ينايري / الكرومي عبد الرحمان . الرباط
نظمت التنسيقية الوطنية للاساتذة المتدربين بالمراكز الجهوية لمهن التربية و التكوين بالمغرب صباح يوم السبت 12 دجنبر 2015 بالجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي بحي المحيط –الرباط- ندوة علمية فكرية تحت عنوان: "التعليم و التشغيل العموميان بين واقع الهجومات و افاق توحيد النضال" و قد عرفت هذه الندوة حضور تمثيليات عن التنسيقية الوطنية للاساتدة المتدربين بالمراكز الجهوية بالمغرب، و كذا تمثيلية عن اطارات اخرى (الجامعة الوطنية للتعليم العالي، الجبهة الوطنية ضد البطالة، اتحاد شباب التعليم بالمغرب، الاتحادالوطني للاطر العليا...) و كذا ثلة من الاساتذة المتدربين و المهتمين بقطاع التعليم.
بعد الترحيب بالحضور باسم التنسيقية الوطنية للاساتذة المتدربين بالمراكز الجهوية بالمغرب، تمت توطئة الندوة في اطار استمرارية المعركة الوطنية التي تخوضها التنسيقية من اجل اسقاط المرسومين و قبيل أيام من المسيرة الوطنية المزمع تنظيمها بمعية العائلات يوم الخميس 17 دجنبر بالرباط.
و قد تطرقت المداخلات الى تشخيص وضعية التعليم العمومي بالمغرب، في ظل سياق عام تستمر فيه الدولة بنهج سياسة شرسة تهدف إلى الاجهاز على قطاعين حيويين هما الصحة و التعليم، بحيث اكدت مختلف المداخلات على تأزم وضعية التعليم العمومي بالمغرب، ازمة لم يتم التعاطي معها وفق منطق الاصلاح، علما ان الحكومة بنفسها تعترف بوجود ازمة بنيوية، لكن رغم كل المخططات السابقة و الحالية لم تتمكن الدولة من النهوض بهذا القطاع الحيوي و الاساسي، و مرد ذلك حسب احد المتدخلين الى ان الدولة لم تستطع بعد الاجابة عن السؤال المحوري و المتعلق بسبل النهوض بهذا القطاع، في ظل ما وصف بالسياسة اللاشعبية التي تتعامل بها مع التعليم بالمغرب، فماذا تريد الدولة من التعليم؟ يتساءل احد المتدخلين.
ان تشخيص واقع التعليم بالمغرب يفرض علينا الحديث عن سيرورة تاريخية و تراكمات عرفها هذا القطاع على مر السنين، علما ان مرحلة ما بعد الاستقلال عرفت نمواً نسبيا خلال السنوات الاولى، نتيجة نضالات الشعب المغربي من اجل الدفاع عن مجانية التعليم و عموميته، لكن اليوم تريد الدولة ان تدخل هذا القطاع في معادلة الخوصصة خدمة للوبيات القطاع الخاص و ضدا على طموحات الشعب المغربي في تعليم عمومي و مجاني، و ليس المرسومين الوزاريين سوى تجسيدا لهذه النية في تفويت قطاع التعليم العمومي للقطاع الخاص، و ذلك عبر تكوين اساتذة و استاذات باموال الشعب -الطبقات الفقيرة و المتوسطة التي هي في حاجة ماسة الى التعليم العمومي- و تقديمهم كلقمة سائغة للمدارس الخاصة، على غرار ما يحدث في البرنامج الحكومي لتكوين عشرة الاف اطار هذا البرنامج الفاشل على حد تعبير المتدخل، مما يؤكد لنا ان الاصلاح في نظر الحكومة الحالية هو الاستثمار في التعليم العمومي، و الانصياع التام لاملاءات صندوق النقد الدولي، علما ان الواقع يقول ان الخصاص الذي يعرفه القطاع سيبلغ 30000 عند نهاية الموسم الدراسي الحالي، و ان خيرات البلد و موارده قادرة على توفير ما يكفي لتدريس ابناء و بنات الشعب المغربي، و الاقلاع بالمنظومة التعليمية وفق أبعاد ديموقراطية و شعبية ووطنية.
و اجمع المتدخلون على ان المرسومين الوزاريين ليسا سوى ضرب في مكتسبات الشغيلة التعليمية، بهدف تكوين اساتذة معطلين، و تقديمهم كهدايا للوبيات القطاع الخاص، فالاولي بهم ان كانوا يرغبون في الجودة و الاصلاح ان يحسنوا اوضاع الجامعات و المدارس العليا و النهوض بالبحث العلمي في مجال التربية و التعليم، لكن الواقع عكس ذلك، يقول احد المتدخلين: الدولة نجحت فيما تصبو اليه، اي في افشال المنظومة التعليمية العمومية، لتستمر عملية طحن الماء بشعار الاصلاح و اصلاح الاصلاح.
تمت الاشارة كذلك الى ان احتجاجات الاساتذة المتدربين تاتي في سياق عام يبين فشل سياسة الخوصصة، عن طريق برامج (برنامج تاطير، برنامج مقاولتي...) تسعى الى اتساع هوة البطالة و التهميش، برامج تعتقد الدولة انها بواسطتها تجيب على ملفات كبرى، ففي السنوات الماضية حاولت الدولة ان تمنع الاساتذة الذين يشتغلون في المدرسة العمومية من العمل في المدارس الخصوصية، لكنها اصطدمت بضغط باطرونا القطاع الخاص، و لعل هذا كان سببا كافيا لتنفيذ برنامج عشرة الاف اطار تربوي، الذي لم تلتزم المدارس الخصوصية بتوظيف خريجيه، و اليوم تتجه الحكومة الى المراكز الجهوية للاقبار دورها في التكوين و إنتاج المعلومة التربوية العلمية، و بالتالي الاجهاز على الحق في الوظيفة العمومية، عن طريق تحضير مشروع العمل بالعقدة، الذي جاء به مشروع اصلاح قانون الوظيفة العمومية، على غرار اصلاح الصندوق المغربي للتقاعد...
و في هذا السياق تطالب التنسيقية الوطنية للاساتذة المتدربين بالمراكز الجهوية لمهن التربية و التكوين بالمغرب، باسقاط المرسومين التخريبيين الذين صدرا بتاريخ 23 يوليوز 2015 مستغلة بذلك الحكومة فترة الفراغ التشريعي بدل ان تنتظر لتنزلهما كقوانين تعرف جيدا انها لن تلقى قبولا لا من البرلمان و لا باقي الفاعلين في المنظومة و لا الهيئات النقابية، و لم ينزلا بالجريدة الرسمية الى في شهر اكتوبر، اي بعد استئناف التكوين بالمراكز الجهوية، كما تطالب التنسيقية الحكومة بالتراجع عن سياساتها اللاشعبية في التشغيل، ملتزمة بدفاعها المشروع عن الحقين الثابتين و المقدسين في التعليم و الوظيفة العمومية، عازمة توحيد نضالاتها مع كافة الشرائح الاجتماعية التي تعرف سخطا و غبنا واسعين، الشيء الذي نستشفه ابتداءا من نضالات الطلبة الاطباء ضد وزارة الصحة و الخدمة الاجبارية، ثم الهجوم على مكتسبات الشغيلة التعليمية عن طريق اصدار مرسومين حولا عشرة الاف استاذ متدرب و استاذة متدربة الى مناضلين و مناضلات، داخل معركة بطولية،معركة كل الشعب المغربي ،معركة الدفاع عن التعليم العمومي و الحق في الوظيفة العمومية، هذه المعركة التي اخذت ابعادا اخرى بعد المقاطعة الشاملة للدروس النظرية و الميدانية قرابة 50 يوما من طرف الاساتذة المتدربين و من خلال الالتحام بكل الطلبة في الجامعات المغربية، الذين تعاطوا مع الملف المطلبي للتنسيقية الوطنية للاساتذة المتدربين، تعاطي تجسد في مسيرات تضامنية مع الاساتذة الذين تعرضوا للقمع و كذا تنظيم حلقيات داخل الكليات و عزمهم المشاركة في المسيرة الوطنية، و كذا طلبة المدارس العليا للاساتذة، الذين يتبنون هذه القضية عازمين الحضور يوم 17 دجنبر، على غرار اباء و اولياء و عائلات الاساتذة المتدربين، و الهيئات النقابية و الحقوقية و السياسية باصدارها لبيانات تضامنية و استعدادها للمشاركة في المسيرة الوطنية، الى جانب باقي الشرائح الاجتماعية.
و قد اشار المتدخلون الى ان مسالة توحيد النضالات واقع يفرض نفسه، و يستمد من طبيعة المطالب التي تستدعي الوحدة و التضامن، و هي مطالب بعيدة كل البعد كما اتفق الحاضرون داخل الندوة عن الانتهازية او ماشابه، بل هي مطالب نابعة من الايمان بان السكوت على هذه المراسيم الجائرة سيؤدي الى ما لا يحمد عقباه على مستوى التعليم العمومي و الوظيفة العمومية، اي الى تطوير القطاع الخاص على انقاض التعليم العمومي الذي لازال يعاني الويلات من مشاكل الاكتظاظ و الخصاص في الموارد البشرية و البنيات و المعدات، و قد عبرت التنسيقية بلسان ممثليها على استعدادها الى الانخراط في معركة نضالية مع كل من يدافع عن الحق في التعليم و الوظيفة العمومية، و ان ما يجمع التنسيقية الوطنية للاساتذة المتدربين بباقي الاطارات النضالية الحاضرة في الندوة هو وحدة المطالب، و وحدة العدو كما جاء في احدى المداخلات، و كذا الانتماء الى ابناء و بنات الطبقات الشعبية و الفقيرة.
و اختتمت الندوة بالتاكيد على الارتباط الجدلي بين الحق في التعليم العمومي، كحق يلزم على الدولة ان تقدمه دون مقابل كما هو متعارف عليه في المواثيق الدولية، و الحق في الوظيفة العمومية، هذا الحق الذي لم تكتفي الحكومة بمنعه عن طريق مراسيم و هجومات –ستستمر حتى بعد اسقاط المرسومين- بل لجأت كذلك الى حضر و قمع التظاهر من اجل النضال دفاعا عن الحقوق العادلة و المشروعة.
الخلاصات الأساسية لهذه الندوة هي توجيه نداء إلى عموم الشعب المغربي بكل فئاته و مكوناته،و كل المناضلين الغيورين...من أجل المشاركة في المسيرة الوطنية الشعبية الحاشدة،التي ستنظم يوم الخميس 17 دجنبر 2015.