أفاقت ساكنة مدينة خنيفرة فجر يوم الأربعاء 10 يوليوز 2013، على جريمة شنعاء اقترفتها دورية لحراس الغابة التابعة لمصالح المياه و الغابات، بغابة أجدير. كان الضحية، الشاب عبد الرحيم أبراوي، ذو 24 سنة. توفي نتيجة إصابته بسبع رصاصات، وجدت بظهره وفق ما جاء على صفحات المواقع الإليكترونية التي غطت الحدث.
كرد فعل مباشر يعبر عن تضامنهم نظم سكان قبيلة القتيل ( قبيلة أيت عمو عيسى ) مسيرة شعبية، اتجهت صوب مقر عمالة إقليم خنيفرة للاحتجاج، و التنديد بالسلطات التي اعتبرت أن قتل ابنها كان عمدا و مقصودا، وانه فعل انتقامي من أبناء القبيلة الذين يقومون بفضح تواطؤ حراس الغابة و مافيات الخشب، التي تسرق خيرات غابتهم (دائما وفق ما جاء على مواقع الإنترنت).

حاول عامل الإقليم تدارك الأمر لوقف امتداد الاحتجاج، فنزل و حاور المحتجين، مقدما لهم رؤيته للحادث، المتمثلة في أن الضحية تلقى حتفه عن طريق الخطأ ، لأن الحراس حسب ما بلغه، أطلقوا الرصاص في الهواء لتخويف الأشخاص الذين قاموا برميهم بالحجارة، فأصيب الضحية وتوفي على الفور. فكان جواب الساكنة بشكل تلقائي: يا لها من رواية ؟؟؟؟؟ هل سيقابل رمي الحجارة بإطلاق الرصاص حي ؟؟؟؟. وهل هناك من يصدق أن سبع رصاصات في الظهر كانت نتيجة خطأ ؟؟؟؟؟. إنه قتل عن سبق إصرار. و كعادتها لم تترك قوات القمع الاحتجاج يمر بسلام واطمئنان، فقامت بمرافقة المسيرة (طيلة 24 كلم) و حاولت استفزاز المتظاهرين دون جدوى فما كان من قوات القمع في الأخير سوى التدخل لتشتيت المحتجين العزل و التنكيل بهم. وقامت أيضا باعتقال بعض المتضامنين بما فيهم أعضاء من فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، أطلق سراحهم بعد اعتصام جرى أمام مفوضية الشرطة بالمدينة.

من أجل أن يكون عائد الغابة ملكا للفلاحين الفقراء

إن الذي يضمن العيش والحياة البسيطين للسكان في المناطق المجاورة لمدينة خنيفرة، هي الغابة. فكباقي سكان المغرب تناست الدولة مواطنيها: فلا عمل، لا أجر، لا كهرباء، لا ماء صالح للشرب، لا تمدرس، لا صحة و لا طرق صالحة..... ولنا في بعض احتجاجاتهم التي يصل صداها إعلامنا الخدوم الدليل على ما يعانون. فكانت الغابة منذ عقود و لا زالت هي معيلهم الأساسي. تشرف الدولة من خلال مصالحها على بيع الأشجار لكن حسب بيان لفرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بخنيفرة فإن 80 في المائة من عائدات المبيعات الغابوية التي تقدر بالملايير سنويا، لا تعود بشيء نافع على سكان المنطقة.

تبلغ المساحة المفقودة من الغابة سنويا بالمغرب 31 ألف هكتار، و تبلغ مساحتها الإجمالية 9 ملايين هكتار. إن مساحة المغرب من الغابة الآن 12 بالمئة، في حين كانت قبل سنوات 20 بالمئة (موقع رسالة الأمة بالانترنت) وهو دون المعدل الدولي (مابين 15 و 20 بالمئة). إن ما يدمر الغابة هو: تحويلها لمطارح للنفايات، عدم تعويض ما تدمره الحرائق، و ما يحصل عليه القطاع الخاص من أراض، يشيد عليها مشاريعه الكبرى. فعلى سبل المثال: تمكنت شركة فرنسية من الحصول على 4 هكتارات من غابة " التلال الشمالية " بالصويرة مقابل 9767 درهم سنويا، في حين أن سكان المنطقة يفتقرون للبنية التحتية اللازمة فيما يخص الصحة و التعليم و الرياضة و الثقافة.. وأيضا نهب الغابة الذي يحتج ضده الفلاحين الفقراء مرارا وتكرارا ( خرجت مثلا مسيرة شعبية تقدمتها النساء من دواوير جماعة "القصيبة" بسيدي سليمان للاحتجاج على نهب 260 هكتار من الغابة). إن سرقة الأشجار تجارة رائجة عبر ربوع غابات وواحات المغرب، و بها اغتنى القطاع الخاص المتخصص في تزيين الشوارع و المشاريع العمرانية الكبرى بالبلاد.

لإطلاق الرصاص تاريخ طويل بالمغرب

يرتكز اقتصاد بلدنا على الملكية الخاصة، وتضمن الدولة حمايتها، وترعى مصالح أغنيائها و أكبر مالكيها. لذلك تقوم بتسليح جيشها القمعي المتعدد، بشتى الوسائل، و تضمن له استعمال السلاح وقتما واجهت الملكية الخاصة وفائض القيمة الأخطار. لقد سبق أن استعملت الدولة الرصاص الحي لقمع انتفاضة 23 مارس 1965، التي راح ضحيتها الكثير، دفنوا سرا، و اعترفت الدولة بـ7 منهم فقط؟؟؟؟ (اعترف عميل المخابرات أحمد البوخاري في مذكراته بسقوط ما يزيد عن ألف قتيل ). و استعملته أيضا لإخماد انتفاضة 20 يونيو 1981، فكانت الحصيلة التي أعلنتها هيئة الإنصاف و المصالحة المبنية على إحصاءات الدولة 114 قتيل، في حين أن شهادات الضحايا و الحركة الحقوقية تبرز العدد الكبير للضحايا. و قد أحصي أثناء انتشال رفات بمدينة الناظور ضحايا نضال العيش الكريم الذي شهده المغرب عام 1984. و أطلقت الذخيرة الحية أيضا على المتظاهرين في إضراب 14 دجنبر 1990، و حسب تقارير هيئة الإنصاف والمصالحة ، فقد سقط 106 ضحية في تلك الأحداث بفاس وحدها... هذا على سبيل المثال لا الحصر.

للدولة المغربية باع طويل في قمع الجماهير الفقيرة التي تنهض بين الفينة و الأخرى لتعلن مطالبها او لتقف في وجه التعديات التي تطالها. لهذا تطلق الدولة الرصاص الحي و الكلاب و الخيول... وستفعل أي شيء لقطع أيدي كل من يحاول وقف أرباح الرأسماليين الكبار.

علينا نحن أن نتضامن وأن نجعل من كل تعد على حقوقنا فرصة لفضح دولة الأقلية المالكة، فعبره سنصلب عود التضامن و التآزر و النضال من أجل مطالبنا المشتركة. لكي نصنع معا تلك القنبلة التي ستهدم إلى الأبد، دولة البورجوازية. إنها الإضراب العام.

العاصي