ينايري / احمد رباص ما فتئ يعبر جزء كبير من سكان ميدلت مدينة وإقليما عن استيائهم وغضبهم على الوضع الكارثي الذي أصبح وأمسى عليه قطاع الخدمات الصحية بالإقليم عامة و المستشفى الإقليمي خاصة، ما جعل السكان يوجهون من حين لآخر تساؤلات وانتقادات لمن يهمهم الأمر حول دواعي استفحال مظاهر الخصاص والعطالة التي طبعت سير هذا المرفق العمومي، إلى درجة أن أبناء المنطقة لم يعودوا يخشون المرض فقط بقدر ما أصبحوا يتوجسون كذلك خيفة من أن يصابوا به في مدينة ميدلت بالذات...
استشف الارتسام الأخير من الشهادة التي أدلى بها أحد المواطنين المقيمين بميدلت حيث وجه فيها إنتقاداته بشكل مباشر إلى القيمين والمشرفين على هذا الجهاز الإستشفائي بالمدينة بما فيهم من مندوب ومدير/رئيس وباقي الأطر دون أن ينسى تحميل جزء من المسؤولية عن تردي الخدمات بالإقليم لمصالح قطاع الصحة بصفة عامة. ولتشخيص انتقاداته وملاحظاته عمد صاحب الشهادة إلى الكشف عن مجموعة من السلوكات الدنيئة والمؤشرة على سوء الأوضاع بهذه المؤسسة الإستشفائية.
وفق الصورة المؤثرة التي جاء عليها وصفه لعدة حالات عاينها بأم عينه، يقفز إلى الذهن الإهمال و سوء التدبير وانعدام الحس بالمسؤولية لدى الجهات المختصة. كما لم تخل الشهادة من تنديد بما إعتبره صاحبها تجاوزات في حق المرضى تتخذ شكل ممارسات تضرب في الصميم الحقوق الأساسية للمواطنين المقيمين بمدينة ميدلت. هذا، وقد توقفت الشهادة عند المستشفى الإقليمي وسجلت انه يعيش خارج الزمن الإصلاحي للمغرب، نظرا للزبونية و المحسوبية اللتين يشرع العمل بهما منذ لحظة دخولك للمستشفى.وفي هذا الإطار، يمضي الشاهد إلى لفت الانتباه إلى إخراج المندوب الإقليمي لمشاكل المستشفى من دائرة اهتمامه بحيث لم يعد له دور في ثني أي مسؤول عن تقاعسه ولم يستطع منع تسييس المؤسسة الاستشفائية نظرا لرغبة مسؤولة نافذة في منح أصوات الهيئة الناخبة المرتبطة على نحو ما بالمؤسسة لصالح مرشح من أقاربها.
أمام هذا الوضع الكارثي، طالب - تقول الشهادة- أبناء المنطقة و إنطلاقا من غيرتهم على الشأن العام المحلي، بإجراء تحقيق فوري عن الإهمال المتراكم منذ سنوات في حق هذا المستشفى، الشيء الذي ينتج عنه حرمان مئات الآلاف من السكان بالإقليم من خدمات يفترض فيه تقديمها لهم لو كان حقا معافى من المشاكل.
لم تقف مساعي أبناء مدينة ميدلت عند هذا الحد، بل عبروا كتابة عن شكواهم حيث ضمنوها عريضة مشفوعة بعدة توقيعات ووجهوها للجهات المختصة و المسؤولة بالدرجة الأولى على قطاع الصحة بالمغرب مطالبين بإجراء إصلاحات و تشديد الرقابة على المشرفين بالإدارة بالدرجة الأولى والموظفين الإداريين و الأطباء والممرضين.
في إطار تعداد مظاهر الخصاص والعطالة التي تطبع السير غير العادي للمستشفى الإقليمي بميدلت، تمضي الشهادة إلى ذكر توفره على العشرات من الأجهزة الطبية التي لا يرجى منها فائدة في تشخيص الأمراض وتأمين متطلبات التداوي من مختلف الأمراض ،ناهيك عن الأمراض المزمنة. إلى ذلك، لاحظ صاحب الشهادة غياب الكثير من التخصصات والشعب مما يقدم في المستشفى من خدمات، مما يضطر معه المرضى إلى التنقل نحو مستشفيات مجهزة نسبيا وتنتمي ترابيا إلى أقاليم مجاورة مثل الراشيدية ومكناس، أو أخرى خارج الجهة مثل الرباط و الدارالبيضاء. ولكم ان تتصوروا- تقول الشهادة- مدى الأتعاب والمصاريف التي تنضاف على كاهل المريض وذويه اذا هم بحثوا له عن فرصة علاج خارج الإقليم المنكوب صحيا.
وجاء في نهاية الشهاد أن أحد المرضى النزلاء بالمستشفى وصفه بأنه مجرد ديكور فقط في ظل تدني مستوى الخدمات بصورة صارخة و النقص الحاد في الأطباء، مما يستدعي الطاقم الطبي إلى تحويل أي حالة من الحالات نحو أحد المستشفيات بالأقاليم المذكورة أعلاه، حتى أصبحت هذه الممارسة روتينية و كأنها وصفة من وصفاتهم الدوائية. أما بخصوص الإهمال والتسيب المنتشر في كل أرجاء المستشفى الإقليمي و الذي يفتقد لأقل مقومات النظافة و التعقيم و الرعاية، فحدث ولا حرج، و هذا فعلا ما رصده مباشرة صاحب الشهادة بمعية أخرين داخل أركانه حيث عاينوا ما عليه الغرف وا لأسرةٍ والمراحيض من سوء حال وبئس مآل.
. في الختام، أشارت الشهادة إلى أن لائحة العهد الدولي الخاص بالحقوق الإقتصادية و الإجتماعية و الثقافية تنص في مادتها 12 على أن الحق في الصحة يعد من حقوق الإنسان الأساسية التي تضمنها الدولة. وفي ذات السياق، يتم التذكير بأن الدستور المغربي ينص في هذا الباب علي تيسير ولوج المواطنين إلى الخدمات الأساسية، و من بينها وعلى رأسها الحق في التطبيب و الصحة لكل مواطن دون تمييز أو حيف؛ ذلك أن مقياس مدى تفعيل هذا الحق الذي يرتبط أيما ارتباط بحياة الفرد و الجماعة يتحدد أساسا في مستوى الخدمات الصحية و الطبية التي تقدمها المؤسسات الطبية العمومية التي تضمن الدولة سيرها و جودة خدماتها.