خالد الصلعي
نحن لا نريد من يقول لنا السماء فوق والأرض تحت ، كما فعلت جماعة العدل والاحسان في آخر بيان للمجلس القطر ي لهذه الجماعة وهي تندد في الدورة 17 لهذا المجلس المنعقد يومي 11 و12 يناير الجاري ، بهيمنة المؤسسة الملكية على الحياة العامة وتتفيه العمل السياسي واعاقة برامج الحكومة ، فهذه الحقيقة يعلمها اليوم رجل الشارع العادي ، ولم تبق سرا محتكرا من قبل المتتبعين والمهتمين .

كان يفترض في أكبر جماعة في المغرب أن تبادر الى اعطاء انطلاقة جديدة للعمل السياسي أو للحراك الاجتماعي ، وتبدع أشكالا جديدة ضد نظام التسلط والقهر والاستفراد . أما وقد انساقت وراء ترديد البديهيات وترسيخ القناعات ، فهي بذلك لا تختلف في شيئ عن أحزاب التطبيل والتزمير التي يحبل بها المشهد السياسي المغربي . كما أن مفكريها - في موقفهم هذا على الأقل -لا يختلفون عن كتاب الجرائد الصفراء الذين ينقلون ما يشاهده المواطن بعينه المجردة ويعايشه بوجدانه وأحاسيسه ، بالحروف المسكوكةوالصور المنقولة .

المشهد السياسي المغربي يفتقد الى بلورة رؤية جديدة ، وابداع اشكال مبتكرة لاختراق خيوط العنكبوت التي خنقت أنفاسه وشلت حركات فاعليه . وحركية السياسة بالمغرب تعرف ركودا وسكونا مخيفين ، مما يرهن مستقبل الأجيال القادمة للعدم ويجعلها تقف أمام جدار وحيد هو جدار المخزن الذي لا يعرف الا سياسة الترهيب والتفقير والتجويع قصد الزيادة في انبطاح المعقوفين على أحذية النظام المتغطرس .

وغير خاف ما حدث بين صحفيين أحدهما وهو السيد علي أنوزلا الذي تم اخراجه من قبل رجل محسوب على القصر ، وهو يردد بالفم المليان " لايهم ان كان مذنبا أولا ، المهم أن يخرج من السجن ،لأنه صديقي " هكذا ، بينما تم اهمال قضية صحفي آخر هو السيد مصطفى الحسناوي وتم تغييب ونسيان ملفه رغم أنه توبع بنفس قانون الارهاب الذي دوخ رؤوسنا به السيد وزير الاتصال والناطق الرسمي باسم الحكومة . فالقضيتين واضحتين ولا تحتاجان الى تأويل ، فمن يملك سندا مقربا من القصر لاخوف عليه ، ومن لا يملك مثل هذا السند فالجحيم مصيره .

انه مثال بسيط ، والأمثلة في مغرب محمد السادس بالجملة " العرارم " ، كقضية ابن شباط المتورط في المتاجرة في المخدرات الصلبة ، وقضية البرلماني الذي اثبتت تحاليل الدي اين اي أنه وليد الفتاة التي تابعته باحدى محاكم الرباط ابنه ، لكن المحكمة برأته . أما عن قانون عفا الله عما سلف بالنسبة لناهبي أموال الشعب فذاك أمر آخر .

المغرب في حاجة الى حزب أو جماعة أو فاعلين عضويين ، ملتحمين بآمال وأوجاع وحقوق الشعب ، وليس الى منظمات حقوقية لا تدافع الا عن مصالح أعضاء مكاتبها ، أو أحزاب لا تناضل الا من أجل رفاهية أعضاء الأمانة العامة ، او جماعة تلعب بالبيضة والحجر .

يبدو أن جماعة العدل والاحسان قد فقدت بوصلتها بموت مؤسسها ، وارتبكت في مواقفها ، وخذلت أتباعها ، أو على الأقل من ينتظر منها أن تكون البديل المستقبلي للعمل السياسي بالمغرب ، بعد أن تعفنت السياسة واصبحت محض مفسدة تثير الغثيان في نفس من يتابع العمل السياسي بالمغرب .