تفاصيل صادمة عن المصنع الذي اودى بحياة العشرا ...
استاذ جامعي يفضح : الشواهد الجامعية تباع وتشت ...
اختلالات في محاربة كورونا (كوفيد19) بالأكاديم ...
اسماعين يعقوبي
موظف بمحكمة الاستئناف بالرشيدية
رغم تحفظي الكبير على مفهوم/مصطلح الادارة القضائية، بسبب غياب تأطير نظري تام وتشعب الاستعمالات، الا أن استعمالها (أي الادارة القضائية)، يقصد به في هذا المقال مختلف الاجراءات التي تقوم بها كتابة الضبط بمختلف مكوناتها (كتاب ضبط، محررون قضائيون، منتدبون قضائيون، مهندسون...)، أي كل ما يدخل في زاوية فتح الملفات، الاستدعاءات، البرمجيات، التدبير الاداري والمالي...
فالمتتبع للشأن القضائي وتطوره سيشهد بوجود ثورة حقيقية بدأت معالمها الحقيقية منذ عقدين من الزمن، حيث شهدت ولوج عدة تخصصات لما كان يسمى سابقا موظفو المحاكم (الأعوان، المعاونون، كتاب الضبط، المحررون والمنتدبون القضائيون)، عبر سلسلة من التوظيفات همت أساسا التقنيين بمختلف أصنافهم، المهندسين بمختلف أصنافهم، وتخصصات علمية واقتصادية وأدبية... لم يكن لها وجود بالمحاكم قبل ذلك الوقت.
وقد كان لهذا التنوع والمزيج أثر ايجابي على عمل الادارة القضائية سيبلغ أوجه باعتماد المحكمة الرقمية.
ولا يخفى على أحد العمل اليدوي المضني الذي كانت تتحمله الادارة القضائية في ذاك العهد، لا من حيث كثرة السجلات أو تراكم الاستدعاءات، ولا من حيث طبع الأحكام الذي كانت تقوم به الراقنات على الآلة المزعجة لسنوات عدة.
ويبقى السؤال الجوهري هو، هل استفادت العدالة كوحدة تسهر على انتاج حكم قضائي من كل هذا التطور والتنوع أم غلبت فقط جزءا على جزء آخر دون أن تصل الى المستوى المطلوب والمرضي لمختلف أطراف النزاع من جهة وللدولة كمفترض فيها أن تسهر على تحقيق العدالة بفصلها في النزاعات في آجال لائقة ومعقولة؟ وأين توجد مكامن الخلل؟.
اطلالة بسيطة على واقع المحاكم والملفات تكفي لتعطي انطباعا ايجابيا على التطور المهم الذي عرفته الادارة القضائية التي استفادت من مختلف التخصصات النوعية والتقنية التي عززت صفوفها، حيث البرمجيات والتطبيقيات سهلت الى حد كبير مختلف الاجراءات، بدءا بصندوق المحكمة ومرورا بتتبع مختلف الاجراءات والجلسات، حيث يمكن القول أن مختلف الاجراءات تقام في حينها من فتح الملفات، تهيء الجلسات وتصفيتها.
الا أنه في المقابل، حافظ الجانب القضائي على مختلف مساطره واجراءاته، حيث لم يستفد من التطور المعلوماتي الحالي وبقي رهين مساطر واجراءات روتينية (كتابة مختلف اجراءات المقرر يدويا، عقد الجلسات بطريقتها التقليدية والبحث في مختلف الوثائق والمذكرات المدلى بها وشواهد الاستدعاء، التداول بالملفات، تحرير وطباعة الاحكام...).
ان هذا التأخر أو بالأحرى عدم مسايرة القضائي للتطور المعلوماتي، مضافا اليه حفاظ أغلب مساعدي القضاء والمتدخلين في العملية القضائية، بطريقة الاشتغال الما قبل تحديث المحاكم (الاستدعاء، التوصل، المذكرة، التعقيب، الآجال...) أثر بشكل كبير على فعالية التحديث الذي عرفته الادارة القضائية، ولم يقدم العملية القضائية ككل الا بنسبة لا تناسب المجهود المبذول على مستواها.
ويطرح سؤال، هل قدر العدالة أن تنتج هكذا؟
الجواب بالإيجاب اغلاق للتطور وحكم مسبق بإطلاقية وانسداد أفق الوضع الحالي والذي تكذبه وتتجاوزه تجارب دول أخرى، لكن الجواب بالنفي يتطلب تهيء شروط انتقال العدالة الى التطور بسرعة متكافئة ومتوازية بين مختلف مكوناتها حتى تنتج تأثيرا على منتوجها أي الأحكام والقرارات.
ويمكن اجمال مختلف شروط الانتقال من الوضع الحالي الى وضع أحسن أو لائق في:
1- تدعيم وترسيخ التطور الذي شهدته الادارة القضائية عبر تطوير وعصرنة تنظيمها الهيكلي،
2- التخفيف من التضخم الذي تعانيه الادارة المركزية،
3- الرفع من مستوى التكوين للإدارة القضائية لضمان استمرارية وتصاعدية الجهد المبذول عبر احداث المدرسة الوطنية،
4- توسيع اختصاصات الادارة القضائية لممارسة مجموعة من المهام الشبه قضائية،
5- اشراك مساعدي القضاء في عملية التطوير عبر احداث المدرسة الوطنية لمساعدي القضاء،
6- خلق فضاء معلوماتي أو ملفات الكترونية لتداول الوثائق والمعلومات والاجراءات...
غياب العدالة مكلف جدا، وبطؤها يكون في حالات عدة كانعدامها أو أشد ضررا، مما يقتضي اعادة النظر في مختلف التصنيفات والفئات والمكونات... والايمان القوي بأن الجميع شركاء في انتاج حكم أو قرار في آجال مقبولة وأن اختلاف وتباين سرعة تطور مختلف المكونات يؤثر سلبا على المكونات الأخرى عموما وعلى العدالة بشكل خاص.
الرشيدية في 15 فبراير 2021.