شهيد الكلمة معتوب لوناس ،"زعيم الامازيغ". الذي زعزع باغانيه عرش كل الفاسدين الاقصائيين بالجزائر الذين يعملون ليل نهار على ابادة ثقافة شعب ، و هو الذي قال " أفضل الموت من أجل أفكاري على التعب والشيخوخة داخل سرير " .
مسار حافل بالأحداث لتشي غيفارا الامازيغ ، الفنان "المتمرد"، رمز الكفاح، المتربع على عرش المغنيين والموسيقيين في شمال إفريقيا.
ولد الثائر لوناس يوم 24 يناير 1956 بتوريرت موسى، احدى القرى المجاورة لمدينة تيزي وزو بالجزائر ، اثار الراحل الوناس جدلاً كبيراً في حياته بل وبعد رحيله. لما لا وقد جعل من فنه سلاح حاول من خلاله إعادة كتابة تاريخ مواز للثورة الجزائرية في مواجهة التاريخ الرسمي، ودافع عبر موسيقاه عن المطالب الثقافية والسياسية للشعب الأمازيغي في "منطقة القبائل" وشمال افريقيا ككل حيث صنع لنفسه اسما داخل وطنه وخارجه .. كان الثائر دائم الحضور في القنوات العالمية يدافع عن شعبه بكل قناعة وتفاني لم يفوت فرصة للظهور امام الجمهور الا وتطرق للقضية للامازيغية وشعبها المقهور داخل ارضه ووطنه ..
انطلقت مسيرته كمناضل ثقافي سنة 1980، في ما يسمى ب "الربيع الأمازيغي"، حيث اندلعت انتفاضة ثقافية طلابية تعرض خلالهل شبابها للاعتقال التعسفي والتعذيب والقتل، لتتحول تلك الانتفاضة بعد ذلك إلى واحدة من أشد الحركات معارضة في الجزائر. بعد مرور ثمان سنوات عن الانتفاضة المذكورة ، وفي احتجاجات أكتوبر 1988، تعرض معتوب لاعتداء بالسلاح نجا بأعجوبة من موت محقق، اذ اصيب الراحل بخمس رصاصات بجسده لم تكن كافية لتنال من من وقف ضد الظلم واحتقار شعب ومحاولة طمس هويته وتاريخه ..
ورغم كل محاولات الاغتيال ، لم يتنازل عن قناعاته، كان بامكانه ان يبقى خارج الوطن ويستقر بفرنسا ويبدع في مجاله الفني لكنه لم يفعل لان قناعته بمشروعية مطالبه اقوى من كل الإغراءات ..
يقول في حوار له ، عن احتجازه من طرف الجماعة الإسلامية المسلحة، في شتنبر 1994: "كان ذلك مروعا، عشت الموت في كل يوم، كنت أنتظر أن يتم إعدامي في أية لحظة " قال ذلك وهو الذي الجرب الموت لكنه ظل صلبا لم تنل منه محاولات إسكات صوته المتمرد المنادي بالتحرر شيئا .
و شهيد القضية شخصية مثيرة للجدل، وقد دون سيرته الذاتية في مؤلفه "Le Rebelle » المتمرد" وهو إصدار باللغة الفرنسية تمت ترجمته إلى العربية بعد ذلك، حسث حاول الكاتب سرد تفاصيل حياته،انطلاقا من عالم طفولته ومسقط رأسه، ومرحلة انخراطه بالجيش الجزائري وظروف الثورة الجزائرية ضد الاستعمار الفرنسي ،وكذا استقلال الجزائر. إضافة إلى الحديث عن الطمس الممنهج والقمع الذي مارسه النظام الجزائري ضد الهوية الحقيقية ،دون ان يخفل الحديث عن آراءه بخصوص القضية الامازيغية وتطرقه للأسباب التي يراه حالت دون تحقيق الانسان الامازيغي لطموحه و الحصول على حقوقه. كما توفق في إعطاء صورة حية عن المجتمع الجزائري تحت سلطة الاستبداد وايضا حديثه عما رآه من طرد الجيش الجزائري لآلاف المهاجرين المغاربة القدماء وسلب أموالهم وشحنهم على شاحنات عسكرية قبل إفراغهم على الحدود المغربية .. " هي سيرة ثائر حاول أن يجمع بين دفتيها حياته المليئة بالمحطات النضالية والصراع من اجل انتزاع الحقوق المشروعة وأيضا آراءه سواء بخصوص القضية التي تهمه او نظام الحكم الاستبدادي بوطنه .
معتوب التحق بالعمل العسكري ، حيث كانت في ذلك الوقت مواجهة بين المغرب والجزائر وقد عين في مصلحة المعدات العسكرية، وهو الأمر الذي أتاح له إمكانية معاينة كل أشكال الشطط في الثكنات العسكرية. حيث تولى مهمة الحراسة ورأى خلالها آلاف المغاربة يغادرون الجزائر بعد قرار بومدين بطردهم، يقول معتوب في الفصل الثاني من كتابه «تجمعنا جذور مشتركة بهم، كانوا من أمازيغي الجنوب المغربي بالأطلس الكبير، في أعماق جبال القبائل، اكتشفت مع بني جلدتي أن ثمة مغاربة نتحدث وإياهم لغة واحدة» هنا تكمن إنسانية معتوب ووعيه المبكر بان الصراع الدائر بين الدولتين هو صراع الحكام وليس صراع الشعب . الشعب الواحد الذي تربط بينه أكثر مما يقال ويعتقد انه شعب واحد الشعب الامازيغي الذي فرقت بينه الانظمة الحاكمة وحاولت تدجينه بشتى الوسائل ..
وبعد أدرك معتوب أن الجزائر والمغرب ستدخلان في حرب عبثية لا محال، وانه لو أرسل إلى جبهة القتال فلن يكون قادرا على إطلاق ولو نصف رصاصة، ومن اجل التخلص من هذه الورطة التي لن يستطيع مجاراتها فكر في التخلص من جحيم الجندية وفطن إلى خطة هي وحدها الكفيلة التي ستخلصه من هذا الجحيم ، حيث كتب رسالة ادعى بأن أمه بعثته إليه تخبره بعودة والده صحبة فرنسية للزواج منها ولأن معتوب من منطقة جبلية تعرف بكثرة المهاجرين وخصوصا فرسنا فقد كانت كانت هذه الكذبة هي الخلاص ، وقد منحه قائد الفرقة لهذا الأمر رخصة خاصة في ثلاثة أيام لكن معتوب ورغبة منه في التخلص من الجندية بصفة نهائية حول الثلاث أيام إلى عشرة بالرغم من معرفته المسبقة أن ذلك سيعرضه لعقوبات قاسية مباشرة بعد عودته وبالفعل ذلك ما كان حيث حلق شعره ووضعه في حفرة لمدة خمسة عشر يوما عقابا له على فعلته هاته لكنها بالنسبة له اهون من ان يطلق الرصاص على احدهم
وعرف معطوب لوناس بدفاعه القوي عن الثقافة الأمازيغية، مطالبا بإلحاح إدراج اللغة الأمازيغية كلغة رسمية إلى جانب اللغة العربية علما ان اللغة العربية هي اللغة الثانية للشعب الامازيغي بشمال افريقيا وعمل الراحل على انتقاد النظام الجزائري في اغانيه ، وقد تعرض الفنان نتيجة لهذا التمرد والنضال قبل اغتياله لإطلاق النار من عناصر الدرك الوطني الجزائري وسقط جريحا في منطقة القبائل عندما كان يوزع مناشير داعية إلى مساندة الانتفاضة الشعبية التي عرفتها الجزائر العاصمة أكتوبر 1988.
ة يوم الخميس 25 يونيو 1998 بينما كان الثائر يتولى سياقة سيارته خارج مدينته اغتيل من طرف مسلحين ملثمين و تعددت السيناريوهات حول الجهة التي كانت وراء اغتيال المغني الجزائري الكبير معطوب لوناس. حيث البعض وجه أصابع الاتهام للإرهابيين الإسلاميين، الذين سبق واختطفوه لمدة 15 يوما في 1994، والبعض الآخر اتهم المخابرات الجزائرية خصوصا وان معتوب صوتا مزعجا للاجهزة الجزائرية حيث ظل ينتقد النظام الجزائري حتى آخر دقيقة من حياته ..فكلماته لم تكن كالكلمات بل كانت رصاصات تستقر في قلوب الذي اغتالوه ..
نعم قتل لوناس لكن لم يمت في قلوب الامازيغ ففي كل سنة، تنظم العديد من التظاهرات الفنية والثقافية والندوات والمحاضرات للاحتفال بهذه الذكرى، التي لا يريد سكان منطقة القبائل نسيانها لما يحمله الملقب بـ "المتمرد" من رمزية فنية ونضالية. ولا يقل العدد اليومي لزوار المؤسسة التي تحمل اسمه عن 150، في حين تحكي فيه استطلاعات الرأي في الجزائر أن سكان تيزي ووزو لا زالوا يقولون أن ''هذا الرجل لم يمت إنه في قلوبنا معنا في كل لحظة وفي كل مكان لا نمل من التعلق به لن يأتي علينا يوم ونحن بعيدين عنه.
تقول أمه " لا يمر يوم علي دون أن أبكيه بحرارة، الذين قتلوا ابني، قتلوني أيضا في نفس اللحظة في نفس المكان وبنفس الطلقة " .

نعم غادر لوناس الجميع، لكن ذكراه تظل خالدة في أذهان سكان "القبايل " والامازيغ بصفة عامة .. واليوم فالنظام الجزائري ان استمر في تعنته و عدم كشف حقيقة اغتياله فانه سيكون امام حقيقة رفع عائلة الشهيد لقضيته امام القضاء الدولي من اجل ان تنكشف الحقيقة .. حقيقة اغتيال انسان حر قال لا لم يرضي ان يعيش مدلولا في وطنه لم يرضى ان يرى تاريخه وهويته تطمس .. فمهما احاطوا قضية اغتيال الثائر معتوب لوناس بجدران الصمت واخفاء الحقيقة فسيأتي يوما وينكشف كل شيء خصوصا امام تنامي الوعي لدى الشعب الامازيغي بربوع تامزغا ..
فمن حق الامازيغية ان تفتخر بأبنائها الأبرار الذين جعلوا من حياتهم فداء لها ، كما من حقها كذلك أن تبكي خيانة بعض الأبناء الخائنين...