نزولا عند رغبة اصدقاءه الفايسبوكيين حسب ماذكر على صفحته قدم الكاتب المغربي المثير للجدل سعيد ناشد لمحة مختصرة عن آخر مؤلفاته . الكتاب المعنون " الحداثة والقرآن " لم يستطع كما ذكر ايجاد دور لنشره خوفا على ارواح العاملين في الدور التي اتصل بها نظرا لمضمونه الجريء . وهذا توضيح الكاتب كما نشره دقائق قليلة :

برغبة وإلحاح من بعض الأصدقاء، سأحاول أن أقدم مختصراً دقيقاً لكتابي "الحداثة والقرآن" والذي تأخر عن الصدور بسبب "الخوف على السلامة الجسدية للعاملين في دار النشر" كما قال لي مدير لأحد أشهر دور النشر العربية، ولعلي سأضيف هذا التوضيح الفايسبوكي إلى المقدمة كبركة من بركات التأخير : أحاول في هذا الكتاب أن أستلهم مقاربات كل الفارابي وابن عربي وسبينوزا لمفهوم النبوّة، وكذلك أستلهم بعض آراء عبد الكريم سروش وأحمد القبانجي حول القرآن، وأيضاً أستثمر بعض المفاهيم والتصورات التراثية التي صاغها جورج طرابيشي في مشروعه، وبعد هذا أعتمد أساساً على علماء القرآن القدماء ( السيوطي والقرطبي والسجستاني وغيرهم) لكي أستنتج في الأخير أطروحة متكاملة قد تساعدنا في إعادة بناء العلاقة مع النص القرآني على أساس تعبّدي، بعيداً عن أي توظيف سياسي أو تحريضي أو إيديولوجي. أقول : ظاهرة الوحي، ظاهرة منفصلة ومستقلة عن ظاهرة القرآن. بحيث ليس القرآن في الأخير سوى تأويل نبوي للصور الوحيانية. علما بأن التأويل النبوي خاضع للظروف الذاتية والموضوعية : - الظروف الذاتية، تتعلق بمزاج وثقافة وشخصية وانفعالات الرّسول، وهذا ما يفسر التفاوت العاطفي والانفعالي بين مختلف آيات وسور الخطاب القرآني. - الظروف الموضوعية، تتعلق عموماً بسياق التنزيل، وهذا ما يفسر اختلاف الأحوال وتضارب الأحكام واشتباه المعاني واحتمال الأوجه. ثم هناك ظاهرة المصحف أيضا من حيث كونها ظاهرة منفصلة ومستقلة في الزمان والأحوال، وفي المضمون والشكل، عن ظاهرة الوحي بكل تأكيد وأيضاً عن ظاهرة القرآن على وجه التحديد، وهي ثمرة اجتهاد تاريخي أنجزه المسلمون. إنّ القرآن في الأخير ترجمة نصية وبشرية للصور الوحيانية، والتي لها مصدر إلهي وربّاني ولا شك في ذلك، هو ترجمة أنجزها الرسول نفسه وضبطها المسلمون من بعده في العصور القديمة. ولأن الأمر كذلك، فقد تمت صياغة ترجمة الوحي الرباني بلغة عربية تنتمي إلى مرحلة ما قبل قواعد النحو، وبمفاهيم سياسية تنتمي إلى مرحلة ما قبل مؤسسات الدولة، وبمفاهيم علمية تنتمي إلى مرحلة ما قبل مناهج العلم. ولهذا السبب لا يجوز تقييم القرآن بمقاييس الحداثة السياسية والثورة العلمية وحقوق الإنسان. وإذا فعلنا ذلك فإننا سنرتبك أو سنظلم القرآن ظلما كبيراً. القرآن خطاب تعبّدي خالص. وهذا يكفي لمن يملك إيماناً سوياً وعقلا سليماً.