بقلم حسن الحافة
كلّ يوم بل في كل جزء من الدقيقة، يكشف لنا من يحكم ويدبر شؤون البلاد قيمتنا عندهم. كم نساوي في خانة مشاعرهم و أحاسيسهم الميتة؟
رعف والدي أكف الضراعة للسماء يناجي ربه أن يهب لنا دموع سمائه، خاف أن يدوام الجفاف إقامته بالمنطقة و تبور "كسيبته"، و هو الذي لم يعد قادرا على حمل معوّلا الحفر لدى إقطاعي جثى على أنفاس عُمّال المنطقة.
إستجاب الله لتضرعات كافة المغاربة ووهب من السماء مطراً. سقط المطر وجرف البشر ووقف الوزير يداري فرحته "ببوزبال" وهو يجذف وسط سيول مائية جارفة. وحدهم الفقراء من يتضرعون للسماء كي تهب ماءً، وهم وحدهم من يموت جرائها. الملك يسكن قصرة والوزير فيلته و البرلماني شقته الفاخرة، وظل "بوشعيب" يسلّك مجرى الطريق المحاذية لمنزله كي لا تغمرها المياه و يضحى مشردا، و أدخلت "حليمة" نعاجها لغرفتها التي تنام فيها حتى إن سقط المنزل قتلهم جميعا، فلا معنى لبقائها و مصدر رزقها يموت.
عشرات القتلى و مصادر عيش كثيرة ذهبت مع السيّول و عجوز يبيت قرب باشوية لأنه لم يملك من المال ما يكفيه لبناء فيلا كما فعل الخلفي. البؤساء عاروّن يذرفون الدمع على فقيد أو يندبون قدرهم على ضياع قطيع من النعاج.
أشعل الوزير شاشة و بجانبه مدفئة بها خشب لهيبه مُشتعل، تجرع رشفة من قهوته الساخنة و دثر جسده جيدا بفروة معطف إشتراه من محل بباريس، و حوله ولداه و زوجته المُصففة الشعر. أشعل التلفاز و تابع غضب الطبيعة على الضعفاء. نظر لزوجته و حرك شفتيه ببطئ كي لا يزعج إبنته التي تدردش في "السكايب":
ــ شوفي مساكن.
وقبل أن ينهي الحرف الأخير من جملته، غيّر المحطة صوب أسواق المال و الأعمال.
لله ذرك يا وطني مع هؤلاء الذي جاد بهم القدر علينا.
في بلدان فيها مواطنين ويحترمهم صناع القرار تعلن حالة حداد في البلاد بأسرها بفعل موت رضيع تحت عجلات سيارة، أما إذا تعلق الأمر بعشرات القتلى فسوف تسقط رؤوس لرؤساء مصالح ووزراء و مديرو شؤون مؤسسات، و سيقدم أعلى سلطة في البلاد رسالة إعتذار لكافة من يتقاضى أجره من جيوبهم... يحدث هذا في بلاد الكفر و العهر.
أما عندنا "فبوزبال" لا يساوي شيئ في خانة إهتمام الحاكم، و سار على دربه بقية الكلاب التي تدير شؤون البلاد. سيارة تجرفها الأمطار بداخلها أسر و قناطر تتهدم ولازال دفتر التحملات لم يبرح مكتب رئيس، وطرق عُبدت البارحة و أضحت بركا مائية قاتلة مع أولى تساقطات مطرية. من المسؤول.؟؟؟ ربما ذلك "كحل الراس" لأنه كان عليه لزوم بيته كي يبقى على قيد الحياة، و إن هوى سقف البيت على رأسه فذلك قضاء وقدر.
هل سيعلن ملك البلاد الحداد على من ذهبوا شهداء لأمطار الشر، أم أنه سيكتفي كما إعتاد على إرسال برقية تعزية و بطانية أكلتها الطوبة و بعض علب سردين منتهية الصلاحية. كنت أتسائل بيني وبين نفسي. ماذا لو كان بلدنا يقع في خطوط تسبب الزلازل أو في رقعة تكثر فيها الأعاصير ؟؟؟
أكيد سينجون هم فقط لأنهم يدارون اجسادهم بجدران مسلحة من الإسمنت و الباقي تعرفونه.
وفي النهاية.......................... ننظر إلى السماء ونعاتبها لأنها بكت أكثر من الازم، فأغرقنا بكائها وقتل بعضنا وشرد الآخر . و أعطينا فرصة لمن فوق كي يتشفوا في حالنا.....
الله ينعل جد بوها بلاد