بقلم ناصر موحى
على خلفية وفاة ملك السعودية عبد الله بن عبد العزيز أمس الخميس أعلن ملك المغرب محمد السادس عن حداد في كل البلاد لمدة ثلاثة أيام من خلال بلاغ أصدره الديوان الملكي . التعبير عن الحزن بين الدول ومسؤوليها أمر جاري به العمل في كل بلاد الدنيا ويندرج ضمن التقاليد الدبلوماسية للتعبير عن علاقات الصداقة والتضامن فيمابينها . لكن إعلان الحكومات عن الحزن تضامنا مع ضحايا من مواطنيها من أولى الاولويات في أي بلد في هاته الدنيا ، وهو مالم يتم في المغرب لأسباب غير معروفة ومحيرة . كيف ذاك ؟
نهاية شهر دجنبر 2014 ضربت أمطار طوفانية جنوب المغرب أتت على الاخضر واليابس ومحت قرى بكاملها من على الخريطة والأفضع أن سيولها جرفت معها أرواح مايقارب الستين من المواطنين أمام عجز شبه كامل للسلطات في مباشرة عمليات الانقاذ .
غاب الاعلام الرسمي عن تغطية الكارثة ، قلنا ربما لم يكونوا على علم بقدوم الكارثة رغم ان أقسام أخبار الطقس بنفس القنوات كانت قد أذاعت نشرات إنذارية رغم سطحية وعمومية معلوماتها .
غابت الحكومة البنكيرانية وفضل وزراء فيها من ضمنهم رئيسها السفر للقاءات حزبية مبرمجة من قبل ، قلنا إن الحكومة ضعيفة ولاشجاعة سياسية لديها لاتخاذ قرار التحرك بدون ضوء اخضر من القصر الملكي الذي سمح للدرك بإرسال مروحيات لإنقاذ الاجانب المحاصرين دون المغاربة .
غاب ملك الفقراء والكوارث عن الميدان على غير عادته ، وقلنا إنه مريض وقبل أن نكمل دعوات الشفاء العاجل له ظهر في الامارات العربية يتجول بين الناس ويلتقط الصور في مولاتها بلباس صيفي وقلنا من حقه أن يأخذ عطلته متى شاء ويذهب الى حيث يشاء وليذهب منكوبي الفيضان الى الجحيم .
بعد كل الغياب الرسمي ملكا وحكومة وسلطات محلية وعجزه المزمن عن الوقوف الفعلي الى جانب الالاف لانقاذ مايمكن إنقاذه وإعادة بناء مادمر كأي نظام يحترم نفسه وشعبه ، قلنا لابأس ليعلنوا تضامنا رمزيا كأضعف الايمان ويعلنوا حدادا ولو ليوم بل لساعة بل لدقيقة ترحما على العشرات من الضحايا . إشارة لن تكلفهم ماديا شيئا لكن أثرها المعنوي في نفوس الاسر المكلومة كبير لو يعلمون .
اليوم رحل ملك السعودية بعد عمر طويل جدا وبعد حياة بذخ ماجنة وسلطة قاهرة وأدلجة دينية ماكرة فجة من المهد الى اللحد سارعت الدولة المغربية ملكا وحكومة دقائق فقط بعد إعلان الوفاة لتعلن الحداد بكامل التراب المغربي وتمثيلياته بالخارج وتنكيس الاعلام لثلاثة أيام كاملة .
وكأن هؤلاء المسؤولين المغاربة يقولون بكل وقاحة : أي نعم حزينون على رحيل ملك السعودية ومفروض عليكم أن تكونوا كذلك لأن عبد الله بن عبد العزيز من خيرة الادميين المصطفين بينما أنتم مجرد شعب من الاوباش لاقيمة لحياتكم فأحرى لموتكم .
رسالتكم وصلت بوضوح ياسادة لأنها عبارة فقط عن تذكير لخطاب القذف والسب والشتم الذي ألقاه الحسن الثاني ذات يناير 1984 بكل جرأة حين وصف مغاربة أحرار إنتفضوا لكرامتهم وآدميتهم بالاوباش أي البخوش !!!

تنويه : هذا بيان القصر الملكي حول وفاة ملك السعودية وآسف لعدم وجود بيان حول فيضانات الجنوب لأن النظام المغربي يعمل بمقولة لامقارنة مع وجود الفارق :

في ما يلي نص بلاغ الناطق الرسمي باسم القصر الملكي:
"تلقى صاحب الجلالة الملك محمد السادس، حفظه الله، بعميق الأسى والحزن النبأ المفجع، لنعي المغفور له خادم الحرمين الشريفين، الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود، تغمده الله بواسع رحمته ورضوانه.
وبهذه المناسبة الأليمة، أصدر جلالة الملك، أعزه الله، أمره السامي بتنكيس الأعلام الوطنية لمدة ثلاثة أيام، على المباني الحكومية والإدارات والأماكن العمومية، وكذا سفارات وقنصليات المملكة بالخارج، لفقدان المملكة العربية السعودية الشقيقة، والأمة العربية والإسلامية لأحد قادتها الكبار، تعبيرا من المغرب، ملكا وشعبا، عن مشاطرته الشعب السعودي حزنه على إثر هذا الرزء الفادح، في فقدان قائد وملك شهم ربطته بالمغرب، روابط أخوة صادقة.
وبأمر من مولانا أمير المؤمنين صاحب الجلالة، أطال الله بقاءه، ستقام صلاة الغائب بمساجد المملكة، بعد صلاة يومه الجمعة".