إن قوة التنسيقية الوطنية للاساتذة المتدربين في جماهيريتها، و هذا هو السبب الذي ادى الى نجاحها في مرحلة المراكز الجهوية لأن الجماهير كانت تشارك جماعيا في صاغة القرارات و البرامج النضالية وفق شروطها و امكاناتها و جدودها أيضا، وهو الشيء الذي يؤدي عمليا الى انجاح البرامج النضالية و تجسديها.

إن غياب هذا الحد الادنى من الديمقراطية الجماهيرية القاعدية ساهم بشكل كبير في ترسيخ برامج فوقية على الجماهير سرعان ما ترفضها بعدم المشاركة في تجسيدها، و هو الامر الذي يهدد مصلحة المعركة بشكل كامل خصوصا ان المرسبين في حاجة لدعم جميع الاساتذة المرتبطين بالمعركة تاريخا و موضوعيا في الحاضر.

إن الجهات المعنية تلاحظ الانفصال الحاصل بين المجلس الوطني و القاعدة الجماهرية عندما تصاغ البرامج و لا يتم تجسيدها، كما ان هذا لا يعكس نفور الجماهير من النضال جملة و تفصيلا بل يعكس رفض الجماهير لمنطق الوصاية و الحجر على معركتها.فالجماهير مستعدة للنضال وفق تصور ينسجم مع شروطها و ينطلق من امكاناتها و قدراتها في المرحلة مع تطوير فلسفة الاحتجاج التي تنبني عليها التنسيقية الوطنية و المجلس الوطني بما يخدم مصلحة المعركة و يجيب عن مطلب توظيف الفوج كاملا انطلاقا من ارضية تنظيمية و سياسية و فعل نضالي جماهري يضمن انخراط الجميع و مشاركة جماعية في انتاج الفعل و صياغته و تجسيده الميداني.

إن الجميع لاحظ وجود تعارض و هوية شاسعة بين قرارات المجلس الوطني و اختيارات القاعدة المناضلة، و الكل لامس التسرع و الاندفاعية التي ميزت البرنامجيين النضاليين السابقين فكيف يمكن انجاح معركة نضالية ابتدأت بخطوات كبيرة و مغامرة لم تترك المجال للجماهير في انتاج خطوات علمية متدرجة تنطلق من البسيط الى المعقد و تاخد بعين الاعتبار مصلحة القواعد الجماهرية المرسبة و الناجحة باعتبار أن التنسيقة الوطنية هي اطار نقابي مرحلي يدافع عن مصلحة الجماهير المادية و المعنوية بدون تمييز نقابي أو حتى بدون تمييز سياسي بين مكونات الحركة و التي من طبيعتها انها تحوي اطروحات سياسية من اقصى اليمين الى أقصى اليسار.

لم يجد المنطق الإستفرادي من وسيلة لتبرير ضعفه في القيادة و عدم تمكنه من استقراء الاسئلة الحقيقية التي تطرحها جماهير الاساتذة عامة سوى اتهامهم بالتخوين و الأنتهازية و زرع ثقافة المظلومية و التشكيك في امكانية رص الصفوف من جديد.و ما يزكي هذه النتيجة الموضوعية هو الرغبة في تفجير النقاش الايديولوجي بين مكونات المعركة السياسية و تفريق الصفوف وسط الجماهير.

إن منطق الاتهام و التشكيك لن يقدم المعركة خطوة الى الامام، و يمكن ان نفهم من الرغبة في تكريسه محاولة لضرب المعركة في جذورها و قتلها قبل ان تستكمل المهام التي انطلق لتحقيقها منذ البداية رغم ما اتسم به مسارها من مخاضات و منعرجات لا يتسع السياق للدخول في تقييمها بل إن اللحظة السياسية لا تسمح بطرح تقييم من هذا النوع، لأن مصلحة الجماهير فوق كل اعتبار.(ستأتي اللحظة السياسية المناسبة و سأوافيكم بمحاولة جادة لتقييم مسار المعركة و محاولة بناء قوتها من جديد...).لقد علمتنا التجارب الجماهرية أن أية محاولة لبناء حركة نضالية يجب ان تنطلق و تتاسس على قاعدة من البسيط الى المعقد، و قد اعترف المنطق الاستفرادي بنفسه انه لم يتبقى له سوى خطوة إحراق الذات من اجل تحقق المطالب، و هي التصريح الذي يعبر عن انعزال المعركة مرحليا عن حلفائها و جماهرها المناضلة، و بدل التفكير في احراق الذات و بدل تبرير فشل البرامج الاخيرة كان يفترض مرحليا ترسيخ نقد ذاتي جماهري يعترف فيه منظروا المرحلة باخطائهم و يؤسسون لفعل نضالي علمي يستجيب لمصلحة التلاميذ و لشروط الاساتذة الجدد القانونية و النقابية و يضمن انخراطهم في النضال من اجل ادماج المرسبين في الوظيفة العمومية تنزيلا للاتفاق الذي يقضي بتوظيف الفوج كاملا.

عوض اللجوء للتخوين و التشكيك و زرع ثقافة الفشل و المنطق التبريري وسط الجماهير، يفترض أن يقوم المنطق الاستفرادي بطرح نقد ذاتي علمي حفاظا عن مصالح الفوج و اساتذة العرفان و المرسبين.اساتذة العرفان الذين بدأنا ننساهم و يا للأسف رغم كونهم ينتمون الى اتفاق توظيف الفوج كاملا.

يبدو ان الاحتكام الى العقل و تطوير ادواته وسط المجلس الوطني هي المخرج الحقيقي من الازمة التنظيمية الحالية، هذه الازمة التي ستحل بامتلاك ارادة سياسية يتحلى بها منطق الاستفراد و الوصاية من اجل ضخ مبادئ الديمقراطية و العودة الى الجماهير الاستاذية في التنسيقيات المحلية و الجهوية و بناء فعل نضالي ديقراطي قاعدي جماهري يحترم ارادة الجماهير و يمكنها من فرصة للتحكم في تاريخها و يضمن مبادرتها و فعلها الذاتي الديقراطي.

و لكي لا نرسم مشهدا مأساويا تفرض علينا الموضوعية الإشادة بالخطوة النضالية المقبلة المتمثلة في المشاركة في المسيرة يوم 19 فبراير التي دعت اليها النقابات التعليمية، و ندعوا في هذا السياق الجماهير الاستاذية الى التحضير لهذه الخطوة ماديا و معنويا لأنجاحها باعتبارها لحظة سياسية تخدم المرسبين و تحافظ على كفاحية المعركة النضالية التي امتدت على طول 14 شهرا من التضحيات الجسام و التي يفضل البعض ختمها بالتخوين و الأسفاف في حق نضالات الجماهير.كما أن خطوة الاضراب الوطني يوم الأربعاء رغم عدم انطلاقها من القاعدة فإنها تبقى خطوة قابلة للتجسيد الميداني و بإمكانها ارجاع سفينة المجلس الوطني الى سكتها الصحيحة.

هذه بعض النقاط البسيطة فقط، و هناك الكثير لم يتسع المقال لأدراجه.و سنعمل في القريب على طرح أرضية لأفاق هذه الحركة و حدودها و مستقبل الجماهير ضمن النضال في قطاع التعليم بما يضمن مساهمة هذا الفوج في الدفاع عن المكتسبات في قطاع التعليم و المدرسة العمومية و مستقبل البلاد.

تحية نضالية للجماهير الاستاذية جمعاء،للمناضلين و المناضلات على المستوى الوطني.ننتظر تفاعلا جادا مع النقاش.