« Les philosophes universitaires sont pour la plupart comme des prêtres défroqués – plus exactement comme des prêtres qui auraient perdu la foi. Ils parlent de la philosophie mais ne savant pas où elle est ".. Pierre Thuillier, Socrate fonctionnaire, 1969.

 

اسمحوا لي في البداية بأن أحدد افق هذه الورقة.. أنا من الذين يعتقدون أن مهمة المثقف - ببساطة شديدة- هي وصف العالم "كما هو".. و لوصف العالم في "حقيقته" يجب السير على الاقل بسرعة العالم.. ان اي تموقع/سير أخر سيلقي بنا بعيدا الى الوراء.. سيجعلنا خارج رؤية/فهم العالم.. 

أريد أن أحدثكم عن المفكر السائح و المفكر المسافر.. عند الاول الخريطة تكون أكبر من الارض.. وعندما يكون دليلك في التحرك في العالم هو الخريطة/الجزء التافه جدا من العالم فانك تمر بجانب كثير جدا من الاشياء، من كل الاشياء: الجغرافيات/الولادات/التفجرات الملتهبة و الهائلة للعالم.. المفكر المسافر على العكس من ذلك ليست له خريطة.. خريطته هي الارض.. هي ما يجري/ينمو على الارض.. موجهه الوحيد: عقله المنتبه و قلبه الحساس.. متحرر من الحسابات.. حسابات الذات/المال/الموقع/القبيلة/الدين.. لا يهاب أي شيء.. يقفز الى الارض.. و هو على الارض يبحث عن توطيد أرجله.. اعينه.. مخالبه الفكرية..  ثم يبدأ التحرك.. تماما مثلما يفعل حيوان نادر، هو البيماle puma الاسود، الذي لا يتردد - ما ان يلتقط هسيس طريدة - في الارتماء الى قلب أخطر الاماكن و أعتمها.. وعند الارض يبدأ في رسم دوائره.. في بناء تحركاته.. المثقف المسافر بيما واع تماما بأن لاشيء أخطر - وألذ - من القفز.. نرتعب في البداية.. لكننا نربح في النهاية.. نربح ما لايمكن لمسه/قنصه و نحن مرتاحون في "مواقعنا".. المفكر السائح - على النقيض من ذلك- يبقى داخل الخريطة.. داخل اللارض.. معتقدا أنها هي الارض.. واستغراقك طويلا في الخريطة/الدليل يجعلك تستلذها، تستمرؤها، تخلطها بالارض، تحولها الى شاشة/دخان هائل يحجب عنك الأرض الجذرية..

يقول ميشال فوكو: "ما نعاني منه ليس هو غياب وسائل التفكير في أي شيء يحدث، بل من عدم ملائمة هذه الوسائل. إن هناك وفرة مفرطة للأشياء التي تجب معرفتها: أشياء أساسية، فظيعة، رائعة، بدون معنى وقاسية في آن واحد.. "..

المشكل مع الفكر الفلسفي الجامعي بالمغرب أن له تصور .... سياحي لمهام الفكر.. أي أن وسائله/خريطته - كما سنرى- غير ملائمة في المطلق لمعالجة ما أعتقد أنها المسائل الأساسية كما تحدث فوكو..  

لنقف اولا لحظة عند بعض من هذه الأشياء الاساسية.. وهي أشياء/عناوين أنقلها كما هي في الطبيعة..

النهب المتسارع في المقالع/احتكارات واسعة في قطاع سوق الإشهار في المغرب/تحكم مافيا العقار في المدن الكبرى/تفويتات مشبوهة للصفقات في القطاعات الاستراتيجية/تغول مافيا الرمال في أكبر الشواطئ/ اطلاق برنامج لموروكول و مازاغان و مارينا البيضاء و مارينا السعيدية في بلد 8 و نصف مليون من سكانه يعيشون تحت خط الفقر/ تفويت والي الرباط لقطعة أرضية يساوي المتر بها 15 ألف درهم ب 300 درهم/ تستر "الهاكا" على فضيحة فساد مالي داخل إدارتها/ ارتفاع حجم الصناديق السوداء الى 52 مليار درهم لا تخضع لأي رقابة/ استيلاء بنعلو على فيلات في ملكية المكتب الوطني للمطارات/ تورط قادة سياسيين كبار في ملفات مكتب التسويق و التصدير/ المقاوم الاسماعيلي الساسي: "أخطر الخونة و المتعاونين مع الاستعمار هم من احتلوا المراكز الحساسة بالدولة مع بداية الاستقلال"/تفجير المخرج فريطس ملف أسرار الملايير التي ذهبت إلى جيوب اللوبي السينمائي /تفجير عاملين بقناة ميدي 1 ملفات فساد و اتهام المدير بتبذير المال العام بالقناة/تسرب فضائح وزارة الأوقاف: تعيينات بالمصاهرة و خلافات بشأن تجهيز 29 ألف مسجد بالشاشات و حضيرة السيارات بالوزارة/اتهامات بتبذير 134 ( مائة و أربعة و ثلاثون) مليار بأكاديمية الدار البيضاء.. أعضاء بالمجلس الإداري نبهوا إلى تفويت فيلات و سكنيات باهظة القيمة إلى متقاعدين/سطو ليديك على 54 مليار..  و السبب المعلن من طرفها أن مجلس المدينة "نسي استرجاعها" و هي مما يدخل في إطار حقوقه على الشركة/تفجر ملف مافيا حوادث الشغل الوهمية/اختلالات ب 640 مليار سنتيم بالمكتب الوطني للمطارات/ تفجر كارثة كتلة الأجور في بلدية أسفي : 11 مليار سنتيم نصفها لموظفين أشباح/ اسماء لمتهمين في قتل بنبركة في لائحة المستفيدين من رخص الصيد بأعالي البحار وهم جنرالات كبار بمؤسسة الجيش ( قوس خفيف: الرخصة الواحدة تدر على صاحبها الملايير من السنتيمات كل سنة)/فساد هائل في  إمبراطورية صندوق الإيداع و التدبير/ في التعاضدية العامة للإدارة العمومية/ في كوماناف/ في صفقات اللقاح الشهيرة/في تدبير ملايير المال العام بالتلفزات العمومية/في ملف 43 مليار درهم الخاصة بالمخطط الاستعجالي/في المجلس الأعلى للجالية/ في المصحات الخاصة، التافه منها و الضخم/ استمرار نزيف التهربات الضريبية العقارية وغير العقارية/ استمرار اطلاق يد مافيا التصنيع على السواحل و السهول و الهضاب و الفرشات المائية الباطنية/استمرار تدمير المدرسة العمومية/ استمرار اطلاق كلاب/فقهاء القريشية على العقول/استمرار اغراق الحقل الاجتماعي بالاساطير، بالتفاهة، بدين الشعوذة و البركات و الامامة و الاخرة/ استمرار ترسيخ خيار الرهانات الوهمية ( صراع المرأة/الرجل/الشذوذ الجنسي/افطار رمضان...)/ استمرار اطلاق يد دوزيم على ما تبقى واقفا من نقط ضوء أولادنا، على ما تبقى من الخلايا النقدية لنسائنا/رفع تمويلات الحرب على الكتاب/رفع منسوب الحرب على التنمية على جهات كبرى من البلاد حتى تبقى مشاتل بلا حدود لتوفير خماسة الحقول و المعامل و البيران و الفيلات الاميرية/رفع منسوب تخريب اليسار/اتحاد كتاب المغرب/المؤسسات ( تحويلها الى وظيفة السخرة/السمسرة للعصابة الكبرى)/استمرار الحرب على الديموقراطية/ تغول اللاعقاب/تغول التحكم، تحكم الاوليغارشيا في ما تبقى من موارد/اعناق البلاد/ رفع وتيرة بيع البلاد/..

ثم: تحولات التحكم الدولي/تعملق الشركات العالمية العابرة للقارات/زحف عصابات الغذاء/الدواء/الاتصالات على البشر/تحول الدولة الى الخدمة الجذرية للرأسمال الدولي الخاص/الحسم في منطق "اللهم نهبط سروالي للبنك الدولي أو... يسفطوني لجهنم"/الحسم في الاصطفاف وراء المافيات الديموقراطية الكبرى فيما يسمى الحرب على الارهاب، في لعب دور الذيل الاستراتيجي لسادة العالم..

و أخيرا: تفجر اليأس.. تفجر الاكتئابات.. ارتفاع منسوب الجرائم الرهيبة.. جرائم/ذبح الاصول..

سنة 1969 سينشر بيير تويلييP. Thuillier  نصا قويا لم يمنح للأسف الشديد الاهمية التي يستحق هو "سقراط موظفا" Socrate fonctionnaire .. نشر المؤلف النص مباشرة بعد احداث ماي 68 بهذا الهدف الواضح مثلما صرح في أكثر من مرة: فضح "الفلسفة الجامعية".. 

والفلسفة الجامعية هي كل فلسفة تنتج الكلام من الكلام.. 

ماذا يعني الحق؟ ما تعني العدالة؟ ماذا يعني الجمال؟..... تعرف هذه الامور خارج أية احالات الى العالم.. وبكثرة ما يتم استعمال فكرة الخير و أخواتها ينتهي الفلاسفة الجدد الى الاعتقاد أن هذه الافكار توجد لذاتها، و لذاتها..

من أهم خاصيات الفلسفة الجامعية انها توجه نظرها دوما نحو الماضي لحل... مشاكل الحاضر.. انها بتعبير تويلي تقوم ببريكولاجات على بريكولاجات لم تتأكد صحتها أبدا.. و الواقعية بحسب تويلي هي ان تلائم النظريات الجديدة النظريات القديمة.. افلاطون بنى تصوره في مواجهته للمدينة.. ديكارت/سبينوزا في مواجهة الكنيسة..  و هايدغر في مواجهة سلطة التقنية و العلم.. و هوسرل في مواجهة مجازر الحرب الاولى.. و المفكر الفلسفي السياحي المغربي في مواجهة ... افلاطون و ديكارت و هايدغر وهوسلر و الغزالي و الكواكبي.. لاحظوا هذا الالحاح على ملائمة الحاضر للماضي.. على ذبح الحاضر لصالح الماضي.. على "فكرنة" الفكر.. على اخراج الفكر من دائرة العالم.. الحاضر.. المستقبل.. عجيب..

اسمحوا لي الأن بأن اقدم صورة اعتبرها مهمة جدا لفهم المثقف السائح..

في مكان ما من "فخ العولمة" - وهو كتاب انصحه بشدة لمختلف الاساتذة لما يقدمه من مفاتيح عميقة لفهم الرهانات/الاخطار الكبرى لعصرنا- يحكي الاقتصاديان الألمانيان هانس بيتر مارتن وهارولد شومان عن خبير مالي كبير تبعث به المؤسسة التي تشغله نحو البقاع الأربعة للعالم في مهمات مراقبة و مواكبة لمختلف فروعها.. يحكي اقتصاديانا كيف أن الخبير لايغادر طائرة و بشكل أدق الدرجة الفاخرة في  الطائرة الفاخرة إلا من أجل الالتحاق بغرفة فاخرة في طابق ملكي في قلب أوطيل أكثر من خرافي.. يضيف مارتن و شومان أن خبيرنا لايعوزه أي شيء لتأدية مهامه بكامل الراحة: فمؤسسته توفر له أحدث تكنولوجيات الاتصال، و أفخم وسائل التنقل، و "أخطر" البطاقات البنكية التي تمكنه من ولوج أرقى محلات الأكل و الاستجمام و الشوبينغ.. وهنا سيطرح كاتبانا سؤالا حاسما بالنسبة لنا: هل هذا الخبير الذي لاينتهي من مهمة إلا لينطلق في أخرى، و لايغادر طائرة إلا ليركب أخرى، و لا ينهي مكالمة إلا ليبدأ في ثانية و ثالثة و رابعة تشرح له ما يتوجب عليه فعله في الساعات المقبلة، و لا يستهلك مكافأة إلا للحصول على بونيسbonus  أشد و أعظم، هل هذا الخبير الذي يقطن في الاجواء العليا قادر على رؤية/فهم التحت، الارض، رؤية/فهم رهانات/الغليانات الكبرى و الملغومة للتحت؟..

تشكل حالة خبيرنا النموذج المثالي لما أسميه السائح.. فالسائح هو كل شخص يتوهم أنه يسافر داخل العالم في الوقت الذي لايتنقل فيه إلا داخل الغرف المغلقة و المعقمة - ضد العالم، ضد الهواء، ضد الضوء، ضد التراب، ضد الوجوه، ضدنا، ضد ذاته.. يتوهم السائح أنه يسير في العالم في الوقت الذي لايسير فيه الا داخل "خرائط" مفصولة جذريا عن الجغرافيات/الولادات الملتهبة و الخطرة - و الجميلة- للعالم..

السائح ابن بار للخرائط.. 

أما المسافر فله استراتيجيات أخرى..  لاتهم المسافر الخرائط بقدر ما يهمه المكان غير الموجود في الخرائط، المكان الأكبر من الخرائط، المكان ربما المضاد للخرائط، على دقتها و جمالها.. وهذا المكان لايمكن أن يكون الا العالم.. الزمن.. التاريخ.. الحدث.. التعقد.. التحت.. البشر.. الخطر.. 

المسافر هو ابن الأرض البار.. 

يبحث المسافر عن الحدث، الدينامي، التاريخي، الملتهب، الملتبس، المركب، الخطر، الجميل.. في سفر نحو بلجيكا ( 1976)، يحكي جون جوني عن لقاء تم بينه و بين رجل "قبيح الوجه" داخل قطار. يعترف جونيه أولا بأنه لم يكن يرفع وجهه نحو الرجل إلا لماما، و عندما كان يفعل ففي الغالب بهدف تفادي ذلك الوجه "الذميم". ثم، وفجأة، يقول جوني، "انتابني شعور فريد بنوع من الانتعاش الغامض، شعور بأن كل رجل يساوي بدقة- و ألح في كلمة "بدقة"- أي رجل أخر فوق هذه الأرض. قلت في نفسي: "كل رجل يستحق أن يحب خارج ذمامته، أو غبائه، أو خبثه. كل رجل يحمل جرحا، معاناة، صراعات/تناقضات دفينة يستحيل للقراءات الأكاديمية أو قراءة الإنسان العادي أن تكشفها". لا يمكن الكشف عن هذه العوالم الداخلية، يلح جونيه، إلا إذا تخلى الناظر عن زاوية نظره التاريخية العامرة بالأحكام الاجتماعية المسبقة المشوهة. لا يمكن تحقيق اللقاء الإنساني و الحار إلا إذا تخلى الناظر عن كل ما يتدخل ليمنع الدلالة الخاصة و الفريدة و المنيعة للأخر من الانبثاق و التدفق على سطح اللقاء. 

أما الياس كانيتي فيصف في زيارة لمراكش ( 1953) كيف أنه أحس كيف أن اللغة العربية أو الأمازيغية التي يحكي بها قصاصو ساحة "جامع الفنا" تحمل رسائل/صرخات/رجاءات إنسانية ملتهبة. في نصه، يجعلك كانيتي تحس بالحكواتيين، لأنه ينجح في أن يضعنا أمام إلحاح تلك الأصوات التي لا تتوقف، كما توقف إليها و قدمها بشكل لايتكرر، عن مطالبتنا بالإنصات إليها و رعايتها و التضامن معها و حملها معنا أينما حللنا و ارتحلنا.

لنعد إلى السائح.. سيعتبر السائح الشخص الذميم "كمارة موسخة"، "شمكارا" يتوجب الاحتياط الشديد منه، و سينتظر بفارغ الصبر وصول القطار للالتحاق بغرفته المعقمة في الأوطيل المعزول للاغتسال من أية باكتيريا تكون قد انتقلت إليه من الكائن السفلي الملغوم.. أما في حالة جامع لفنا، فسوف يدير ظهره عن حكواتيين يفيقون فيه الآلام غير المرغوب فيها و سيلجأ لإفراغ ثروته ( و توتراته المترامية) في كازينو أو بار أو دار دعارة أو متحف أو دار أوبيرا أو أي مكان يمنح سعادة فورية، مباشرة، مضمونة، سهلة، خارج أية تعقيدات "سفلية".. سيفضل السائح الكائنات/الفضاءات/الامتدادات الجذرية لهويت"ه"، فيما سيفضل المسافر اقتسام الحياة مع من لايزال قادرا/راغبا في الحضور بيننا..

يشبه المفكر السائح كثيرا نساء المجتمع المخملي.. و أنا أمر من قرب محل خياطة تقليدية في شارع السعادة بفاس، اذ بسيدة توقف كاطكاطتها و تنزل في اتجاه المحل.. فوق صدرها سلسلتان ذهبيتان فاخرتان.. معصمها يكاد لا يظهر تحت خلخال ذهبي من الحجم الكبير.. دخلت الى المحل.. بدأت في تلمس البضاعة التي سبق لها أن طلبتها: تكشيطة من الطراز التقليدي الفخم.. دخلت في نقاش "حاد" مع صاحبة المحل حول موديلات ظهر أنها توصلت بها للتو..

اتركوني لو سمحتم لبعض التخييل.. سوف تغادر السيدة محل الخياطة نحو الفيلا.. هناك ستنخرط في مهام أخرى: الاستعداد لاستقبال ضيوف من النوع الذي لن يختلف كثيرا عن صديقتنا.. اما في أخر العشية فسوف ستخرج نحو صالة جيمناستيك لها نفس ملامح الكاطكاط و فضاء التكاشط الفاخرة وصالون المانيكير الفخم.. لاحظوا: هي امرأة لاترى أن هناك عالما يوجد في الخارج.. حياتها تتغذى على ذاتها.. على الشبيه المطلق.. تماما مثلما هو حال خبيرنا الاقتصادي، أو أي سائح أخر فوق الارض..

لنعد مرة أخرى للمفكر السائح/المسافر..  الاول سيرى في خيارات السيدة الفاسية حرية شخصية.. دليلا على وعيها "الحداثي"، دليا على قدرتها على الانصات لحاجياته"ا".. لرغباته"ا".. الثاني سيرى في السيدة محاربة من أجل أجندة رثة، استهلاكية، استعراضية، نرجسية، فاشية..  الاول سيرى في الفيلا مكانا مثاليا للعيش و التأمل.. و الثاني سيرى في الفيلا اعتداءا على الارض، على الموارد التافهة للكوكب.. الاول سيرى في السيارة الباذخة من ضمن ما يدخل في النظام العادي للأشياء، و الثاني سيعتبرها من ضمن ما يدخل في الارهاب العادي للأشياء le terrorisme normal des choses، سبة في وجه جوعى العالم.. سيرى الاول في ارتداء جاكيطة من جلد نادر علامة على ذوق/حق رفيع، و الثاني دعما لجريمة كبرى، جريمة قتل حيوان نادر من أجل انتشاء تافه.. لن ينتبه الاول لوجود نساء الميناج في الاوطيل الباذخ حيث سينزل ليلقي محاضرة في موضوع "اين يتجه مغربنا"، فيما سينسحب الثاني احتجاجا على الاستبلادات/الاستعبادات العامة للنظام.. الاول سيرى في ثالوث الاستبداد/الفساد/التخلف محركات ضرورية لتقدم التاريخ، "أداة التاريخ نحو الدولة الحداثية"، و الثاني سيرى في الثالوث العجيب مقامرة كبرى بالبلد.. 

يشبه المفكر السائح كثيرا صديقتنا شرفات افلال، صاحبة "جوج فرنك".. فالسفر على جناح "البزنس كلاس" نحو عواصم العالم و ركوب السيارات الفارهة لالقاء الكلمات المنمقة في قاعات مؤثثة بعناية وسط فنادق فخمة والسكن لمدة طويلة بين شقق "الهوطسطاندينغ" بحي الرياض وفيلات بير قاسم تجعل نخبة من محترفي السياسة بالمغرب منقطعين كليا عن واقع اخوانهم بدوار الحاجة حيث تدور رحى الحرب بين افراد العائلة الواحدة حول اللقمة الاخيرة وسط صحن معدني ويسخن النقاش بين الاسرة حول الغطاء القليل في زمهرير دجنبر تماما كسخونته حول ترشيد استعمال الماء في cop 22، في أخر مؤتمر دولي للمناخ،  مثلما قال متهكما فايسبوكي جميل هو رشيد البلغيتي..

لقد فهمتم أن افلال هي السيدة المخملية هي الخبير الاقتصادي هي نور الدين أفاية هي طه عبد الرحمان هي عبد الله العروي..

روووووووووووووووووووووووول..