أيتها العاطلات، أيها العاطلون وأشباههم، كل أيام السنة وأحلامكم بخير.
يحتفل العالم كل سنة باليوم الأول من ماي، من خلال تنظيم المسيرات والتظاهرات في أغلب بلدان العالم، مؤدى عنها بطبيعة الحال.
إنه يوم تؤكد الطبقة العاملة والباطرونات والحكومات من خلاله أنها طبقات أممية، رغم اختلاف الأوطان والأديان واللغات، الخ...
يخرج عمال العالم في يوم واحد ويصرخون بصوت واحد ضد الاستغلال والاضطهاد والفقر. وتستريح الباطرونا في عطلة مجبرة لأخذ نفس مستقطع. والحكومات تكتفي بالتنظيم واحتساب المشاركين لتلميع صور الديمقراطية في بلدها...
إن أهمية هذا اليوم الأممي هو ما يجعل الطبقات السائدة في العالم، تتعاون في ما بينها داخل الأجهزة والمنظمات المعترف بشرعيتها داخل المجتمع... وتحاول إفراغه من مضمونه الكفاحي. ثم تنسي العاطلين والمحرومين من العمل...
حتى صار يوم عيد للاحتفال. منحته الطبقة الرأسمالية والحكومات للعمال.... لكن الحقيقة مختلفة تماما عن هذا الادعاء، لقد كان يوم فاتح ماي منذ البداية يوما للنضال ولم تفرض الطبقة العاملة حقها في الاحتفال به إلا بعد نضالات مريرة وتضحيات جسيمة طيلة عشرات السنين.
في الولايات المتحدة الأمريكية، إذ خلال مؤتمر للنقابات قرر العمال الأمريكيون، سنة 1884، واختاروا تاريخ البدء في التحرك من أجل هذا المطلب يوم فاتح ماي، لأن الكثير من الشركات آنذاك كانت تعتبره بداية السنة المالية، وكانت عقود العمل تنتهي في هذا التاريخ.
وبما أن السنة المالية في جميع بلدان عصرنا الحالي، تبتدئ في فاتح أبريل، لذا أطالب بتخصيص يومه عيد للعاطلين عن العمل... رغم مصادفته بيوم الكذب. وهو يوم يسمح للعامة فيها بالكذب إسوة بالسياسيين والبطرونات في إشارة لسواسية الناس في قول المستحيل و الضحك على الذقون...
سيتيح للعاطل إمكانية الكذب على نفسه بوهم العيد، ولو مرة في السنة... تم أنه يوم لن يكلف مليما أحمرا لخزائن البطرونات والحكومات... مادامت تؤدي أجورها للعاملين وهم في عطالة مثل الأيام أخرى...
ستستفيد الحكومات ورجال المال والأعمال في إشعاع صورهم ونضالهم وتعاطفهم مع بقية شرائح المجتمع... وسيعطى الانطباع الحسن والجيد والأمثل للديمقراطية في ظل الإستتناء المغربي...
كما سيتجند كل عاطلي هذا البلد لتكريس واقع أجمل بلد في العالم... ولما لا مطالبة الأمم المتحدة بجعله يوما عالميا... ثم العمل في إطار أممية عالمية من اجل جعل إحدى مدننا عاصمة ومقرا عالميا للمنتدى... وللتعريف بقضايا الدولة والشركات العادلة....
إن ابتسامات الصفراء لأرباب العمل وهراوات الحكومات ومشاغل السياسيين لن تثنينا على النضال. رغم كل أدوات القمع وتكميم الأفواه...
ستستمر العاطلات والعاطلون في مختلف مدن مغربنا الحبيب في المطالبة لتخليد هذا اليوم الوطني وجعله يوما للنضال من أجل مختلف المطالب: تخفيض ساعات العطالة بدون تخفيض سقف دعواتكم لنا بالصبر، الحق في تنظيم المعطلين وأشباههم، الحق في التعبير، الحق في الزكاة الفطر، إنشاء صندوق وطني لجمع مداخيل أشباه المعطلين وتوزيعها بشكل ديمقراطي بين كل شرائح المجتمع...
عندما ستشرق شمس الحرية ستتمكن الإنسانية وتستمر ربما في الاحتفال بيوم الفاتح من أبريل / نيسان من أجل تخليد ذكرى النضالات المريرة والمعانات الهائلة وتكريم الشهداء...
كما أننا ندين كل أساليب القمع والإقصاء التي لا تتوقف عن استفزاز المعطلين وأشباههم من المتسولين، وممتهني الحرف البسيطة والموسمية... وإرهابهم. حيث قلما يمر فاتح من كل شهر دون أن تقوم قوات البوليس باعتقال بعض المتظاهرين بحجة سب المقدسات ورفع شعارات تبخيس قرارات الحكومة وأرباب العمل بتواطؤ مفضوح من المركزيات النقابية، وعرقلة الشارع العام.... وكل هدفها إرهاب العاطلين وجعلهم يتخلون عن التظاهر خلال أيامهم الوطنية.
مما يجعل دفاعنا - نحن العاطلين/ المعطلين وأشباهنا - عن حقنا في التظاهر وجعل يوم وطني لنا إسوة بالعمال و الموظفين وباقي شرائح المجتمع إلى جانب الطبقة العاملة العالمية، جزءا لا يتجزأ من نضالنا العام من أجل الحرية السياسية وضد نظام الاستغلال والقهر والسخرية.
سعيد تيركيت
الخميسات - المغرب - 29 / 04 / 2015