوا افكاري ايضاً كان يظهر لي انهم منفتحون...أتمنى الا تكون منهم استاذ مرتضى، لأنني فعلاً تعبت من كثرة الكلام والحوارات التي لم تفعل شيء سوى انها جعلت شكوكي تصبح مضاعفة...
انا عالقة بين الايمان والالحاد،واميل إلى الالحاد اكثر...اشعر انني موجة قلقة واقعة بين مد وجزر...لا اريد ان انكر وجود الله ان كان فعلاً موجود... ولكنني لا احب النفاق،لا احب الكذب...انا بكل بساطة /للأسف/لا اشعر بوجود الرب...
الأسئلة التي راودتني بعد متابعتك كانت كثيرة لا اخفيها عليك... 90% ممن عرفتهم من العلماء والفقهاء المسلمين جعلوني أكره الاسلام واكره نفسي لانني خلقت مسلمة...
الكتب التي وقعت في يدي كان لها تأثير كبير على وجهة نظري...حروب/اضطهادات/سبي/قتل/بسط النفوذ والسلطة...تاريخ المسلمين ملطخ بالدماء (ولا يهمني ابداً ان الدين المسيحي ملطخ ايضاً بالدماء لأن عتبي على جميع الأديان عميق حتى النخاع)..
معاوية ويزيد والحكم الأموي،افتراءات الدولة،الشيعة الروافض،السنة النواصب،الوهابية،السلفية،المذاهب الأربعة،رواة الحديث،ابن تيمية مؤسس الارهاب...ما كل هذا التشعب؟سنة مليئة بالتلفيقات،احاديث نبوية لا تدل على شيء سوى على قصر عقل نقله رواة الحديث دون ان يفكروا فيما ممكن ان يسبب من مجازر...المرأة ناقصة عقل ودين/جئتكم بالذبح/جئتكم بالسيف...؟ما هذا الهراء؟هل قالها محمد فعلاً؟ ام ان رواة الحديث افتعلوها؟كيف علي ان اصدق ان محمد نبياً؟كيف علي ان اصدق ان القرآن كتاب سماوي وهناك 100 تفسير له؟من علي ان اصدق؟كيف لي ان اعيد النظر بكل التاريخ خلال عمر لا ادري متى سينتهي حتى اصل للحقيقة؟ اين هي الحقيقة واين هو الله؟ألا يعلم انني تائهة في ضياع لا ينتهي،بل يتمدد وبتمدد حتى فرش لي طريق حياتي بأكملها؟
اين هو الله من حروب سوريا؟من اطفال سوريا الذين اتجنب رؤيتهم على التلفاز او على الانترنت حتى لا ألعن نفسي ولا العن انسانيتي ولا ألعن عروبيتي ولا ألعن وجودي؟اين هو الله؟ألم يسمع نداءاتهم تحت الانقاض؟الم يسمع الثكلى؟الأرملة؟الرضيع تحت الدمار؟الفتاة التي اصبحت مبتورة القدم؟الصبي الذي اصبح بلا اطراف؟
عمر ضائع،حرب لا تنتهي تأكل الأخصر واليابس...لاجئون يعيشون في أمكنة لا يتحملها فئران..جوع،فقر،حاجة،حزن،تعاسة...ارض قائمة على الخراب منذ ان حط آدم رجله في الجنة..لم الوجود؟حتى اعرف نفسي؟اعرفها ومن ثم اموت؟اغادر والدموع تبكيني فيضانات؟ اعيش وانا في كل لحظة خائفةمن خبر يحرمني من اهلي؟
لا اؤمن بشيء، حتى بوجودي..انا مجرد خيال،حتى ما اكتبه لا يخرج مني..بل اشعر ان يداً اخرى لا تشبه يدي تخطه...لا اعترف بمحمد نبياً ولا حتى بالمسيح ولا حتى بكل الأنبياء.. لأنني بكل بساطة لست ممن يسلم بكل شيء بكل بساطة... سأبحث وسأقرأ وسأتحاور مع العالم والجاهل،مع المؤمن ومع الملحد...وما يقتنع به عقلي، هو من سيكون ديني...لست خائفة من شيء، لست خائفة مما صرحته إليك،ما اخافه فقط هو شيء واحد:أن اكون ملحدة والله فعلاً موجود...
اما بالنسبة لحجابي،فستستغرب كيف لفتاة مسلمة ومحجبة مثلي ان تخفي هكذا استنكارات في داخلها...الحجاب ليس مشكلة، وخلعه لن يجلب لي شيئاً.. انا اواجه الناس بأفكاري وليس بلباسي..وحجابي ربما هو اكثر شيء احبه من كوني خلقت في بيت مسلم...
اعتذر جداً على طول الكلام...ولكن ما قلته نقطة في محيط استنكار لا نهاية له ولا بداية... تحياتي لك أستاذي:)