" سنشارك في الانتخابات مشاركة تكتيكية "، ذلك ما صرح به قيادي في الحزب الاشتراكي الموحد في معرض دفاعه عن قرار مشاركة فيدرالية اليسار الديمقراطي في "كافة الاستحقاقات الانتخابية".
"سنشارك في جميع الاستحقاقات الانتخابية"، ذلك ما عبر عنه بلاغ لقيادة فيدرالية اليسار التي تضم في عضويتها ثلاثة أحزاب، اثنان منها قاطعا الانتخابات السابقة ويتعلق الأمر بكل من حزب الطليعة والحزب الاشتراكي الموحد، فيما شارك فيها المؤتمر الوطني الاتحادي وخرج منها خالي الوفاض.
المشاركة في زمن ما بعد حراك 20 فبراير له طعم خاص، وله مع الحزب الاشتراكي الموحد خاصة وقع مميز ، وهو الحزب الذي رفع شعارا عريضا في مؤتمره الأخير ، شعاا عنوانه الديمقراطية الآن وهنا ، الديمقراطية كاملة غير منقوصة وليس بجرعات ولا مجال فيها للتكتكة، ولذلك فجر موقفه من الانتخابات نقاشا قويا بين مناضليه على صفحات الفايسبوك بين مساند وهم قلة ، وبين معارضين وهم من يبدون الأغلبية على الأقل في هذه الصفحات، وبدون الدخول في تفاصيل لا يتسع لها المجال هنا، أود لو طرحت بضع ملاحظات سريعة من زاوية مهتمة، خاصة لجهة الحزب الاشتراكي الموحد، أجملها في الملاحظات التالية :
قاطع الحزب الاشتراكي الموحد الاستحقاقات السابقة وبرر مقاطعته بوجود دستور يبقي على الاختلالات في فصل السلط، ولا يمنح البرلمان صلاحيات كبيرة، ويبقي على الغموض في علاقة الجهاز التنفيذي بالمؤسسة الملكية ويمنحها صلاحيات واسعة في التدبير والتقرير، دستور لا يؤدي فعليا للتداول على الحكم ، ولا يؤدي لديمقراطية حقيقية تقطع مع ديمقراطية الواجهة... تلكم كانت بعض من التبريرات التي قدمت للمواطنات والمواطنين، يضاف إليها تحفظات جوهرية على القوانين الانتخابية وعلي التقطيع الانتخابي وعلى إشراف وزارة الداخلية... واحتراما لهؤلاء على الحزب اليوم وقد قرر المشاركة أن يفصح عن أسباب وجيهة أملت عليه تغيير موقفه .
لا يريد الموطنوان أن يسمعوا تبريرات تتعلق بسعي الحزب لتطوير مكاسبه الخاصة مهما كانت مهمة له سواء من زاوية تنظيمية أو من زاوية تنمية عضويته، خاصة وهو الحزب الذي عبر بوضوح في وقت مضى أن المغرب مؤهل وله كافة الإمكانيات أن يدخل الأن وهنا زمن الديمقراطية الحقيقية، وأنه عبر بوضوح أن السياسة في المغرب تمنح عبر الزمن السياسي الجديد إمكانيات هائلة للفعل والتأثير عبر الشارع والضغط الشعبي.
الأهم اليوم أنه حتى مع وجود دستور متقدم نسبيا على سابقيه، إلا أنه لم يطبق بل وجرى تمرير كثير من الصلاحيات الممنوحة لرئيس الحكومة من طرف هذا
الأخير للملك....
الأهم اليوم أن الانتخابات تجري في شروط وظروف سياسية واقتصادية واجتماعية أكثر قتامة واختناقا من الشروط والظروف التي جرت فيها انتخابات 2011...
" سنشارك حتى نضمن تواصلا مع المواطنات والمواطنين "، ألا ينطوي هكذا موقف
على العودة، ولو عن غير وعي، إلى الزمن السياسي القديم؟ هل تنعدم وسائل التواصل مع المواطنين ولا تستقيم إلا مرة كل خمس سنوات؟ وهل سيكون مفيدا أن ينزل حزب عند الناس ليقول لهم ، إن الانتخابات عندنا لا تؤدي إلى الحكم ولا تمنح سلطة التسيير في المدن والقرى والبوادي، اننا فقط ننزل لنقول لكم صوتوا علينا ، حتى ونحن نؤكد أن الانتخابات في المغرب لا تؤدي للتداول ولا تمنح المنتصر سلطة القرار؟
في هذه اللحظة السياسية توجد عدة قرائن و أدلة على ضعف اليسار وتشتته وتوجد عشرات الحجج على ضعف تجاربه في ميدان التدبير والتسيير في المدن والبوادي، و في البرلمان والجماعات، توجد عدة قرائن أن برامج اليسار مبهمة غامضة فضافضة تتشابه مع برامج اليمين... توجد عشرات القرائن أن اليسار فقد كثيرا من قيمه وجرى تمييع كثير من مفاهيمه... في هذه اللحظة السياسية أزعم أن اليسار يواجه سؤال وجوده... سؤال هويته وسؤال مستقبله... فهل تنفعه لغة التكتيك في الهروب من أجوبته على أسئلة مصيره؟...
وللحديث بقية...