بقلم محمد علوي
خلال الخمسة و ثلاثين يوما من الاعتصام و الإضراب عن الطعام الذي خاضه الصحفي المناضل علي لمرابط تعلمنا درسا مهما، و هو ان المخزن نظام جبان، ان وقفت في وجهه صامدا سيتراجع حتما لانه بخشى الرأي العام الدولي، و لما يكثر عليه الضغط الخارجي و أصوات المغاربة الأحرار و أصدقاؤهم من كل بقاع العالم حينئذ يدخل جحره كالفأر مرتعشا.

لما خرجت الحشود في كل مدينة و في كل قرية للاحتجاج السلمي ضد المخزن في شهر فبراير 2011، لما كانت حركة عشرين فبراير آنذاك في اوجها و قمة قوتها، و غليان الشارع المغربي على وشك الانفجار، توقف المخزن عن تعنيف الشباب المشاركين في الاحتجاجات السلمية خائفا تائها، و تسلطت عليه كميرات الفضائيات العالمية لتغطية ردة فعل السلطات التي لم تكن حاضرة في الشارع المغربي، و كانت آنذاك أصوات الشعب عالية مدوية تطالب باسقاط كل شيء طالما عانت منه، فتزعزعت ثقة النظام و تراجع جبروت المخزن، فخرج علينا الملك ليلقي خطابه الذي لقبه ابواق المخزن "بالخطاب التاريخي" لكن في حقيقة الامر كان الملك مجبرا على إلقائه، و لم يكن صادقا في رسالته الى الشعب المغربي، و الدليل على ذالك انه تراجع فيما بعد عن كل وعوده عندما خمد الاحتقان و قررت جماعة العدل و الاحسان التخلي عن عشرين فبراير، فتمكن النظام من انزال دستور وهمي لا صلة له بالديمقراطية لا من قريب و لا من بعيد. و ظهر ذالك عندما شاهدنا حريات المغاربة في تراجع مستمر، و أعلنت وزارة الداخلية فيما بعد حربها على الجمعيات الحقوقية و على جميع الصحفيين المستقلين، و نفذت حملة انتقامية ضد كل نشطاء عشرين فبراير البارزين.

لقد حان الوقت للرجوع الى الشارع المغربي و تنظيم الاحتجاجات السلمية بمشاركة كل الاتجاهات و الأيديولوجيات في جميع ربوع المغرب لنصحح مسار هذه البلاد التي يتجه بها المخزن الى الخراب الحتمي بسياسته التائهة. مستقبل المغرب رهين بالانتهاء من هذا النظام الفاسد المضطهد المستبد الذي لا يأبه لمصالح الشعب و لا مصالح الوطن. الديون في ارتفاع مهول، و سياسة التقشف ستزيد من قساوة الظروف المعيشية للسكان، و ميزانية الدولة التي تتخد بعدا أمنيا للحفاظ على بقاء سلطة الملك المطلقة، لم تدع المجال و لا الموارد المالية للاستثمار في التنمية البشرية و الصحة و بتاء ثقة المغاربة في مؤسسات الدولة، فالفساد و الرشوة أصبحتا ظاهرة مخيفة و لا تشجع المغاربة و لا الأجانب على الاستثمار في المغرب، زِد على ذالك اقتصاد الريع الذي ينهب و يهرب الأموال خارج البلاد حتى صارت معظم الابناك تعاني من ضعف السيولة، اما قطاع السياحة ففي تدهور مستمر بسبب الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها أوروبا و باقي دول الجوار، كلها رياح تهب عكس ما يشتهيه قارب مغربنا العتيق.

خطاب الملك الأخير كان اعترافا غير مباشر بفشل سياسته و مدى خطورة سلطته المطلقة على مستقبل البلاد، محاولا طمأنة الجالية المغربية في الخارج التي أصبحت من اكبر الناقدين و الرافضين لما يرونه من فساد و عناد من طرف اجهزة المخزن داخل و خارج الوطن.

لقد حان الوقت لاستدراك ما لم يحصل عليه الشعب المغربي من مطالب في الأربع سنوات الماضية، و على المخزن ان يعلم ان نداء الشعب ازلي لا يموت، لازلنا ننادي بنظام ديمقراطي و لن نتراجع حتى يقتنع كل مواطن انه حصل على حقه في الحرية و الكرامة و العدالة الاجتماعية تحت دستور يكتبه الشعب لأجل الشعب .