تجري في هذه الأيام عملية الإستفتاء على الدستور المصري في ظروف شبيهة لتلك التي جرى فيها في المغرب، حيث يتم حصار الرأي المخالف و حيث قرر دعاة الحرية و الكرامة و الديموقراطية مقاطعة العملية و عدم التصويت بلا، في مصر أيضا يتم تشويه دعاة المقاطعة و دعوتهم للتصويت ب "لا" بدل نهج أسلوب المقاطعة الذي يدل على الخوف من المواجهة حسب خصوم الديموقراطية و هم المزهوون و الواثقون من النتيجة لعلمهم أن "نعم" هي نتيجة الإستفتاء بقرار من الدولة و ليس بقرار المحتشدين للتصويت.
تماما كما حصل في المغرب تم استغلال المساجد و الزوايا الصوفية و شيوخ البلاط و جميع وسائل الإعلام و الجرائد للدعاية للتصويت بنعم، و تماما كما المغرب خرجت قيادات الدولة المصرية لدعوة عموم المواطنين للخروج للتصويت بنعم في مشهد ذكرنا بدعوة الملك محمد السادس للتصويت بنعم على الدستور و ما تبعه من خروج لقيادات الأحزاب السياسية مباركة للدستور، و أيضا كما في المغرب تم استغلال مؤسسات الدولة المصرية للدعاية و تم حشد الموظفين العموميين الخائفين من فقدان وظائفهم للتصويت، و في مشهد شبيه بالمغرب كان لا بد أن يتم الركوب على ظهر حزب ديني قوي له امتداده في الشارع و له عدد لا يستهان به من الأتباع و المريدين المغيبة عقولهم، و لم يجد حكام مصر الجدد أفضل ليلعب هذا الدور من حزب النور السلفي الذي نسخ دور حزب العدالة و التنمية بالحرف في الإنبطاح و التذلل لأصحاب القرار جريا وراء المكاسب السياسية.
يمر الدستور في مصر و سيتم اعتماده بحكم الأمر الواقع كما حصل في المغرب، و بعد أن يتم اعتماده سيحصل حكام مصر الجدد على شرعية دستورية لطحن المعارضين، و سينتصر الطغاة مرحليا تحت صيحات ابتهاج من فئات واسعة من الشعب المصري كما حصل في المغرب، و الملاحظ أن أغلبية الراقصين على جثة الديموقراطية و المنكلين بها من الذين احتشدوا للتصويت بنعم من -غير المنتمين للتيارات السياسية- سواء في مصر أو في المغرب قد تجاوزوا سن الأربعين بمعنى أنهم حصلوا في حياتهم على ما يظنون أنه كفاية لهم كي يعيشوا و يريدون الحفاظ عليه، و هم خائفون من فقدانه في حال استمر صراع الشباب من أجل الديموقراطية و الحرية في مواجهة العسكر المصري أو المخزن المغربي دون أن يفكروا أن بفعلتهم هذه و انسياقهم لترديد هتافات التأييد للظلمة و إعطائهم الشرعية الدستورية و الإنتخابية إنما يكونون قد دبحوا مستقبل أبنائهم و مستقبل فئات واسعة من المهمشين من أبناء الوطن.
لقد استغل النظامان العسكري و المخزني في مصر و المغرب خوف فئات واسعة و تجهيل فئات أخرى عبر الإعلام و تشويه المعارضين و دعاة الكرامة و الديموقراطية، و استغلا مقدرات الدولتين لتمرير دستورين اعتبراهما مسألة حياة أو موت، و كما في المغرب حيث اعتبرت الدولة الإستفتاء حول الدستور استفتاءا على شعبية الملك، تعتبر الدولة المصرية الإستفتاء الدستوري استفتاءا على شعبية قائد القوات المسلحة الفريق أول عبد الفتاح السيسي و بالتالي لا بد ان تكون نتيجة الموافقة جارفة كاسحة و لما لا 98.49 في المئة كما حدث في المغرب و إن ضحكت عليهم كما ضحك علينا قبلهم شعوب الدنيا.
عن صفحة ثوار المغرب