..... مساء الأربعاء؛ الرابع عشر من شهر ماي الثوري؛ وصلت كلية الحقوق رفقة الغالي سبيريت في الوقت المناسب؛ إذ قرر الاتحاد الوطني لطلبة المغرب القيام بمسيرة سلمية صوب الرئاسة الجامعية بكلية العلوم؛ مئات الطلبة كانوا في الموعد؛ وقتلة غاليليو كانوا في الموعد أيضا؛ طوقوا الجامعة وحيها؛ بعد أن لجأ العديد من الطلبة إلى الأحياء المجاورة؛ حوالي أربعمائة طالب تجمعوا وسط الحي الجامعي معلنين مواجهة قوات القمع التي كانت على أهبة الاستعداد؛ بقواتها الخاصة وقنابلها المسيلة للدموع؛ الرشق بالحجارة كان البداية؛ ثم إحراق أفرشة الحي الجامعي البالية بغية تحصينه؛ وهو ما تم بالفعل؛ حيث لم تتجشأ فيالق القمع على الهجوم؛ عطب تقني في صفوفنا أتاح لها الفرصة: باب يؤدي إلى منزل مدير الحي الجامعي لم نعره اهتماما قاد القافلة إلى الغرق؛ السيمي يداهم قلعتنا لتثبت الدولة المغربية وللمرة الألف أن المغرب ليس فقط أجمل بلد في العالم؛ بل الأجود والأكرم أيضا على مستوى المتوسط؛ وليبدأ بعد ذلك فصل أخر من العقاب الجماعي وسط ساحة الحي الجامعي بعد تجميع الطلبة هناك.
دخلوا الحي الجامعي بأعداد كبيرة؛ طاردوا الطلبة والطالبات في كل مكان حتى في مخادع نومهم؛ والهدف طبعا تكسير شوكة أوطم الذي بدأ في استرجاع أنفاسه من خلال المعارك البطولية التي يقودها؛ معظم الطلبة لجأوا إلى أسطح عمارات الحي الجامعي حيث كل المنافذ المؤدية للخارج مغلقة؛ اقتفوا أثرنا في كل الأماكن والزوايا؛ ثم صعدوا الأسطح؛ كنت مختبئا بالعمارة c داخل إحدى الغرف مع بضعة طلبة؛ سرقوا هواتفنا ونقودنا كما هي عادة الغزوات البوليسية.
..... تم اقتيادنا ذاك المساء إلى كوميسارية جامع الفنا تحت وابل من الشتم والإهانات؛ بعدما أصبحت ضلوعنا لم تعد تحتمل مزيدا من الضرب. داخل مخفر الشرطة بدأت الاستنطاقات مرفوقة بالتعذيب؛ بعد أن تم تقييدنا من الخلف ووضع العصابة على أعيننا؛ استمر الاستنطاق؛ واستمر معه التعذيب حتى الثانية صباحا؛ حملونا بعد ذلك إلى مستشفى ابن طفيل؛ تلمسونا قليلا هناك وكأنهم أُعلموا من قبل ليصرحوا بأن حالتنا الصحية جيدة؛ عدنا أدراجنا إلى المخفر؛ جردونا من الأحزمة والساعات والخواتم؛ وحتى من أحزمة أحذيتنا؛ ثم ألقوا بنا أسفل الدرج؛ كانت الساعة تشير إلى حوالي الثالثة صباحا؛ هناك لا مجال للنوم؛ الدهليز مملوء عن آخره؛ ظللنا نتقلب طيلة الساعات المتبقية للصباح ونواسي بعضنا البعض؛ عند السابعة صباحا فتحوا الباب؛ دخل شرطيين؛ شرعا يعدان النزلاء بشكل لا يخلو طبعا من الاستفزاز.....
في الليلة الموالية ألقوا القبض على إحدى عشر رفيقا ضمنهم رفيقة في محيط الجامعة بعدما تم تطويقها بكافة أشكال القمع؛ جلبوهم إلى الكوميسارية بعدما نكلوا بهم أيما تنكيل؛ أحد الرفاق استطاع النجاة حيث تظاهر بعدم القدرة على النهوض فتركوه خارج الكوميسارية ثم أرسلوا في طلب سيارة الإسعاف التي حملته إلى مستشفى ابن طفيل؛ هناك تدبر أمره وفر بذكاء...... يتبع