بشرى النوري
وئام...الطفلة التي اغتُصبت أواسط شهر أبريل المنصرم ونهش لحمها كلب يحمل جنسية مغربية... الأحد عشر طفلا مغربيا الذين نُهشو مرتين : الأولى من قبل كلب إسباني والثانية بعد أن تم العفو عن مُغتصبهم وغيرها من القضايا الوطنية التي تمس عمق الشعب المغربي وتحبل بها ذاكرته...قامت قيامة واكبت كلا الحدثين : تنديد وشجب وتصعيد في اللهجة ،في الشارع وعبر وسائل الإعلام وعلى مواقع التواصل الاجتماعي -أهمها الفيس بوك.-كانت ردود فعل طبيعية وإيجابية لم تخل من انفعال ، أقامت الدنيا لكنها أقعدتها بعد أن أصابها الملل واليأس-هنا استحظرت ذاكرتي وبقوة فضيحة النجاة-، مضى كل إلى حال سبيله إلا من رحم ربي ، فقلة هي الأصوات الحرة والضمائر الحية من واصلت تسليط الأضواء على القضيتين ومواكبة الحدثين ومستجداتهما
... هذه هي مأساة قضايانا الوطنية المطروحة للرأي العام والتي يحبل بها واقعنا المرير والساحة الإعلامية المغربية على مدار السنة : النسيان الذي يطمرها ويُحولها إلى ملفات تصفف على رفوف أرشيف ذاكرة الشعب ، أحيانا تكون قضية "طازجة" هي السبب في نسيان سابقتها وقد تكون ملهاة جديدة ابتدعتها العقول المدبر لصناعة الأفراح المزيفة والآنية أو جدال عقيم حول خرجة علامية لبعض المنبطحين "المتفقهين" في سفاسف الأمور...
ولا يخفى على أي متتبع يقظ أن هذا النسيان أو التناسي يصب لصالح الطرف الأقوى/الظالم في كل قضية تهم وتهز الشعب في عمقه وتثير عواطفه وغضبه ، هذه الاستراتيجيا / الحل متعارف عليها دوليا وسائدة لدى الأنظمة المفلسة أخلاقيا ووطنيا بشكل خاص، فالأنظمة الفاسدة أول ما تلجا إليه كحل لقضايا الشعب المصيرية هو المراهنة على عامل الزمن ،عملا بمبدأ: "كم من أمور قضيناها بتركها" ، لربح هامش زمني تناور خلاله للالتفاف حول الحق ولي عنق الحقيقة وإبقاء القضية معلقة إلى أجل غير مسمى أو خلق وسيلة لاجتثاث جذور القضية من أصلها ، لم لا ؟؟؟..
هنا يحظر وبقوة دور الضمائر الحية والأقلام الحرة...علينا جميعا أن نركب ذات الموجة ،الموجة التي تواجه تَجَبُر الدولة وسعيها نحو حلول ترقيعية آنية لا ترتق شيأ بقدر ما تزج بالقضية برمتها في مزبلة النسيان ، على الجميع أن يمسك بخيط كل قضية تمس هذا الشعب وإلى النهاية التي يجب أن تحسم لصالح الطرف المظلوم بعيدا عن أي مساومة قذرة قد تحصل في الظلام وتنتقص من الحقوق الطبيعية المكتسبة بقوة القانون والعدل.
على الجميع أن يدلو بدلوه ومن موقعه ، أن يدفع بحرفه أو ماله أو اتصالاته وتحركاته في اتجاه إبقاء وهج القضية متقدا إلى أن يتم الحسم فيها لصالح المجني عليه ودون أدنى مساومة قد تكمم الأفواه وتزرع اليأس والملل في النفوس .