راني عيادي
أحد الأصدقاء أثار بطريقته المبسطة -العمميقة، السهل الممتنع في الكتابة. كيف نبسط النقاش و نعمق
التحليل. إنها بحق إشكالية بل و سببا كبيرا في عمق الهوة بين السياسي و الشعبي: تناول أمور معقدة بلغة الشعب الذي تخاطب . لن أطيل في هذا تحليلا لأنني مهتم بموضوع آخر: التحولات الكبرى في مجتماعات القرن الواحد و العشرين في إطار العولمة الرأسمالية. بلغة أبسط كيف أثرت العولمة الرأسمالية على المواطن البسيط و جعلته يسبح في دوامة "حضارة البترول و السرعة".بالعولمة أقصد عولمة نظام إقتصادي و إيديولوجي واضح المعالم مبني على فرد ينتج الأنانية في مدنه و قراه. لا أرى إلا شعارا واحدا لهذا النظام المعولم ذو القطب الواحد بعد انهيار جدار برلين و السقوط السياسي و الإيديولوجي شرقا.ذلك الشرق الذي كان يقدم نفسه بديلا عن الرأسمالية ينفي الفرد و يؤسس للجماعة.
انتحرت القوى الإشتراكية و صاح فينا فوكوياما ذلك الإقتصادي الأمريكي ذي الأصول الأسيوية :" نهاية التاريخ" التفوق النهائي حضاريا لنظام رأسمالي لا ينفع معه قلب و إن استطاع الإتجار بل و يتجار في هذا القلب من أجل تحقيق ربح سريع و وافر. لولا ذكاء الشعوب التواقة للحرية و محاربة العبودية لنسخت الشركات الإنسان و لبيعت لنا أعضاؤنا في كيت مكتوب عليه "حقوق الطبع محفوضة. من أجل ماذا؟ من أجل تحقيق هدف تكديس الثروة في أيادي الأوليغارشيا بالمفهوم البنيوي، من سياسيين و مقاولين و لوبيات و رجال أعمال و الكاك 40 والنازداك و أمثال مادوف و رواد أندية صندوق النقد الدولي تحت قيادة يمينية فرنسية. المديرة العامة لصندوق النقد الدولي يمينية رأسمالية ليبيرالية لا تعرف طريقا للإقتصاد البديل بل تسمع فقط نوتات قوى الإقتصاد الدولي وو الپاترونا في العالم.
أترككم تستمتعون بالخيال الذي رزقتم به في ما يمكن أن تفعله أو تقرره هذه المديرة العامة حينما يتعلق الأمر بإقراض المغرب ملايين مشترط فيها عدة أبواب من أهمها التقشف من جهة الخدمة العمومية و الإنصات للخدمة الخاصة، لأن التربية و التعليم لا تنتج و الصحة لا تنتج ، في فهمهم و هو خاطئ أصلا، فلا داعي لصرف الملاييير لتدريس عامة الناس، المدارس الكبرى هي الأهم و العقل المنتج هو الأهم. وأنا طالب حررت عرضا جامعيا حول النظام العالمي "الجديد" نقدا لكتاب "نهاية التاريخ الصادر قبلا في نفس السنة الجامعية و الذي يعلن فيه الإقتصادي فوكوياما نهاية التاريخ بتفوق الرأسمالية على الإشتراكية و أن لا يمكن للعقل البشري أن ينتج ما يظاهي به عظمة الرأسمالية. فكانت نتيجة قراءتي جملتين قصيرتين: التاريخ لم ينتهي رغم انتصار مرحلي أو تفوق مرحلي على العقل الجماعي أو الذكاء المشترك لإنتاج نظام بديل و مناقض للنظام السائد. ثاني الجمل أن النظام الإستهلاكي الإنتآجوي كان ما يزال قائما في عهد الإشتراكية و في الفكر الإشتراكي أصلا و ليس نظام بديلا عن الرأسمالية لأنه نظام وجودي يطمح لتحسين و ضعية العامل المادية و المعنوية ليسثري سيارات و شقق و آلات و ماكينات و عصير الپمپلموس إلخ ليستهلكها و في استهلاكه استمرارية للإقتصاد و الرفاهية للإستثمار. و تكون القاعدة هي "معدل النمو" كما تقول ماما كريستين لاڭارد، مديرة صندوق النقد الدولي اليمينية مهم هذه "اليمينية" لأنها تضعك أمام شبح رأسمالي حقيقي يسير العالم.
حالات نشاز خرجت من صلب المجتمعات و من ذلك الذكاء الفطري الذي يتميز به الإنسان و كذا فطرة تكاثر و بقاء الجنس
الإنساني كرب في الأرض. خليفة الله لا يمكن إلا أن يكون على صفة الله عادل يحب العدل و من هؤلاء رجالات حررت شعوبها من الإستعمار سلميا لتعرف قوة الإنسان لأنه خليفة للأعظم. خرجت الآلاف المؤلفة من قيادات المرحلة الثانية من عالم الأنوار، ألا و هم مؤسسي الفعل المناهض للعولمة و منه أو فيه أو قبله حركات تطرح أسئلة محرجة للنظام الرأسمالي.
طرحنا على الأقل سؤالين:الأول يتعلق بنقصان النظرية الرأسمالية إذ لا تتوقف عند الدائرة المقفلة انتاج إستهلاك إنتاج
إستهلاك بل نسيت الإجابة على سؤال أين تذهب الأزبال الناتجة عن هذا الإستهلاك الموغل في المرضية و هذه السرعة الفتاكة التي تؤطر الفعل الإستثماري الرأسمالي. و السؤال الثاني سؤال نووي إن شئت التعبير: كيف لحضارة مبنية على مصدري طاقية خطر على الوجود الإنساني في شقها النووي و نافذة بالنسبة للبترول الذي أجمع العلماء و أصحاب التخصص أنه لن يصل ل50 سنة، بمعنى الخزان العالمي من البترول آيل للنفاذ في أقل من خمسين سنة. ما تزن الخمسين عام في تاريخ البشرية. قطرة ماء وفيها تنفذ منابع الطاقة المحركة لعملية الإنتاج و آلإقتصاد عامة؛ حضارة البترول و النووي آيلة للسقوط و لها تأثير خطير على صحة الإنسان المواطن و بيأته.
ما البديل؟نستكمل الصورة إذن. الإشتراكية و الرأسمالية تشتركان إيديولوجيا في ظرورة تسريع طور الإنتاج و الإستهلاك لتحقيق الربح للإستثمار في الإنتاج لكي يستهلك الفرد/المستهلك. من المواطن للمستهلك و القاعدة نفسها: ضرورة أن يعمل العامل و ينتج كي يستهلك العامل الذي ينتج و يسير الرأسمالي الذي تحول من الإقتصاد المادي إلى الإقتصاد الإفتراضي و معه كل السموم المالية المحشوة بها عروض الأبناك. أنظروا ما حدث بالولايات المتحدة، بداية الأزمة الحالية، قضية السوبرايمز و الديون التي أعطيت للعامل الولاياتي ديون دون معرفة إمكانية التسديد. قلب هذه التحاليل هو أن أبرهن علميا بأن القاعدة التي يجب الإعتماد عليها في مقاربة الفوارق الإيديولوجية بين المعروض منها و الذي يبنى في الخفاء أو يحاول فرض ذاته العالمية و أقصد بالخصوص التيار الإيكولوجي السياسي. الفارق الأساسي، قاعدة القواعد : الموقف و الموقع من الإستهلاكوية و الإنتاجوية" بين من يحسبها إنسانيا و من يحسبها بمنطق "معدل التنمية و " الحالة النفسية للمستهلكين".
الحالة النفسية للمستهك مبرمجة على زر الإستهلاك و اللهاث و راء المادة و الربح السريع، أسرع يا أبتي السوق لا يبقى في إنتظارك. السوق سريعة، تتبدل كل ثانية. السرعة و كل القلق الذي تنتجه هي الشرط الطبيعي الموضوعي لكي تتم
عملية البرمجة في أحسن الظروف و هي درجة الحرارة اللازمة لعيش المستهلك. الشراء دونما حاجة أو أكثر من الحاجة.
لماذا ؟ لتحقيق الأرباح السريعة لدعم الإقتصاد الإفتراضي.هذا النظام الإنتاجوي الذي يغرق العالم في تحولات سريعة لم يعط لها الوقت الطبيعي و الميكانيزم الطبيعي للإعداد الطبيعي لتحولات بطيئة، لا زربة على صلاح. كل ما أعطي المستهلك هو الحق في استهلاك التفكير الجاهز للإستعمال و هو مبرمج و حقوقه محفوضة لدى شركات و لوبيات لا تعد و لا تحصى. لوبيات الدواء و الصحة و النووي و البترول و و و والأبناك و شركات الديون....و البورصات و زد و قس على ذلك.
لم تنتصر الرءسمالية كما يحب أن يقوله صقور البيت الأبيض و ذئب الرأسمالية الإفتراضية و البورصات...و التاريخ لم ينته بل استمر الإنسان الحضاري الممانع في استعمال العقل و التجربة لإنتاج مجتمع و مشروع مجتمعي نقيض الرأسمالية. الحد من السرعة، الإعتماد على حساب إنساني و ليس اقتصادي محض، حساب معدل النمو .السرعة من و للرأسمال، و الإفراط في الإستهلاك أيضا. و البداية من الإعلانات التي تملأ علينا الدنيا و تبرمج هذه الأجيال و تلك اللاحقة.
هاهو يا عمر المقال، عمر معنوي هو المقصود من الصديق أعلاه.