الوجه الآخر لضابطة الشرطة وهيبة خرشيش!!
بقلم الصحافي جمال اسطيفي
منذ أسابيع وأنا أتابع ملف ضابطة الشرطة وهيبة خرشيش، التي استقرت بالولايات المتحدة الأمريكية، وتحديدا بسان فرانسيسكو زاعمة انها تعرضت لتحرش جنسي من طرف والي الامن بمدينة الجديدة عزيز بومهدي.
منذ أسابيع وأنا اتابع، وفي كل مرة أرغب في أن أكتب في هذا الملف، لكنني أتراجع إلى الخلف، خصوصا في ظل مزاج جماعي يفضل متابعة القصص الهوليودية المحبوكة التي يختلط فيها الجنس بالسلطة، بالهروب من ارض الوطن..
وقد أزعم أنني أعرف ضابطة الشرطة هذه أكثر من غيري من الصحفيين والمتتبعين..
لماذا؟
لسبب بسيط، هو أن شقيقة لي، وجدت نفسها في آواخر 2005 تعيش ويلات تعسف مفتشة الشرطة هاته التي كانت تعمل بمفوضية الشرطة بأزمور، بل ووجدت هي التي توجهت إلى مفوضية الشرطة رفقة ابنتها الصغيرة التي لا يتجاوز عمرها الثلاث سنوات من أجل التبليغ عن ضياع بطاقتها البنكية، في قلب ملف لا قبل لها به، تحول بقدرة قادر إلى اتهام من مفتشة الشرطة بإهانة موظف مع الاستعانة بشاهدي زور، يشهد الله انهم لم يكونا حاضرين اثناء الواقعة المفبركة، وأن مفتشة الشرطة استعانت بهم لتلفق تهمة لسيدة لا تعرف طريق المحاكم ولا طريق مفوضية الشرطة..
وأصل الحكاية هو أن مفتشة الشرطة قامت بدفع شقيقتي بعد عنف لفظي، صاحب رفض شقيقتي مطالبة المفتشة لها برشوة مقابل التبليغ عن ضياع بطاقتها البنكية..
كنت أود أن أكتب بعض التفاصيل المتعلقة بضابطة الشرطة وهيبة خرشيش، وكيف أنها تلفق بشكل مستمر تهم التحرش الجنسي وإهانة موظف لمن تدخل معهم في نزاعات، وكيف أنها تحولت إلى غول لأن هناك داخل الأمن وفي سلك القضاء، وخصوصا بمدينة الجديدة، بعض وجوه الفساد الذين لا يتقون الله في البشر، ويحولون الضحية إلى ظالم، والجلاد إلى ضحية، ويسيؤون الى شرفاء الأمن والقضاء..
لكنني تراجعت مرة أخرى عندما تم تسريب شريط لها رفقة المحامي محمد زيان، فأيا كانت الخلافات وايا كانت التجاوزات إلا أن ذلك لا يمنح لأحد الحق في اقتحام الحياة الخاصة للناس وتحويلها إلى مشهد فرجة جماعي، لأن الله عز وجل أمرنا بالستر، ولأن النفس البشرية تعاف ذلك ايضا، كما أن الدستور المغربي ينص بدوره على حماية الحياة الخاصة..
وفي هذا الصدد حبذا لو أن البحث الذي ستباشره النيابة العامة يذهب بعيدا، لأن مسؤولية النيابة العامة حماية المجتمع.
لكن بعد قرار النيابة العامة القاضي بفتح تحقيق وبعد
الخرجة الإعلامية لضابطة الشرطة، وبعد ان تابعت ردود محمد الدخيسي المدير المركزي للشرطة القضائية بالمديرية العامة للأمن الوطني قررت أن أكتب في الموضوع، خصوصا أن بعض مضامين خرجتي ضابطة الشرطة ومحمد الدخيسي مستفزة جدا..
لقد روجت ضابطة الشرطة الكثير من الأكاذيب وقفزت على العديد من المعطيات، وقامت بلي عنق الحقيقة، أما الدخيسي فقد اقتصر على الحديث عن مسارها المهني، لكنه لم يتحدث عن ملفاتها المعروضة في المحاكم، ولم يكشف لنا الجهات التي كانت تحميها، وبينها مسؤول أمني اسمه عبد الهادي السيبة الذي كان يعمل نائبا لرئيس الشرطة القضائية بالجديدة، حيث كان يوفر لها الحماية، بل وسبق له أن صفع وصفد شاهدا ضدها، كما قام بإرغامه على التوقيع على محضر يتضمن اقوالا ليست له، محولا مفوضية الشرطة بالجديدة آنذاك الى ما يشبه معتقل تازمامارت سيء الذكر.
ولولا نباهة ونزاهة الوكيل العام للملك باستئنافية الجديدة رحمه الله واحسن إليه، ولولا الموقف الرجولي للجمعية المغربية لحقوق الإنسان لراح أبرياء ضحايا لتعسف ضابطة الشرطة خرشيش والعميد عبد الهادي السيبة، الذي سيتم إدخاله بعد ذلك الى الكراج، لكنه سيعين في وقت لاحق رئيسا لفرقة الشرطة القضائية بمطار محمد الخامس بالدار البيضاء زمن بوشعيب الرميل، قبل أن يعود مرة أخرى إلى كراج ولاية الامن بالدار البيضاء..
ويكفي في هذا الإطار ان تعودوا إلى بلاغات الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بالجديدة، وإلى ما كانت تتناقله وسائل الإعلام وقتها في هذا الملف..
لذلك، لابد ان احكي لكم بعضا مما أعرفه، ولكم ان تخرجوا بالخلاصة التي تريدون، بما فيها تقصير المديرية العامة للأمن الوطني في التعامل مع مفتشة شرطة راكمت العديد من الأخطاء والتجاوزات والتعسفات، لكن لم يتم تنقيلها، إلا بعد أن اتهمت مسؤولها المباشر بالتحرش الجنسي، علما أن السؤال الذي يجب ان يطرح هو لماذا لم يطلها العقاب عندما حولت حياة مواطنين عزل إلى جحيم، ضمنهم إطار في المكتب الشريف للفوسفاط متزوج ولديه أربعة أبناء، أدين ظلما بعقوبة حبسية نافذة، والتهمة التحرش الجنسي بوهيبة خرشيش، علما أن سبب النزاع الأصلي هو بناؤه لمسكن مجاور لبيت والدتها بمدينة الجديدة..
ولماذا لم ينعكس ذلك على التنقيط المهني الخاص بها، والذي اصبح اليوم سلاحا تستعمله ضد الإدارة العامة للأمن الوطني..!!
في قضية شقيقتي استعانت وهيبة خرشيش بشاهدي زور، وسط حالة من الذهول لزملائها في مفوضية الشرطة بأزمور، الذين استنكروا الأمر، لكن أحدا منهم لم يجرؤ على تقديم شهادته في الموضوع، لأن الأمر بحسبهم يتعلق بزميلتهم في العمل، والمبدأ هو انصر أخاك ظالما او مظلوما..!!
ورغم أن عميد الشرطة عبد الهادي السيبة صفد الشاهد الوحيد لشقيقتي وصفعه وزور اقواله، إلا أن تدخل الوكيل العام للملك كان حاسما، فقد نقل الملف من شرطة الجديدة إلى الدرك الملكي، وقد أدينت وهيبة خرشيش ابتدائيا بشهر حبسا موقوف التنفيذ، لكن مياها كثيرة ستجري تحت الجسر وستتم تبرئتها استىنافيا، علما أن النيابة العامة ستستأنف لدى محكمة النقض، أما شهود الزور فقد تراجع بعضهم وكشفوا في إشهادات أنهم لم يكونوا حاضرين وانهم أدلوا بشهادتهم الكاذبة مجاملة لمفتشة الشرطة..
لكن المثير في ملف العميد عبد الهادي السيبة هو انه بدل ان يعاقب على الجرم الذي ارتكبه ضد شاهد أعزل، وما صاحب ذلك من سب وشتم وصفع وتهديد وتصفيد وتزوير، فإنه ستتم ترقيته في وقت لاحق..
في قضية البشير شاكيري كان الظلم افدح، فالرجل الذي يعمل إطارا في المكتب الشريف للفوسفاط، والأب لأربعة ابناء سيعيش جحيما حقيقيا..
لقد كان الذنب الذي ارتكبه هو انه اقتنى منزلا مقابلا لمنزل عائلة وهيبة خرشيش بالجديدة، وعمل على إعادة بنائه وإصلاحه، الأمر الذي لم يرق لخرشيش، علما أن الرجل لم يرتكب اية مخالفة لقانون البناء والتعمير..
لقد تم الاعتداء على الشاكيري وزوجته من طرف خرشيش وبلطجيتها، وهو ما وثقته كاميرات المراقبة، لكن الشاكيري سيجد نفسه مواجها بشكاية كيدية تتضمن مزاعم بالتحرش الجنسي من طرفه ضد خرشيش، وبتفاصيل بورنوغرافية..فما وثقته الكاميرات سيتحول لدى وهيبة خرشيش الى نظرات إعجاب وغزل ومحاولات للاقتراب والاحتكاك بها، وهمس بكلمات مخلة بالحياء على حد زعمها..
ثم سينتقل ذلك الى لمس في مناطق حساسة من جسدها وإمساك بجهازه التناسلي في محاولة لاغتصابها..
اما تهجمها على بيت الشاكيري فسيتحول إلى مسعى منها للتشكي لزوجته من التصرفات المشينة، علما أن الأمر يتعلق بهجوم على مسكن الغير..
تستعين خرشيش دائما بشهود الزور، بل إن أشخاصا يتم تغيير شهاداتهم ثم يفاجؤون فيتراجعون عن ذلك..
القاسم المشترك بين شهود وهيبة خرشيش هو أنهم من ذوي السوابق، بل إن احدهم سيدان في وقت لاحق بالإعدام بعد أن قام عن سبق إصرار وترصد بقتل سائق حافلة تربط بين الجديدة وأزمور..
إن وهيبة خرشيش جزء من شبكة لها جيوب متعددة بعضهم للأسف في جهازي الأمن والقضاء..
في قضية والي أمن الجديدة الذي سيجد نفسه في قلب اتهام من طرف وهيبة خرشيش بالتحرش الجنسي، أستطيع أن أؤكد لكم أن اثنين من الشهود الثلاثة هم شهود زور، أعرفهما عن ظهر قلب..
ثمة أسئلة يجب ان تطرح لماذا شهود وهيبة خرشيش هم دائما من اصحاب السوابق ومن مستهلكي المخدرات، ولماذا تلجأ دائما لقضايا التحرش الجنسي وإهانة موظف..!؟
ولماذا تعامل بعض المسؤولين الأمنيين والقضائيين معها بالكثير من الليونة عندما كانت تعتدي على مواطنين عزل وتحول حياتهم الى جحيم، علما أن وقفات احتجاجية نظمت ضدها بالجديدة من طرف ضحاياها وبحضور الجمعية المغربية لحقوق الإنسان..
لن اتحدث عن ملفات شقيقها حكيم خرشيش الذي دخل مواطن بسبب اعتدائه في إضراب عن الطعام، ولا عن قضيته مع المواطنة المغربية المقيمة ببلجيكا التي حاول استغلالها جنسيا!!
ولا ملف شقيقتها بباريس ولا ملفات شقيقتها المحامية، ولا عن تفاصيل اخرى تضعنا أمام ملف لعائلة محترمة جدا وزعت الأدوار ورمت بابرياء خلف السجون..
الحديث عن كل هذه التفاصيل قد يكون مهما جدا، حتى تكتمل الصورة..
تجدون مع هذا المقال نسخ من محاضر وإشهادات لشهود تراجعوا عن شهادتهم..
ملاحظات على الهامش..
/ اختيار الدخيسي لوكالة المغرب العربي للانباء للحديث عن هذا الملف كان اختيارا غير موفق، لأن هذا المنبر ارتبط بما هو رسمي صرف في حين أن هذا الملف اتخذ بعدا شعبيا..
/ المحامي كروط الذي يترافع عن المديرية العامة للأمن الوطني شوش على الملف لسببين اثنين..
أولهما: تلك المزاعم التي تتردد بخصوص علاقته بخادمته..
ثانيهما: تأكيده على أن فيديو زيان تقف وراء فبركته وهيبة..
/صحيح ان الحياة الخاصة للشخصية العمومية تصبح محل متابعة واهتمام من طرف وسائل الاعلام، لكن ليس الى حد التسامح مع نشر مشاهد بورنوغرافية..
لنعطي مثلا في هذا السياق بقضية الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون مع الموظفة المتدربة مونيكا لوينسكي..
لقد تحدثت كل وسائل الاعلام عن القضية، لكن هل شاهدنا كلينتون في مشهد جنسي مع المتدربة وهو ما ينطبق ايضا على قضية برلسكوني مع ليلى المحروق..
/لماذا عجزت من توصف بأنها صحافة مؤثرة عن تتبع خيوط هذا الملف وأن تكون مقنعة رغم كثرة لايكاتها ومشاهداتها..!؟
الرهان ينبغي على أن يكون على صحافة مهنية وجادة ومسؤولة وذات مصداقية تتتصر للوطن ولقضاياه الكبرى لا أن تتحول الى حصاة في حذاء الإصلاح.